في إطار منتديات حول العدالة تنظمها وزارة العدل الموريتانية، تم أمس الخميس بالعاصمة نواكشوط، استعراض تجربة المملكة المغربية في مجال العدالة، وذلك بمشاركة العديد من الدول.
وقدم ناجيم بنسامي ، مستشار وزير العدل، عرضا بالمناسبة، خلال افتتاح هذه المنتديات، مشيرا إلى تبني صاحب الجلالة الملك محمد السادس لورش إصلاح منظومة العدالة بالمملكة، وهو ما يتجلى في خطاباته للأمة في مناسبات عديدة، حيث حث جلالته على إصلاح القضاء وتخليقه وعصرنته، وترسيخ استقلاله إحقاقا للحق و رفعا للمظالم، وأيضا تحفيزا للتنمية والاستثمار.
وأوضح السيد بنسامي أن المملكة، واستجابة لهذا، عرفت انطلاق دينامية جديدة لاصلاحات قانونية وقضائية توجت بالارتقاء بالقضاء إلى سلطة مستقلة في ظل الدستور الجديد لسنة 2011 ، والذي نص على أن ” السلطة القضائية مستقلة عن السلطة التشريعية والتنفيذية”.
وأضاف أنه وتنزيلا لهذا المبدأ الدستوري، شرع الفاعلون المعنيون بالعدالة في المغرب في بلورة مخطط مضبوط للإصلاح الشامل والعميق للقضاء ، حيث اعتمدت مقاربة تشاركية مكنت جل الفعاليات المدنية والحقوقية، إلى جانب مؤسسات الدولة في المجال القضائي والقانوني، من الانخراط الفعال في هذا الورش الوطني، بدء من تنظيم ندوات جهوية ولقاءات وطنية، وهو ما ترتب عنه تنصيب جلالة الملك في ماي 2012 لأعضاء الهيئة العليا للحوار الوطني.
واعتبر أن ورش إصلاح منظومة العدالة الذي تبنته هذه الهيئة، ما هو إلا حلقة وصل لمقتضيات دستور المملكة ، الذي نص على ضرورة احترام مقومات المحاكمة العادلة وضمان استقلال القضاء على السلطتين التشريعية والتنفيذية وإحداث مجلس أعلى للسلطة القضائية .
وأبرز اعتماد جل ما انبثق عن الهيئة سنة 2013 لبلورة الرؤية العامة لإصلاح منظومة العدالة ضمن “الميثاق الوطني لإصلاح منظومة العدالة”، الذي يعد بمثابة خارطة طريق للمنظومة القانونية والقضائية بالمملكة.
وعزز هذا الميثاق، يوضح ، حماية القضاء للحقوق والحريات بهدف ملائمة القوانين الزجرية الوطنية مع الدستور، ومبادئ الاتفاقيات الدولية المتعلقة بمكافحة الجريمة وبحقوق الإنسان و بتدابير تشريعية لضمان المحاكمة العادلة والارتقاء بالعدالة الجنائية.
وبعد أن أشار إلى أنه واستكمالا للبناء المؤسساتي للسلطة القضائية بالمملكة وتوطيد دعائمها، وتمكين المجلس الأعلى للسلطة القضائية من أداء وظيفته في تنزيل مقتضيات الميثاق الوطني لإصلاح منظومة العدالة، خاصة في مجال التخليق والتأديب والسهر على الضمانات الممنوحة للقضاة، وتطوير المنظومة القضائية والرفع من فعاليتها ونجاعة أدائها، أبرز السيد بسامي إحداث المفتشية العامة للشؤون القضائية ، التي تسهر على التفتيش القضائي المركزي لمحاكم المملكة وتعمل على تنسيق وتتبع التفتيش القضائي اللامركزي والاشراف عليه وغيرها من الإجراءات .
وفي معرض حديثه عن النيابة العامة، التي تعتبر جزء لا يتجزأ عن السلطة القضائية و تعزيزا لاستقلاليتها وتفعيلا لتوصيات الميثاق الوطني لإصلاح منظومة العدالة، تم في أكتوبر 2017 فصل رئاسة النيابة العامة عن السلطة التنفيذية المتمثلة في وزارة العدل.
وفي ذات السياق، لم يفت السيد بنسامي إبراز جهود رقمنة الفضاء القضائي لامغرب لتقريب القضاء من المواطن وتسهيل الولوج الى الخدمات القضائية والقانونية، معتبرا أن ورش رقمنة الإجراءات القضائية يعد من الاوراش الاستراتيجية لتحقيق اصلاح شامل لمنظومة العدالة.
يذكر أن المشاركين في هذه المنتديات، التي تنظم حول شعار ” أي عدالة نريد؟” والتي أشرف على انطلاقتها الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، سيناقشون على مدى ستة أيام عددا من المحاور ، منها “تشخيص واقع العدالة”، و “حماية حقوق المتقاضين”، و “نظام السجون”، و”الإصلاح الجنائي”، و “الولوج للعدالة و رقمنتها”، و “مهنيو العدل”.
وستقدم خلال جلسات المؤتمر، بالإضافة إلى التجربة المغربية ، عروض حول تجارب الإمارات العربية والسنغال.