مراكش – عبد الواحد الطالبي
لم يكتف موردو السلع برفع أسعار بضاعاتهم وحسب، بل قلصوا أحجامها وكمياتها وخففوا أوزانها ونقصوا مكوناتها في احتيال مكشوف على الزبائن وتدليس على المستهلكين مفضوح، لا تردعهم على ذلك رقابة ولا من يثنيهم عن أفعالهم في غياب سوق تتيح فرص المنافسة الحرة الشريفة وفي ظل خطاب حكومي يبرر ويداهن.
وشملت زيادات الأسعار مع الغش في المنتوج كل المواد التي تنافس تجارها وموزعوها في ابتداع أسباب الزيادة متحللين من التزام التسعيرة حتى في المواد المدعمة وذات الاستهلاك الواسع لفئات عريضة من الشعب والطبقات الاجتماعية في زمن التغني بلازمة الدولة الاجتماعية.
وليس أمام المستهلكين في السوق المغربية اليوم والتي استحوذ عليها رأسمال احتكاري مقنع بالتنافسية في صيغ احتيالية تواطأت معها أجهزة الرقابة الحكومية بتقاسم المصالح والمكاسب، خيارات الإفلات من الافتراس بين أنياب الغلاء والغش والتدليس والتزييف والفوضى.
وإذ تلوح الحكومة بمواصلة رفع الدعم عن مواد أخرى أساسية كغاز البوتان والدقيق والسكر وفرض ضرائب إضافية قطاعية من دون مباشرة إصلاح اقتصادي حقيقي عميق تنموي شامل بأهداف اجتماعية دائمة متوافق عليها تضمن الامن والاستقرار، فإنما هي تلعب بالنار وتخطو بعينين مغمضتين باتساع في حقل ألغام…
ومايزال رفع الدعم عن المحروقات نموذجا ماثلا لمشروع إصلاح فاشل يئن من شدة وطأته الشعب المغربي واغتنت منه فئة الريع وازداد منه نفوذ الأوليغارشية المتحكمة في مفاصل الحكم والاقتصاد.
ولن يسند قيام الدولة الاجتماعية غير أساس متين من الحلول المبتكرة بجرأة القرار السياسي وتفاعل الرأسمال الوطني في حكامة رشيدة مدعومة بالممارسة الديمقراطية الحق يكون الانخراط فيها مسؤولا تحت رقابة صارمة محاسبة، أما ما عدا هذا من كل جرعات المهدئات والمسكنات لآلام الشعب بوعود الدعم المباشر للأسر، فمجرد تأجيل لثورة لا تبقي ولا تذر تأكل أبناءها.
إن الشعب يريد…! ولا ينتظر الصدقة، وكفى الشعب تضحية تحت أية ذريعة وفي كل مرة بمبرر.
فحتى كبار السن العجزة لم يسلموا من الافتراس، نهش العمر اللحم فيهم والشحم وتسفح الحكومة الدم وتنشر العظم بفحش الغلاء واستفحال الغش والتدليس في ما ينذر بالحكم على هذه الفئات الهشة بالموت على فراش الدنس والنجاسة، ومعاناة قسوة الألم لشدة التقرحات بسبب استثناء مرهمات وكريمات وعلاجات لمداواة جروح الرقود والوقاية منها من التعويض في إطار التغطية الصحية إضافة إلى غلاء أسعارها.
لم ترأف الحكومة المغربية بالشعب ولم ترحمه بكل فئاته وشرائحه لا في تغذية صبيانه ولا تعليم أطفاله أو تشغيل شبابه ولا تحصين نسائه أو تكريم رجاله ولا تعتني في أرذل العمر بأبنائه… فما حاجة شعب لحكومة لا خير فيها لأمتها… هو يريد …وهي كالقافلة تسير ومن ورائها نحن الذين نتصايح وكأن صيحاتنا في واد.