(كش بريس/ خاص) ـ وجه محمد الغلوسي رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، اليوم الجمعة بالرباط، انتقادات لاذعة لمن يسعى عبر القانون لحماية حفنة من المفسدين راكمت الثروة المشبوهة، مضيفا، أنها باتت اليوم تتحكم في الأحزاب وفي التزكيات، والتقارير المتعلقة بها لا تجد طريقها للقضاء.
وأكد الغلوسي، الذي كان يتحدث في ندوة، نظمتها الجمعية بمقر النقابة الوطنية للصحافة المغربية بالرباط، على أن لوبي الفساد تغول بعدما راكم ثروة خيالية، لمتاجرته في كل شيء، من الرضع إلى الشهادات الطبية والشهادات الجامعية، وما ملف إسكوبار الصحراء إلا جزء بسيط من حجم الفساد الذي ضرب المغرب، مضيفا أن اللوبي الذي تغول يتحرك للجم الجمعيات والنيابة العامة من التحرك في هذه القضايا. مشيرا إلى أن الفساد في المغرب بنيوي، ومرتبط بغياب الديمقراطية، محذرا من كون مشروع المسطرة الجنائية يسعى لمنع المواطنين والجمعيات من التبليغ عن الفساد واختلاس المال العام.
وشدد ذات المتحدث على أن الفساد تغول بشكل بات يهدد الدولة والمجتمع، مبرزا أن هناك اليوم من يستفيد من واقع الفساد، ويسعى إلى عرقلة أي تقدم للبلاد.
وانتقد الغلوسي، تمرير المادة الثالثة من مشروع قانون المسطرة الجنائية والذي يمنع الأشخاص والجمعيات من وضع شكايات حول اختلاس وتبدير المال العام، بل ويمنع النيابة العامة بدورها من تحريك المتابعة إلا بناء على تقرير تتوصل به من المجلس الأعلى للحسابات او وزارة الداخلية، أو غيرها من المؤسسات التي تنجز تقارير حول الفساد.
وأكد على أن التبليغ عن الفساد الذي قيدته المادة 3 التي يمكن أن نوجه من خلالها الشكاية للمجلس الأعلى للحسابات ليحيلها على النيابة العامة، حيث إن لا المواثيق الدولية ولا القانون رقم 37.10 القاضي بتغيير وتتميم القانون رقم 22.01 المتعلق بالمسطرة الجنائية، في شأن حماية الضحايا والشهود والخبراء والمبلغين فيما يخص جرائم الرشوة والاختلاس واستغلال النفوذ وغيرها، تحدد من هي الجهات المطلوب التبليغ لها، وأنه يمكن للشخص إذا ارتأى وإذا تبين له أن هناك أشياء تكتسي صبغة جنائية وإجرامية أن يبلغ القضاء عنها”.
وتابع الغلوسي، أن المجلس الأعلى للحسابات يتوفر على ملفات وقضايا فساد لم يحلها على القضاء، لأن المؤسسات خاضعة للتفاهمات والتوازنات، ومن جملة التقارير التي لم تصدر، تلك المتعلقة بجهة بني ملال خنيفرة ومراكش آسفي وهي الجهات التي يترأسها قياديون في حزب الأصالة والمعاصرة الذي ينتمي له وزير العدل.
ولفت إلى أن المشكل ليس في الجهة التي ستبلغ، وإنما على هذه الجهة أن تقدر. دورنا فقط التبليغ. فنحن لا نحرك المتابعه ولا نحرك الأبحاث، كما أن النيابة العامة لما تتلقى تلك الشكايات وتلك التبليغات، فهي تصنفها. وهي ليست ملزمة باتباع خطوات أو أهداف المبلغين، جمعيات أو أفرادا. النيابة العامة لها الصلاحية أن تحفظ الملف وأن تستجمع عناصره بطرقها المتعددة.
وقال رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، أن السعي للتضييق على الجمعيات، يأتي رغم أن الدستور يقر بأدوار المجتمع المدني وبالديمقراطية التشاركية، ورغم أن الاتفاقيات الدولية تؤكد على محورية دور الجمعيات في مكافحة الفساد، في وقت يتم فيه خلق ودعم جمعيات لتمييع الحقل المدني والحقوقي، والتضييق على الجمعيات الجادة ومنعها من وصول الإيداع، حتى يتسنى للمفسدين فعل ما يحلو لهم.
وتساءل الغلوسي، عمن يدفع بهذا الاتجاه هو مستفيد من واقع الفساد والريع ومستفيد من زواج السلطة والمال؛ وإلا لماذا تم إقبار تجريم الإثراء غير المشروع؟ ولماذا جرى القيام بالأمر نفسه مع الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد؟ ولماذا لم يتغير قانون التصريح بالممتلكات؟ إلخ”، مؤكدا على أن “هناك مصلحة في أن يستمر زواج المال بالسلطة وأن يكون في الوقت نفسه محصنا من المحاسبة والمساءلة”.
وجدير بالإشارة، أن الجمعية المغربية لحماية المال العام، تستعد لتنظيم وقفة احتجاجية أمام قبة البرلمان بالرباط، يوم السبت 21 شتنبر، موجهة دعوتها إلى كل المنظمات الحقوقية والسياسية والنقابية، وذلك تنديدا بتفشي الفساد، ورفضا للمقتضيات التراجعية في مشروع المسطرة الجنائية، والتي تسعى لحماية الفساد، وتكبيل أي تحرك للتبليغ عنه ومحاسبة الفاسدين.