![](https://www.kechpresse.com/wp-content/uploads/2025/01/ح.jpeg)
ـ مقالات خاصة بموقع كش بريس ـ
في منتصف شهر يونيه 1956 توصلت باستدعاء من طرف القيادة المصرية لتمثيل المقاومة المغربية في احتفالات الجلاء التي ستقام فينفس السنة، كان الذي سلمني الدعوة فتحي الديب، وكان مبعوث القيادة المصرية في المغرب وبمثابة سفير خلال 1953-1956، وكان مقر عمله طنجة وتطوان. وكانت السلطات الاسبانية تغض النظر عنه وعن لقاءاته مع الحركة الوطنية والمقاومة المغربيتين، لكون مدريد كانت في نزاع مع باريس التي لا تستشيرها في المواقف التي تتخذها بالنسبة للمغرب، لذلك كانت علاقات حركات التحرر مع مدريد تتميز بالسماح للمقاومة والحركة الوطنية وأعضاءها باللجوء إلى منطقة الشمال، وأيضا لبعض الحركات الأجنبية ، ونظرا لكون طنجة كانت خلال المرحلة الاستعمارية منطقة دولية، لذلك كان فتحي الديب يتحرك بحرية بين المدينتين طنجة / تطوان، وكنا نلتقي به وقد وضع فتحي الديب كتابا عن المرحلة بعنوان: عبد الناصر وثورة المغرب العربي.
![](https://www.kechpresse.com/wp-content/uploads/2025/01/فتح-يالديب.jpeg)
فتحي الديب
لم تك الدعوة المصرية موجهة للمقاومة المغربية فقط للحضور للاحتفالات، بل كانت موجهة أيضا إلى القيادة المغربية ممثلة في السلطان محمد الخامس 1927-1961، ولحزب الاستقلال والاتحاد المغربي للشغل، وقد كان الوفد الرسمي برئاسة ولي العهد مولاي الحسن –الحسن الثاني 1961/1999- بوفد من أعضاءه المهدي بنعبود وعبد الكريم الخطيب والاتحاد المغربي للشغل بوفد مكون من المحجوب بن الصديق –توفي في 2010- وعضوية الطيب بن بوعزة، أما الحركة الوطنية فقد مثلها الأستاذ علال الفاسي –توفي في 1974- الذي كان مقيما بالمنفى بالقاهرة آنذاك، إذ لم يغادر القاهرة إلا بعد يونيه 1956، علما أن استقلال المغرب آنئذ لم تمضي عليه إلا 3 أشهر، فقد كان إعلان الاستقلال -كما هو معلوم- في 2 مارس 1956، وقد اندمجنا مع الوفد الرسمي ككل وصارت لقاءاتنا الرسمية مع القيادة المصرية وغيرها برئاسة ولي العهد.
![](https://www.kechpresse.com/wp-content/uploads/2025/01/م-بن-الصديق-الحسن-2.jpeg)
بن الصديق والحسن الثاني
وقد استدعى الرئيس جمال عبد الناصر –توفي في 1970- أيضا وفدا من منطقة نواق الشط أو موريتانيا، وكان مكونا من حرمة ولد بابانا، والمختار ولد باه، والداي ولد سيدي بابا، والأمير زكريا الذي كان يمثل ذوي الأصل الإفريقي، وأيضا وجدنا وفدا مهما من الجزائر برئاسة أحمد بنبلة –توفي عام 2012- وكنت لم ألتقي ببن بلة شخصيا حتى هذه الاحتفالات وإن كنت أسمع به كما يسمع به الجميع، وأثناء الاستقبالات في قصر القبة بالقاهرة قدمني الرئيس جمال عبد الناصر للمرحوم احمد بنبلة، وفيما بعد التقينا به أنا والأخ الغالي العراقي الذي كان معي بوفد المقاومة، كان بنبلة ثائرا وغاضبا من قبول الحركة الوطنية والسلطان محمد الخامس للاستقلال بدون الجزائر، إذ كان هناك شبه اتفاق على الاستقلال الجماعي لأقطار المغرب العربي، وحاولت إقناع بنبلة بأن استقلال المغرب فيه خير للجزائر فيما يتعلق بالمساعدات المالية والعسكرية واللجوء وغيرها من الأعمال اللوجستية. كانت لقاءاتي مع-الرئيس- أحمد بنبلة في فندق يدعى “هييلوبوس بلاص” والذي تحول فيما بعد إلى مقر للحكومة المصرية. كانت اللقاءات مع أحمد بنبلة فرصة للتعرف على هذا القائد، ورغم غضبه فإنه اقتنع -كما يبدو- بوجهة نظرنا فيما يتعلق باستقلال المغرب، علما أن علاقتنا بالثورة الجزائرية كانت أساسا مع -الرئيس- أحمد بوضياف الذي كان ينقل السلاح من المغرب إلى الجزائر، وكان المرحوم أحمد بنبلة يختتم اللقاء بكلمة: (كنشوف الجنة فوجهك)، وهي كلمة ختامية له دائما.
