‏آخر المستجداتلحظة تفكير

الشاعر عبد القادر العلمي يكتب عن الشعر في يومه العالمي

في 21 مارس من كل سنة يخلد العالم بمختلف ثقافاته اليوم العالمي للشعر بعد أن أقرت ذلك منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) سنة 1999 اعترافا بأهمية الشعر في التعبير عن المشاعر والأفكار والطموحات التي تراود الإنسان بأساليب مبدعة.

ويُتوخى من إحياء يوم عالمي للشعر التعريف بأعمال الشعراء وتعميمها وتكريم ذوي العطاء الملحوظ في مجال الإبداع الشعري ونشر الوعي بأهمية الشعر في الحياة الثقافية والفنية، والتشجيع على الإبداع الشعري ودعم الموهوبين الناشئين في هذا المجال.

وللشعر أهمية بالغة في الحياة الثقافية للمجتمعات المختلفة ويصنف من ضمن أقدم وأهم أشكال التعبير الأدبي في التاريخ البشري باعتباره أداة للبوح بما يخالج الإنسان من مشاعر في تفاعله مع محيطه الاجتماعي والثقافي وكيف يرسم طموحاته للارتقاء نحو ما هو أفضل وأجمل، ولذلك فقد لعب الشعر دورا هاما في بلورة الهوية الثقافية للمجتمعات عبر التاريخ وفي توثيق الكثير من الأحداث.

ويعد الشعر مرآة للهوية الثقافية لكل شعب من شعوب العالم حيث ينقل تجاربها وما يميز تقاليدها وعاداتها ومعتقداتها وطقوسها الاجتماعية والدينية بأسلوب إبداعي وصور فنية مما يجعله خزانا للتراث الثقافي يتيح التعرف عليه عبر الأجيال المتعاقبة.

والتعبير الشعري يتجاوز الكتابة النثرية العادية ويتيح رسم الأحزان والأفراح، والتأملات الفلسفية والوجدانية. كما يوفر فرصة لتواصل الشاعر مع الآخرين الذين يجدون في كلمات شعره وما تحمله من صور ومضامين صدى لمشاعرهم الخاصة.

وإلى جانب التعبير عن المشاعر الشخصية للشعراء فإن الشعر يعد أداة بالغة الأهمية في نقل وتعميم القيم الإنسانية المُثلى كالحرية والعدالة والكرامة الإنسانية والحب والجمال والسلام، وما لهذه القيم الكونية من أثر في خلق وتعزيز جسور التواصل والتفاهم بين الشعوب بثقافاتها المختلفة.

ويُعد الشعر مصدر إلهام للفنون الأخرى كالموسيقى، والمسرح، والرسم. فالكلمات والتعابير الشعرية تحفز الفاعلين في مختلف المجالات الفنية على التعبير بأشكال فنية أخرى، مما يثري الحياة الثقافية ويعزز التنوع الإبداعي والفني. كما تتفاعل هذه الفنون مع الشعر لتقدمه في حلل إبداعية تجعل جماليته أكثر جاذبية.

ويساهم الشعر في تطوير اللغة وإبراز جمالية التعبير بها من خلال استكشاف إمكانياتها البلاغية والإيقاعية، فالأساليب الشعرية التي تعتمد الاستعارات، والتشبيهات، والجناس، والخيال، تضيف ثراءً إلى اللغة وتمنحها قدرات تعبيرية أوسع. ويعتبر الشعر أيضًا وسيلة لحفظ اللغات واللهجات المحلية من الضمور والاندثار.

وبفضل طبيعته الرمزية والمعاني المتعددة التي يحتويها، فإن الشعر يحفز على التفكير النقدي والغوص في المعاني وتحليلها من زوايا مختلفة مما يشجع المتلقي على الابتكار وإعادة التفكير في مفاهيم مألوفة بأساليب جديدة.

وبإحياء اليوم العالمي للشعر لابد من استحضار دوره الحيوي في الحياة الثقافية ليس فقط باعتباره شكلا من أشكال الأدب وإنما باعتباره أيضا أداة للتواصل والتأثير والإلهام. ومن خلال الاهتمام بالشعر والاحتفاء بالأعمال الشعرية، نستطيع الحفاظ على تراثنا الثقافي وتطويره بما يخدم الإنسان ويسهم في تحقيق التفاهم والتنوع الثقافي.

‏مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Back to top button