(كش بريس/خاص) ـ سنة بعد سنة، ترتقي المسابقة الوطنية لجائزة أستاذ(ة) السنة، وتورق أزاهير وأيقونات نموذجية، تضيء مسار التعليم ببلادنا، وتحفز المشتغلين في الميدان على إبداع الأفكار وتثمين الطاقات وترسيخ قيم المواطنة والعطاء المتواصل.
في نسختها الخامسة برسم الموسم الدراسي 2022-2023، التي التأمت أمس الأحد بمتحف مراكش للماء، والمنظمة من قبل وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، بشراكة مع مؤسسة الزهيد، وبتنسيق مع جمعية أصدقاء المدرسة العمومية، سرت هذه الأخلاق منسابة في كل صدور الحاضرين والمشاركين والمتتبعين، لفعاليات الحفل الباذخ، التي امتزجت فيه أحاسيس التربية والبيداغوجيا بحميمية العائلة الواحدة والمصير الواحد المشترك.
في بداية اللقاء، كانت كلمة السيد الحسين قضاض، المفتش العام للشؤون الإدارية والمالية بوزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، والذي ألقى كلمة نيابة عن السيد الوزير، منحازة إلى الرهان الواعي بلحظة تكريم وتحفيز ومبادرة الأستاذ/ة، مبديا سعادته بهذه المحطة ومتوشحا فخر واعتزاز هذا الجمع ، ، الذي يرنو إلى “الاحتفاء بالتميز في مجال التعليم”، لسنة جديدة “من خلال ثلاث فئات متميزة، هي أساتذة التعليم الابتدائي العمومي، والتربية الدامجة، وأساتذة معاهد الترقية الاجتماعية والتعليمية”.
وقال قضاض “نحن نحتفي سنويا وللمرة الخامسة بهذه الجائزة، ذات الدلالة الهامة لدى المدرسين، فمن المهم التفكير في أن تحقيق أهداف والتزامات خارطة الطريق من أجل مدرسة ذات جودة تطلب اعتماد مقاربة نسقية تركزت على محاور ثلاثة تشكل عصب المنظومة التربوية (التلاميذ والأطر التربوية والمدرسة)، وتمثل بحق الإطار الطبيعي لإرساء منهجية العمل المشترك”، مبرزا في السياق ذاته، أن “اعتماد هذه المقاربة البناءة في التنفيذ يجعل التغيير يمس مباشرة القسم ويحدث الأثر على التلميذات والتلاميذ، من خلال توفير تعليم ناجع يضمن التحكم في التعلمات وتوفير بيئة تربوية آمنة تساهم في تفتح المتعلمين وإكسابهم روح التعاون”. مشيدا ب”المبادرات المتميزة والمجهودات الكبيرة التي تبذلها مؤسسة الزهيد للأعمال الاجتماعية، وجمعية أصدقاء المدرسة العمومية، لضمان الاستمرارية البيداغوجية وفي مجال الارتقاء بالحياة المدرسية وتقديم الدعم للتلاميذ، أو على مستوى تحفيز هيئة التدريس، والانخراط المسؤول في دينامية التحول المسؤول التي يتطلبها إصلاح المنظومة التربوية”.
ولم يفت المتحدث عينه، الإشارة إلى أن المؤسستين السالفتي الذكر، “ساهمتا إلى جانب وزارة التربية الوطنية بشكل قوي في التخفيف عن تلميذات وتلاميذ المناطق المتضررة بفعل الزلزال الذي ضرب الأطلس الكبير، من خلال الأنشطة الفنية والثقافية وبرامج الدعم التي ساهمتا بها بكل صدق للتخفيف من حدة هذه الكارثة الطبيعية على المتمدرسين، ومؤازرتهم نفسيا، ما يسر الاستئناف الفوري للموسم الدراسي”.
