الفصل 235 من القانون التنظيمي رقم 14-113 الخاص بالجماعات المحلية يحدد مهام مجالس المقاطعات ومن ضمنها حق هذه المجالس في اقتراح تسمية الشوارع بأسماء معينة.
اقتراح المجالس يرفع للمجلس الجماعي للمدينة الذي يتولى مناقشة الإقتراح ويصادق عليه من الناحية القانونية فإن مجلس مقاطعة المرينيين بفاس خول لنفسه حق التصويت والمصادقة على قرارا ليس من اختصاصه ؟
وهو مايجعل مجموعة من الأسئلة مشروعة :
ما موقف مجلس جماعة فاس ومعه عامل عمالة فاس من هذه التجاوزات القانونية ؟ وكيف تم تمرير الأمر بهذه الطريقة دون ابداء اي تحفظ أو اعتراض ؟
وأيضا لماذا خولت المندوبية الجهوية للمقاومة وجيش التحرير لنفسها حق اقتراح تسمية أحد شوارع مدينة فاس الواقع في نفوذ مقاطعة المرينيين ؟هل قامت بذلك تلقائيا أم أنه يأتي في اطار ترضيات ما ؟.
إن ما أقدم عليه رئيس مجلس مقاطعة فاس بتسمية أحد شوارع المدينة باسم والده لايمكن النظر إليه إلا من زواية ربط مصالح خاصة مع الجماعة بمدلول الفصل 65 من القانون التنظيمي المذكور والذي يتحدث عن ربط عضو من أعضاء الجماعة مصالح خاصة مع هذه الأخيرة.
والفصل المذكور استعمل مفهوم “المصلحة ” بشكل مطلق. أي أن المشرع لم ينظر إلى المصلحة بمفهومها الضيق كمصلحة مادية مباشرة تدر فائدة على العضو الجماعي ، بل إنه ذهب بعيدا وجعل مفهوم المصلحة واسعا يشمل أيضا تلك المصلحة المعنوية والتي تحقق للعضو المنتخب فائدة ومصلحة رمزية تعطيه حظوة داخل المجتمع تمكن هذا الأخير من التعرف عليه ومنحه أصواتا انتخابية دون الحاجة إلى القيام بحملة انتخابية ومكاسب أخرى كنتيجه لذلك.
ولايخفى أن الفائدة المعنوية والرمزية يمكن أن تمكن العضو من جني فائدة مادية وعلاقات وفوائد أخرى وكل ذلك ما كان ليحصل لولا أن رئيس المقاطعة استغل موقعه الوظيفي والمسؤولية التي يتولاها لتمرير قرار يحقق له مصالح ذاتية له ولعائلته الكبيرة.
وكما هو معلوم فإن الفصل 36 من الدستور يفرض على السلطات العمومية الوقاية طبقا للقانون من كل أشكال الإنحراف المرتبطة بنشاط الإدارات والهيئات العمومية، كما أكد ذات الفصل على كون القانون يعاقب على استغلال مواقع النفوذ والإمتياز.
كما يشكل قرار رئيس مقاطعة المرينيين ومعه مجلس المقاطعة الذي صادق على القرار انحرافا أخلاقيا يمس بأخلاقيات المرفق العمومي ويؤسس للتمييز وعدم المساواة بين الناس فضلا عن كونه يكرس الإنطباع السائد بكون المرفق العمومي والمؤسسات العمومية ماهي إلا أدوات لخدمة المصالح الخاصة. وهو ما من شأنه أن يساهم في تعميق شيوع الفساد والريع في الحياة العامة.
لذلك يتعين على وزير الداخلية التدخل لفتح بحث معمق حول هذه الواقعة وترتيب الجزاءات القانونية ومنها إصدار تعليمات إلى عامل المدينة لسلوك مسطرة عزل رئيس مقاطعة المرينيين أمام المحكمة الإدارية.