![](https://www.kechpresse.com/wp-content/uploads/2025/01/عبد-الناصر.jpeg)
ولد داداه مع عبد الناصر
كان جمال عبد الناصر يهدف من خلال دعوة الوفد المغربي بهذه الأهمية إلى وحدة العمل السياسي والكفاحي في المغرب العربي ككل، وكان يعتبر موريتانيا جزء من المغرب بحكم رؤيته القومية، وكان له تقديرا كبيرا وهاما للسلطان ووفد موريتانيامحمد الخامس، إذ كان يعتبره آب الحركة الوطنية في المغرب العربي، وقد شجع الوفد القادم من نواق الشط –موريطانيا في مابعد- على اللقاء مع الوفد المغربي وتوحيد الرؤى في إطار الاندماج المقبل بعد زوال الاستعمار عن منطقة نواق الشط -أو مايعرف بموريطانيا – المحتلةمن طرف فرنسا آنئذ، ومن البديهي أن الاندماج كان يشمل أيضا الصحراء التي كان يتواجد فيها الاستعمار الإسباني باعتبار الجغرافيا.
![](https://www.kechpresse.com/wp-content/uploads/2025/01/محمد-5.jpeg)
محمد الخامس ووفد موريتانيا
ورغم أن القيادة المصرية في تلك المرحلة تكن عداءا للملكيات في الشرق العربي، إلا أن مكانة السلطان محمد الخامس كانت استثناءا، ومن المعروف أن محمد الخامس زار القاهرة -فيما بعد- في عام 1959 -مع رئيس الحكومة آنئذ ذ.عبد الله إبراهيم –توفي عام 2005- ونظمت له احتفالات واستقبالات تدل على مكانته لدى مصر /الناصرية، إذ العلاقة المغربية مع نظام جمال عبد الناصر لم تسوء إلا بعد حرب الجزائر سنة 1963.
![](https://www.kechpresse.com/wp-content/uploads/2025/01/عبد-الله-ابراهيم.jpeg)
عبد الله ابراهيم ومحمد الخامس
وفيما يتعلق بالوفد الموريطاني فقد التقى بالوفد الرسمي، كما التقينا به كوفد للمقاومة وعبر الوفد عن رغبة الجماهير في الوحدة مع المغرب، ومن خلال الوفد المذكور أكدوا لنا أن جمال عبد الناصر شجعهم على ذلك، وهو ما أكده لنا حرمة الله ولد بابانا عدة مرات، وكان بالمناسبة عضوا في البرلمان الفرنسي كممثل لموريطانيا، وكانت لنا عدة لقاءات مع الراحل علال الفاسي خلال العشرين يوما التي قضيت والأخ الغالي العراقي في القاهرة، وكانت المذاكرة مع الأخ علال الفاسي حول وحدة المغرب العربي واستقلال موريطانيا وحرب تحرير الجزائر، بالإضافة إلى عدة لقاءات مع الطلاب المغاربة في جامعات مصر وكان من ضمنهم المرحوم عبد الكريم الفيلالي -توفي عام 2013- والذي وضعنا في الصورة بالنسبة للوضع السياسي في مصر واحتياجات الطلاب المغاربة.
![](https://www.kechpresse.com/wp-content/uploads/2025/01/علال-الفاسي.jpeg)