(كش بريس/خاص) ـ من بين اللحظات التي يُنتظر أن تكون مميزة في الدورة الثانية لتظاهرة “ربيع المسرح” المقرر تنظيمها في مدينة تارودانت من 6 إلى 11 ماي 2024، لحظة تكريم الممثلة الكوميدية الفنانة نزهة الركراكي، تقديرًا وعرفانًا بمسارها الفني المميز في المسرح والتلفزيون والسينما.
يتعلق الأمر بممثلة متمكّنة من أدواتها وكفاءتها التشخيصية، لدرجة يخال معها المرء أن الأدوار فُصّلت على مقاسها وشخصيتها. ومن فرط صدق الأداء وعفويته وتلقائيته، تصير الشخصية المتقمَّصَة أكثر إقناعًا للجمهور وأكثر جاذبية له، فتتحقق بذلك مُتعة التلقّي.
سِرُّ فرادة نزهة الركراكي في التشخيص كونها تزاوج بين مستويين، فهي أحيانًا “تعيش” الدور، حتى تكاد تغيب الحدود بينه وبين ومؤدّيته. وأحيانًا أخرى تُشعِر المتلقي بأنها “تلعب” بالمفهوم الفني ـ الإبداعي، ما دام أن “للمسرح علاقة وطيدة مع اللعب في مبادئه وقواعده، إنْ لم نقل في أشكاله أيضا”، كما يذهب إلى ذلك باتريس بافيس.
كانت الحفلات المدرسية والمناسبات الفنية والوطنية فرصًا سانحة لها، خلال فترة الدراسة المبكّرة، لصقل موهبتها في التشخيص، خاصة وأن أسرتها الصغيرة لم تكن تبدي أي معارضة لهذه الميول الفنية، بقدر ما كانت مشجّعة لنزهة.
وبعد ذلك، حظيت بتحفيز وتشجيع من لدن عدد من رواد المسرح المغربي كفريد بنمبارك وأحمد الطيب العلج ومحمد حسن الجندي وغيرهم، حيث التحقت بمعهد التمثيل في الرباط، وشاركت في مسرحية “قاضي الحلقة” من تأليف أحمد الطيب العلج، حيث مثلت بجانب الفنان محمد الجم وغيره من النجوم. وكانت تسند لها أدوار صعبة فتؤديها بإتقان. وشكّل التحاق الممثلة نزهة بفرقة المسرح الوطني التي أسست سنة 1975 منعطفا هاما في مسيرتها الفنية، لا سيما نتيجة وجودها بمعية أسماء وازنة كمحمد الجم ومليكة العماري وعزيز موهوب والهاشمي بنعمرو… وتميزت منذ أعمالها الأولى، بشخصيتها المرحة والجدية في الوقت نفسه، ومن ثم بصمت على حرفية عالية في المجال الفني.
وهي دائما حريصة جدا على اختيار أدوارها، لا تقبل أي دور كيفما كان، لأنها تؤمن بأنه ينبغي أن تمتّع نفسها أولا بالدور، قبل أن تمتّع الجمهور. وتفضل أن تغيب عن الخشبة والشاشة، بدل تقديم أعمال لا ترضى عليها هي أولاً قبل رضى الجمهور.
