بدعم وشراكة وزارة الشباب الثقافة والتواصل- قطاع الثقافة، وتعاون مؤسسة متاحف المغرب، تنظم النقابة المغربية للفنانين التشكيليين المحترفين المناظرة الوطنية الثانية حول موضوع: » الفنون التشكيلية والبصرية المعاصرة وصناعة المستقبل « ، وذلك يوم الأربعاء 20 نونبر 2024 ابتداء من الساعة 9:00 صباحا بقاعة المحاضرات متحف محمد السادس للفن الحديث والمعاصر بالرباط.
وجاء في الورقة التقديمية، للمناظرة، توصلنا بنسخة منها، “لا أحد ينكر، اليوم، الأدوار التي باتت تمنح للبيوتكنولوجيا والنانوتكنولوجيا والمعلوميات والذكاء الاصطناعي لتشكيل المستقبل الإنساني، والتدخل المباشر في إعادة تشكيل محيط الإنسان البيولوجي، وتعديل خرائطه الجينومية ووظائفه وكفاياته العضوية والذهنية والإبداعية. وقد انخرطت كثير من الشركات والمقاولات الدولية الممتدة في المشروع البيوتكنولوجي والأنطولوجي الكبير، كما عانقته النيوليبرالية وجعلته من أولويات أجندتها الإستراتيجية. بالطبع لم يقتصر المشروع التقني المعولم على أساسيات الحياة الإنسانية المعاصرة وعلى أبعادها الوظيفية والإجرائية، إنما امتد أيضا إلى التعبيرات الفنية و إلى دوائر الإبداع وحقوله وأساليبه وآلياته ومجالاته التنظيرية.
إن البيوتكنولوجيا تتطلع إلى صناعة مستقبل جديد لإنسان جديد أو لما بعد الإنسان، أو تطمح إلى صناعة إنسان آخر لمستقبل آخر تبسط عليه التقنية نفوذها. غير أن هذا المشروع البيوتكنولوجي الذي يشكل الذكاء الاصطناعي عنوانه العريض، والذي تمثل الليبرالية المتوحشة رافعته الرئيسية، لا يكترث، في طموحه التقني اللامحدود، للأبعاد الإثيقية والإستتيقة للإنسانية المقبلة، ولا تعنيه آثار التدخل الآلي على وجود الإنسان وعلى علاقته بذاته وبالآخرين وبالعالم. لهذا نرى في النقابة المغربية للفنانين التشكيليين المحترفين أن الفن إجمالا والفنون التشكيلية والبصرية تخصيصا مدعوان إلى الانخراط في الدفاع عن الملمحين الإثيقي (الأخلاقي) والإستتيقي( الجمالي) للوجود الإنساني المعاصر، كما أن الفنان والجمالي
( ناقدا كان أو منظرا) مدعوان بالنتيجة إلى الانخراط في التفكير في أشكال صناعة المستقبل الإنساني.
إن الفنون التشكيلية والبصرية المعاصرة جزء نابض من الجسم الإبداعي المغربي الراهن، وجزء من استراتيجيات المشاركة الفعالة والخلاقة في تجنيب الوجود الإنساني المعاصر الانزلاق إلى منحدرات تمس ماهيته وفرادته.
لاشك أن التقنية قد وجدت مرتعا خصبا في التشكيل البصري، فبتنا نتحدث في سياق الفنون المعاصرة عن الفن الرقمي وعن تعبيرات وإنجازات بصرية تتوسل بالتقنية في الرؤية والإنتاج والإخراج، بل أخذ الفن المعاصر ، المشدود بوجه عام إلى عالم التقنية والمدعوم بكفالة المقاولات الكبرى والمنظمات الرسمية، يمتد إلى مناطق تعبيرية أبعد ويساهم في إعادة تشكيل الذائقة الجمالية وتغيير شروط التلقي الفني.
فكيف يتأتى للفنون التشكيلية والبصرية المغربية أن تكون، بحق، رافعة أساسية في بناء شروط التساكن الخلاق في المستقبل؟ وما هي رهاناتها الإستراتيجية على المستقبل؟ وعلى أي نحو يمكن للفن في بعديه الإبداعي والتنظيري أن يطبع بميسمه الحياة المستقبلية أو مستقبل الحياة الإنسانية؟ وما هي الاستراتيجيات والسياسات العمومية المفترض اعتمادها في صناعة المستقبل وتشكيل ممكنات الآتي؟”.