‏آخر المستجدات‏أخبار وطنية

المغرب ومجلس الأمن انسجامٌ في الرؤية وتصاعدُ عزلة الانفصاليين

ـ كتب : عبده حقي ـ

في لحظة دقيقة تشهدها قضية الصحراء المغربية، عقد مجلس الأمن الدولي يوم الإثنين 14 أبريل 2025 جلسة مغلقة، لتقييم آخر المستجدات المرتبطة بالنزاع المفتعل في الصحراء. هذا الاجتماع الذي جاء في إطار تنفيذ القرار 2756، المعتمد في 31 أكتوبر 2024، مثّل محطة جديدة لتثبيت الواقعية السياسية والدفع بالحل الوحيد الممكن: الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، المقترح منذ عام 2007.

كان لافتًا في هذا السياق تجاوب المملكة المغربية الإيجابي والمتواصل مع تحركات الأمم المتحدة، كما جسّدته اللقاءات التي عقدها المبعوث الشخصي للأمين العام، ستيفان دي ميستورا، خلال جولته الإقليمية الأخيرة. المغرب، وبخلاف خصومه، لم يُظهر فقط انخراطًا جديًّا في المسار الأممي، بل واصل التأكيد على التزامه بحل سياسي دائم قائم على التوافق والبراغماتية، بعيدًا عن الأوهام الانفصالية والخطابات المتجاوزة.

في المقابل، تواصل الجزائر وصنيعتها “البوليساريو” تعطيل أي تقدم حقيقي. فبينما يسعى مجلس الأمن إلى الدفع بالحل السياسي، تلتزم الجزائر بسياسة المناورة، محوّلةً الدعم اللوجستي والديبلوماسي الذي توفره للبوليساريو إلى أداة لزعزعة الاستقرار في المنطقة. وليس أدلّ على ذلك من محاولة فرض تمثيل أحادي الجانب للصحراويين، متجاهلة بذلك مئات الآلاف من أبناء الأقاليم الجنوبية الذين اختاروا الانخراط في الحياة السياسية والمؤسساتية للمملكة.

أما جبهة البوليساريو، التي تفتقر لأية شرعية ديمقراطية أو تمثيلية حقيقية، فقد باتت مجرد دمية تحركها الأجهزة الجزائرية وفق أجندات إقليمية عفا عنها الزمن. ورغم محاولات العودة إلى لغة السلاح والخطابات الثورية المتصلبة، فإنها تجد نفسها اليوم معزولة دوليًا، وعاجزة عن مواكبة التحولات الجيوسياسية في شمال إفريقيا.

زيارة دي ميستورا لكل من الجزائر وموريتانيا إلى جانب المغرب، كانت ضرورية لإبراز الخيط الناظم الذي بات يميز تعاطي الأطراف الإقليمية مع الملف. فالرباط تؤكد على الحوار والتفاوض، بينما الجزائر تتهرب من مسؤوليتها المباشرة، رغم أنها الممول والداعم الأول للنزاع، وترفض الجلوس إلى طاولة الحوار كطرف معني، في تناقض صارخ مع منطق السياسة ومقتضيات القانون الدولي.

الواقع أن النقاش داخل مجلس الأمن لم يعد يتمحور حول تحديد طبيعة النزاع، بل حول كيفية إخراج العملية السياسية من مأزقها المزمن، وهو ما لا يمكن أن يتحقق إلا بفرض الأمر الواقع: الحكم الذاتي كحل سياسي واقعي وعملي، يتماشى مع تطلعات سكان الصحراء، ويحظى بدعم متزايد من القوى الكبرى وفي مقدمتها الولايات المتحدة، فرنسا، وإسبانيا.

اليوم، ومع كل جولة إحاطة أو تقرير دولي، يتأكد أن المغرب يسير في الاتجاه الصحيح، متسلّحًا بشرعية تاريخية، ودينامية تنموية غير مسبوقة في أقاليمه الجنوبية، وشبكة تحالفات دولية قوية. في المقابل، يجد معسكر الانفصال نفسه في تراجع متسارع، يواجه واقعًا جديدًا لم يعد يسمح بالمزايدات الإيديولوجية أو الاتجار السياسي بمعاناة المحتجزين في مخيمات تندوف.

إن اللحظة التاريخية قد اقتربت لطي هذا الملف نهائيًا، عبر إرغام الجميع، وخصوصًا الجزائر، على الانخراط الفعلي في حل واقعي ومسؤول، يُنهي مأساة دامت لعقود، ويعيد الاستقرار للمنطقة. ولعل ما يجب أن يُفهم اليوم، أكثر من أي وقت مضى، أن الحكم الذاتي ليس مجرد مقترح مغربي، بل هو الإطار الوحيد المتبقي للحل، والباب الوحيد المفتوح أمام من يريد السلام.

‏مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Back to top button