واتفقت كلمتا الأستاذتين، ليلى بنسليمان رئيسة جمعية المدرسة العمومية، ونائبة مجلس مؤسسة الزهيد وجمعية المدرسة العمومية، سعاد زهيد، على أن المناسبة هي خلاصة علاقة متسقة بالرهان على الأستاذ/ة، كمنطلق وكقوة سيرورية في ترسيم طريق النجاح للمدرسة العمومية، وأدوارها الطلائعية في تنمية البلاد، مشددتين، على أن البناء يتطلب جهدا وإخلاصا متسقين، بالارتكاز على التثمين وبعد النظر والعمل الهادف.
هذا وكانت جوائز السنة لهذه الدورة، تترامى في إشعاع وجودها وقيمتها الاعتبارية، على مدى جغرافية المملكة، مبرزة زخم وإيجابية اتساع الجائزة ووطنيتها. فقد حاز على الجائزة الذهبية الأستاذ عادل الزدكي المنتمي لأكاديمية طنجة-تطوان-الحسيمة، وحصل على الصف الثاني الأستاذ محمد تابيت من أكاديمية سوس ماسة، بينما فاز بالرتبة الثالثة الأستاذ الصديق بنفقير .
وانتقل التتويج إلى فئة “التربية الدامجة”، حيث فازت الأستاذة كوثر سامي من أكاديميّة طنجة-تطوان-الحسيمة الجائزة الأولى، بينما حصلت الأستاذة فاطمة من أكاديمية درعة تافيلات بالجائزة الفضية؛ وحصلت الأستاذة خولة هبيل من نفس الأكاديمية على الجائزة البرونزية.
وفيما يتعلق بجوائز فئة “معاهد الترقية الاجتماعية والتعليمية (IPSE)”، فقد فازت بالجائزة الأولى الأستاذة مريم كريم من أكاديمية مراكش-أسفي، والأستاذ عمر قيلاني من أكاديمية بني ملال-خنيفرة على الفضية، بينما فاز بالبرونزية الأستاذ سعيد الأشكر من نفس الأكاديمية .
وجاءت فقرة “خفقة قلب” لتعيد التذكير بلحة استعادة الأمل والإشراق المواطناتي، في قلب وجوهر جائزة الأستاذ/ة، وبإزاء احتضان قضاياه المتصلة والممتدة عبر كل النوافذ والاستئثارات المنتصرة للقيم والإخلاص والعمل الدؤوبن حيث تم اختيار البستاني السيد الحسين زعيطرة، إنسانا ومكرما، اعترافا بمشروعه الأخضر واهتمامه ببيئة المدرسة وتربتها وحديقتها.
كما لا يمكن تجاهل ما قدمته فعاليات الجائزة، من أعمال إبداعية واعية باللحظة والقيمة، حيث تم تقديم عرض وثائقي سجل لحظات فارقة في وجدان مناطق الحوز المتضررة من الزلزال الأخير، بمشاركة تلميذات وتلاميذ مؤسسات تعليمية، وتأطير فنانين تشكيليين، جاءت لتعيد سياق الحديث عن مواصلة العمل، وترميم الجراحات، وتأسيس كوة نور مستقبلية، شعارها الحب والإخلاص والتسامح والإبداع.
كما أن العروض الإبداعية الفنية التي قدمتها فرقة “كورال الحوز”، بعروضها الشعرية القيمة، الموسومة ب”خضراء” و”نبصم بالعشرة”، أبرزت علاقة الفن والموسيقى، بالتربية على المواطنية، والاحتفاء بالمناسبات الوطنية، والالتصاق بقضاياها المصيرية المحتومة.
جدير بالإشارة، فإن محطة هذا العام من الجائزة شهدت منافسة شديدة، بعد أن ترامت وطنيا إلى أبعد نقطة، من أقصى الجنوب إلى أقصى الشمال ومن أقصى الشرق إلى أقصى الغرب، وهو رهان ديناميكي جديد سيكون له، لا محالة، مواقع كبيرة في تأصيل المحطة وتعميق رؤيتها ونجاعة أهدافها.