دعا المرصد الوطني لمنظومة التربية و التكوين، وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، إلى تطبيق مقتضيات ميثاق التدبير الإداري في المؤسسات بالحكامة المطلوبة، ليس فقط في مجالات بعض الانحرافات من هذا أو ذاك ، و لكن كذلك في مجال التطبيق الفعلي و الحقيقي لمقتضيات تدبير و تسيير المرفق العمومي ، و من ذلك طبعًا عدم التستر على أي انحراف وأي مظهر من مظاهر الفساد بشكل عام . مشددا على موقفه الراسخ والمتمثل في رفض و إدانة أي شكل من أشكال الفساد داخل الحرم الجامعي، أيا كانت الجهة الصادرة عنه ، و كيفما كانت الحالة ( الجنس أو المال مقابل النقط ، أو الجنس أو المال مقابل التسجيل في إحدى الأسلاك ، أو الجنس أو المال مقابل التوظيف …).
وجاء في بلاغ المرصد، الذي توصلنا بنسخة منه، أنه يتابع باعتباره مؤسسة مدنية مختصة في قضايا المنظومة – بألم شديد و اهتمام بالغ ما يروج في بعض مؤسسات التعليم العالي من حالات تحرش بطالبات من قبل قلة قليلة من الأساتذة الباحثين بها بلغ حد وصف هاته الحالات ب ” الجنس مقابل النقط “ أو الرشوة الجنسية “، مؤكدا على أن الجامعة بنيات لإنتاج و نشر المعرفة و العلم و تكوين الأطر و فضاءات للنقاش الحر.
وعبر المرصد، عن اعتزازه بعطاءات و تضحيات الأغلبية الساحقة للسيدات و السادة الأساتذة الباحثين بمختلف مؤسسات التعليم العالي ببلادنا ، و تفانيهم في مهامهم البيداغوجية ، و العلمية ، و التأطيرية ، و علاقتهم المتميزة مع طلابهم و زملائهم و موظفي مؤسساتهم. مذكرا “بتضحياتهم الجسام مند تأسيس اللبنات الأولى للجامعة المغربية سنة 1957 إلى اليوم”.
ولم يفت المرصد التذكير أيضا ب”افتخاره بمستوى الأطر التي تخرجت بتأطير من هؤلاء الأساتذة في شتى العلوم و المجالات خلال كل المراحل التي قطعها التعليم العالي المغربي”.
ونوه ذات المصدر “بالأدوار الدبلوماسية التي يقوم بها جسم الأساتذة الباحثين من خلال اللقاءات و الندوات و المؤتمرات العلمية في كل انحاء العالم” . معتبرا “وهو يثمن دعوة السيد وزير التعليم العالي و البحث العلمي و الابتكار رؤساء الجامعات و مدراء و عمداء مؤسسات التعليم العالي للحرص على تطبيق مقتضيات ميثاق التدبير الإداري في المؤسسات بالحكامة المطلوبة ليس فقط في مجالات بعض الانحرافات من هذا أو ذاك ، و لكن كذلك في مجال التطبيق الفعلي و الحقيقي لمقتضيات تدبير و تسيير المرفق العمومي ، و من ذلك طبعًا عدم التستر على أي انحراف وأي مظهر من مظاهر الفساد بشكل عام” .
وشدد البلاغ “في البداية على موقفه الراسخ والمتمثل في رفض و إدانة أي شكل من أشكال الفساد داخل الحرم الجامعي، أيا كانت الجهة الصادرة عنه ، و كيفما كانت الحالة ( الجنس أو المال مقابل النقط ، أو الجنس أو المال مقابل التسجيل في إحدى الأسلاك ، أو الجنس أو المال مقابل التوظيف …)
مجددا التأكيد على أن هذا النوع من الأحداث ، و التي تقع اليوم في بعض المؤسسات في تصرفات غير محسوبة العواقب من طرف البعض القليل من الأساتذة الباحثين ” الفاقدين للتجربة ” أو أصحاب الحالات المرضية ” يسيء لأدوار و رسائل التعليم العالي ، و يضرب المنظومة في قلبها وطنيا و دوليا ، مع إيماننا الراسخ بأن قرينة البراءة هي الأصل ..
