الرايس حماد أوتمراغت عملاق آخر من عمالقة تيرويسا يرحل في صمت، وكأن القدر اختار أن يلحقه بصديقه وابن منطقته إيحاحان في نقس الأسبوع، وكأن بيزماون أبى إلا أن يستدعي اوتمراغت على عجل للحاق به هناك خلف الضباب.
وأنا بعد في مقتبل العمر، كنت من المدمنين على الحلقة، في الصويرة وأنا تلميذ بثانوية آكنسوس، حيث رأيت عن قرب خلال سنوات 87, 88, 89 الرايس محمد بن علي، العربي بيجاريفن، الحسين أمراكشي في بداياته، وقد كان باب دكالة، موقف الكيران، الساحة المخصصة للحلقة.
في الجامعة، كنت أتنقل إلى حلقة الرايس حماد اوتمراغت بإنزكان، إحدى الحلقات المميزة، كانت حلقته من الحلقات التي تعبق بأريج العلم والثقافة.
إضافة إلى فنه المتكامل، نضم وعزف وغناء، كانت لأوتمراغت، على خلاف العديد من الروايس، اهتمامات وانشغالات بما يعتمل في محيطه، كانت من فقرات حلقته اليومية مسابقة في أبجدية تيفيناغ بين جمهوره، يتوج الفائز بها بجائزة نقدية، كلن الفقيد والسنوات سنوات جمر ورصاص ممن يتقنون الأمازيغية تواصلا وقراءة وكتابة، وكان يتحدى المترددين على حلقته كل يوم بتمرين كتابة أو قراءة بتيفيناغ، ويقتسم مع الفائز محصول يومه.
من اوراش اوتمراغت ورش لم يكتمل، إنه ورش اوزان الشعر الأمازيغي، سألتقيه مجددا بأورير سنة 2006, تذكرته وأنا المتلهف سابقا لحلقته، ذكرته بها، تأفف لحال المهنة وأصحاب المهنة، هطاب أوتمراغت ملؤه الألم والحسرة، كيف لا وهو الناطق باسم الملايين من الصامتين وثقافتهم تباد وتموت.
صفق اوتمراغت لقصيدتي التي ألقيتها ذلك اليوم، صفق لنص من نصوصي في فترة الشباب: ءيتّْيارا فْلاَّ، نزلت من منصة الإلقاءات فناداني وأحلسني قربه، قبلت رأس تختزن الكثير الكثير، تناولنا وجبة العشاء في ضيافة سي عبدالله بليليض، فقيد الثقافة الأمازيغية والإنسية الأمازيغية، وقضينا ثلاثة أيام من النقاش والأخذ والرد حول الشعر.
كان اوتمراغت من أكثر الناس صرامة تجاه المتلاعبين بالشعر، المتشاعرين، والمستشعرين، ومات أوتمراغت وفي حلقه غصة تردي أحوال الشعر.
لترقد في سلام أستاذنا الرايس حماداوتمراغت.