ـ من عبد الواحد الطالبي- مراكش ـ
لم نسمع ولم نشاهد ولم يثبت أن فنانا مغربيا أو مبدعا في مجال تخصص فني وإبداعي يشارك في مهرجان وطني أو دولي من المهرجانات الكثيرة والكبيرة التي تقام على امتداد الوطن في المدن والقرى على السواحل وفي سفوح الجبال، عبّر عن موقف وأعلنه أو أبدى رأيا وتبناه حول قضية من القضايا التي تشغل الناس وتجعل الفن في صميمها منخرطا فيها.
ولم يتعلم فنانو المغرب من نظرائهم الغربيين وبعض المشارقة التزام الفنان، وترفعوا استثناءا -وعلى غيرالعادة- أن يقلدوهم ويكونوا ملتزمين مع قضايا الشعب والأمة والإنسان عامة، برفع الصوت والجهر بالحق أمام جماهيرهم والامتناع ولو مرة واحدة عن تسلم جائزة أو الإحجام عن ارتقاء منصة للغناء أو الرقص أو التمثيل…ورفض المشاركة في مناسبة ينتظر الجمهور ظهورهم وطلوعهم نجوما حقيقيين.
لا نجومية دون التزام حقيقي بقضية، والتزام بمبدإ، والإيمان بالحرية والكرامة؛ ولا نجومية بلا وفاء للثوابت والتحلي بالقيم والإخلاص لها. والفنان إنما هو نجم لأنه في سماء العلياء تَصَعَّدُ إليه الأنظار بما يتلألأ منه ويشيعه من نور الهداية والتوجيه بالتوعية والتثقيف والتهذيب لما يجب أن يسود المجتمع من وعي بالقضايا العادلة وفي مقدمتها الدفاع عن الحقوق لاسيما الكرامة.
فهل يكون الفنانون المغاربة نجوما وهم يركبون سيارات المنظمين الفارهة إلى المهرجانات الباذخة والطريق إلى المهرجان غبار ونقع وحفر وبؤس على القارعة وظلم وراء السياج وعنف بالانتظار وطفولة مغتصبة، والفنان يستطيب جوع البسطاء ويستلذ عرق الأشقياء ويستغني بمال الفقراء، يتبدى في أبهى الحلل مزهوا يصدح أمام حناجر مبحوحة برفع صوت المطالبة بالإصلاح وبالديموقراطية وبالكرامة وحقوق الإنسان… وهو ينتشي لا يبالي أن الجمهور بحاجة لمن يسمع صوتهم لا للذي يسمعهم صوته.
وهل يكون الفنانون المغاربة نجوما بلا سنا البريق الذي يفتح للناس طريق الأمل بأفضلية الغد عن الحاضر، أما وهم يكرسون واقعا يفقأ العيون على مستقبل يراه الجمهور أمام عيونه يتجمد بميزانيات للتنمية ترصد لمهرجانات يضعها الفنانون في جيوبهم ويرحلون ثم يعودون ولاشيء تغير في موقع المهرجان سوى الغبار الذي تطاير والأعلام والأضواء وأبواق الزعيق التي في كل موسم تنصب بأموال للفنانين وللمسؤولين كل لهم منها نصيب.
أي الفنانين من بلادنا توقف في طريق الحفر وفي بيت مهدوم وعلى ماء غاض وحول بئر غار وساقية جفت، ومدرسة نأت ومريض بلا دواء ويتامى بلا معيل، وجماعة بلا موارد، ومال عام تبدد دون حسيب ومسؤول فاسد، وظلم كبير واقع وكرامة مسلوبة وحق ضائع، ليقول كلمة النجم.
النجم هو الكلمة التي تغير العالم، والنجم كالنبي معلم ومبشر، والنجم هو النور الذي يرى به حتى العمي، والنجم هو الموقف الذي يُجهَر به صدعا في السر وفي العلن وأما عدا ذلك فالفنان في حضيض الدرك الأسفل (انتهى)