ودعا المرصد إلى تظافر الجهود لمحاربة والقضاء على هذا الفساد بشتى أنواعه ، وذلك في إطار ترسيخ دولة الحق والقانون في تناغم تام مع مكتسبات دستور 2011.،
وبهذا الخصوص، يضيف البلاغ، فإن المرصد الوطني وهو يدين كل انحراف أو انزلاق داخل الحرم الجامعي ، يعتبر أن النيابة العامة باعتبارها جزءا من السلطة القضائية هي المؤهلة حصريا لتلقي الشكايات والوشايات لما في ذلك من ضمانات مسطرية لكل الأطراف ، فقانون المسطرة الجنائية و هو ينص على أن وكيل الملك أو الوكيل العام للملك يتلقى حسب الحالة الشكايات والوشايات فإنه لم ينصرف مدلوله لإسناد هذه الصلاحية لجهة إدارية حيث إنه يمنع على أي جهة أخرى ممارسة اختصاصات قضائية أصيلة من صميم وظائف النيابة العام.
و بالنظر لمبادرات بعض الجامعات بإنشاء خلايا انصات و تلقي الشكايات، يتابع البلاغ، فإن المرصد الوطني لمنظومة التربية و التكوين مسجلا “أنها مبادرات قد توحي بأن جامعاتنا أصبحت عاجزة عن الاجتهاد”.
وأوضح المرصد، أنه “وبها نجد أنفسنا نسير تدريجيا نحو منح السلطات الإدارية سلطات قضائية لا حق لها في ممارستها ما دامت لا توفر أي ضمانة للتحقق من مصداقية الشكايات والوشايات ومتابعة المتلاعبين بالقانون سواء تعلق الأمر بالطرف المدعي أو بالطرف المدعية عليه”.
وقال البلاغ مردفا، أن هاته المبادرات ستصبح جزءا من المشاكل و ليس طرقا للحلول ما دام القائمون عليها من مكونات الجسم الجامعي. مؤكدا على أن هذا النوع من المبادرات سيفقد الجامعة المغربية أهم سماتها المميزة و المتمثلة في الاحترام المتبادل و أخلاق العلم و العلماء و تكوين الفرد على أساس المواطنة حقوق و واجبات .
داعيا إلى إعمال المساطر القانونية داخل كل المؤسسات الجامعية في احترام تام للصلاحيات الممنوحة لها مع المحافظة على استقلاليتها.
وأثار المرصد الانتباه إلى أن مفهوم الرقم الأخضر يرتبط بقطاعات عديدة تقدم المعلومات اللازمة للراغبين في تقديم الشكايات ، دون أن يمتد مجاله إلى شؤون قضائية..
و يتوقع انعكاسات سلبية من خلال هاته المبادرات على مكونات الجسم الجامعي ، لانعدام كل الضمانات لقطع الطريق أمام المتلاعبين والمتلاعبات بسمعة وأعراض الغير قصد المتابعة في حالة الوشايات الكاذبة أو حتى إزعاج السلطات العمومية. يضيف البلاغ.
و انطلاقا من كل ذلك ، فإن المرصد الوطني لمنظومة التربية و التكوين ، يخلص، يطلب من رئاسات الجامعات التي أعلنت عن وضع رقم أخضر لتلقي شكايات المفترض أنهن ضحايا تحرش جنسي ، التراجع عن هذا الإجراء لأنه ليس من اختصاص الأساتذة الباحثين القيام بذلك ، و لا تتوفر الشروط التشريعية والمادية و البشرية و التقنية لتكفل الجامعة بالقضية ؛ و يشجع كل متضرر أو متضررة على التوجه الى الجهات المختصة بشكاية مكتوبة معلومة الهوية قصد إعمال مقتضيات القانون ؛ و في المقابل ، و انطلاقا من كون الجامعة فضاء حرا للتكوين و التأطير وجب على مكوناتها جعل كل حالات الفساد موضوعا لنقاش عمومي مبني على البعد الأكاديمي ، والعلمي ، و الأخلاقي ، و بذلك نجنبها مسألة قيامها باختصاصات موكولة أصلًا للنيابة العامة ، و هذا كفيل لوحده بتحقيق الأغراض المتعلقة بالرقم الأخضر لتلقي الشكايات ضد كل شكل من أشكال الفساد ، سواء تعلق الأمر بفساد مجتمعي بصفة عامة أو فساد جامعي بصفة خاصة.