نزهة الركراكي، ابنة مدينة الرباط، أيقونة الكوميديا بامتياز، ترسم بسمات البهجة على مُحَيَّا الجمهور، كما تثير لديه الضحكات الصافية، انطلاقًا من الأداء المبهر والحركات المتقنة واللكنة الخاصة المميّزة في الإلقاء. وبذلك، تمكّنت من أن تأسر قلوب المغاربة، شأنها في ذلك شأن فنانات الرعيل الأول وجيل القنطرة، أمثال: أمينة رشيد وفاطمة الركراكي وصفية الزياني وحبيبة المذكوري ومليكة العمري وفاطمة بنمزيان وثريا جبران وسعاد صابر وفضيلة بنموسى ونعيمة إلياس وعائشة ساجد وغيرهن…
وتواصلت نجاحاتها من خلال مسرحيات عديدة عُرضت داخل المغرب وخارجه، كما شاركت في التلفزيون، واستقطبت جمهورا عريضا ما زال يستحضر حواراتها وشخصياتها وبعض مفرداتها المميزة إلى اليوم. فقد شكلت هذه الفنانة على امتداد مسارها الفني ثنائيا فريدا مع عدد من شركائها الفنانين، أبرزهم مع الفنان القدير محمد الجم، إذ كوّنا معًا ثنائيا متميزا دخل قلوب المغاربة قبل بيوتهم بشكل لافت. نذكر في هذا السياق على سبيل المثال لا الحصر المسرحيات التالية: الرجل الذي، المرأة التي، جار ومجرور، ساعة مبروكة، اقدام الربح، وجوه الخير، هذا أنت، جا وجاب… واللائحة طويلة.
لم يقتصر نجاحها على المسرح، بل تعداه إلى التلفزيون حيث مثلت في العديد من الأعمال:
ـ المسلسلات: حب المزاح، من دار لدار، الفرقة، عزيزة، خالي عمارة، خاطر من ندير، دابا تزيان، صافي سالينا، أبواب النافذة، شجرة الزاوية، دار الهنا…
ـ الأفلام التلفزية: جاني أم بريء، مبروك، باب التوبة، الراحة والسياحة، أولاد البلاد، أسرار صغيرة…
ـ السينما: وداعا أمهات، وهنا ولهيه لمحمد إسماعيل، أصدقاء الأمس لحسن بنجلون، قفطان الحب لمومن سميحي، رياح توسان لجيل بيهات…
وإذا كانت نزهة الركراكي وجدت الدعم والتشجيع من لدن زملائها وزميلاتها في المجال الفني، وحظيت أيضًا بالتقدير والإعجاب من لدن الجمهور العريض، فإنها وجدت كذلك السند من لدن شريكها في الحياة، الفنان البشير عبدو، منذ تعرفت عليه في ملتقى فني بتونس عام 1982، وجمعهما الرباط المقدس منذئذ، فأصبحا من أشهر الزيجات الفنية الناجحة، وانضاف إليهما نجاح ثالث، يتمثل في ابنهما المطرب النجم سعد المجرّد.
عبد الرحيم المنياري: رجل الخشبة بامتياز
ولد الممثل عبد الرحيم المنياري سنة 1968 في المدينة العتيقة بالدار البيضاء، ببن مدرسة واد المخازن بالمدينة العتيقة ودار الشباب الحي المحمدي، حيث اكتشف موهبته ووجد ضالته: المسرح.
عاش عشقه صغيرا بين الكبار، قبل أن يختار احتراف مهنة المتاعب التي مازالت بالنسبة إليه عشقا يعاش بالكثير من المتعة.
جاءته فرصة الانتقال إلى المسرح في مرحلة الاعدادية ثم الثانوية وبعدها المسرح الجامعي ليأتي بعدها دخوله إلى المعهد المسرحي في مدينة الدار البيضاء، حيث درس 7 سنوات ليحصل على شهادة الوسام الأول وشهادة الاستحقاق وشهادة التخرج، مع الأستاذ محمد عفيفي، إضافة إلى مجموعة من التكوينات. بعد ذلك، التحق بالقناة الثانية حيث اشتغل كمساعد مخرج مدة 6 سنوات، وبعد ذلك تخصص في العمل ممثلا إلى ان أصبح مديرا في معهد سيدي بليوط لمدة تفوق 12 عاما.
هو رجل الخشبة بامتياز، فقد تألق في العديد من الأعمال المسرحية، نذكر منها: “الشاوش في المريخ”، “نصرانية كتزغرت”، “بلقاس وعباس فلاس فيغاس”، “الرقصة الأخيرة”، “سعادة الرئيس”، “من هنا دازو”، وغيرها.
على خطى الممثلين الكبار، زاوج بين الاشتغال على الأدوار المسرحية وأدوار السينما والتلفزيون، بداياته في السينما انطلقت من خلال فيلم “خياط الشرف” عام 1989، ثم اشتغل في العديد من الأفلام مثل فيلم “الشيفور”،”ياك أ جرحي”، “المسجون”، “الطريق إلى كابول”، “القمر الأحمر”، ” رقصة الوحش”، والقائمة طويلة.. اشتهر أيضا بأدواره الناجحة في العديد من المسلسلات، نذكر منها أدواره في برنامج “مداولة”، ومسلسلات “دموع الرجال” ، “السيدة الحرة” والسلسلة الفكاهية “سير حتا تجي” وغيرها.
حصل على عدد من الجوائز، أهمها جائزة أحسن ممثل في المسرح الاحترافي في مدينة مكناس، وجائزة أحسن دور رجالي في المهرجان السينمائي روتردام عن فيلم “المنسيون”.
لقاءان في “ماستر كلاس” وورشتان تكوينيتان
ضمن فعاليات الدورة الثانية من التظاهرة الوطنية “ربيع المسرح بتارودانت” التي ينظمها “مسرح الأفق” من 06 إلى 11 ماي 2024، سيكون لعشاق أبي الفنون موعد مع نجمة المسرح والتلفزيون، الفنانة مريم الزعيمي، في لقاء “ماستر كلاس” حول موضوع “التكوين في مسار الممثل”.
كما سيقام لقاء ثان مع النجم الفنان فريد الركراكي في “ماستر كلاس” حول موضوع “مسار الممثل في المسرح والسينما والتلفزيون”. واللقاءان معًا من إعداد وتسيير الباحثة والناقدة عفيفة الحسينات.
من جهة أخرى، وإيمانا بأهمية التكوين، واستكمالا للمسار الذي بدأ منذ سنوات، يعتزم مسرح الأفق تنظيم ورشة حول “بناء الشخصية المسرحية” لفائدة مواهب اقليم تارودانت، من 7 إلى 10 ماي 2024.
الورشة التي ستقام في الكلية متعددة التخصصات بتارودانت، يؤطرها الفنان الممثل والمخرج المسرحي الأستاذ عبد الله شكيري، وجه مألوف في السينما والتلفزيون، وذو سيرة زاخرة بالإنتاج الفني المسرحي الوافر، كونه يتميز بموهبة متفردة، أعطته الزخم المطلوب لمواصلة رحلة الإبداع على مستوى التشخيص والتأليف والإخراج، فضلا عن الدور الأكاديمي الذي لعبه في تطور تجربة المسرح الجامعي بالمغرب.
كما سينظم مسرح الأفق في إطار فعاليات الدورة الثانية من ربيع المسرح بتارودانت ورشة بعنوان “من النص إلى العرض / إنجاز عمل للمسرح المدرسي لفائدة أطر المؤسسات التعليمية والمهتمين بالمسرح المدرسي.”
الورشة تقام من 07 إلى 10 ماي 2024 في المركز الثقافي لتارودانت بتارودانت، ويؤطرها الفنان الممثل والمخرج المسرحي الأستاذ جواد العلمي، وهو من أبرز الممثلين المغاربة الذين بصموا على مشوار فني متميز من خلال الاشتغال كممثل فوق الركح مع الطيب الصديقي وعبد العظيم الشناوي ومحمد عفيفي وعبد المجيد شكير وبوسرحان الزيتوني وغيرهم… بالإضافة إلى حضوره في الدراما المغربية (سوق النسا، العام طويل، لعبة الخيانة…) والعربية (ملوك الطوائف، المرابطون والأندلس…) والعالمية (Le bureau des légendes, B.R.I, Djinns…) كما أخرج العديد من المسرحيات (الرهوط، هبال مبمونة، لُونكيط…)