(كش بريس/خاص) ـ قال أبوزيد المقرئ الإدريسي، القيادي في حركة الدعوة والإصلاح الجناح الدعوي للبيجيدي، في مقابلة صحفية مع “الاستقلال”التركية، أنه تفاعلا مع النتائج السلبية التي خلفها اعتماد الفرنسية كلغة تدريس لعدد من المواد العلمية، في مستويات دراسية عدة، فإن ذلك شكل خطرا على أبناء المغاربة وعلى مستقبلهم الدراسي والمهني.
وأوضح الإدريسيـ أن التدريس بالفرنسية لا يشكل خطرا فقط على التلاميذ وعلى مستقبلهم الدراسي، وعلى قدرتهم على التحصيل، بل يشكل خطرا عليهم أيضا من حيث فرص الشغل.
وأضاف ذات المتجدث، أن علماء الاجتماع اللغوي، وعلى رأسهم الدكتور عبد القادر الفاسي الفهري، أجمعوا على أن “الفرنكفونية أصبحت حاجزا حقيقيا أمام أبناء الشعب للوصول إلى المواقع الاجتماعية والمهنية اللائقة”، وضرب مثلا كون ” الطلبة المتفوقين في العلوم الرياضية، من أبناء الشعب والبادية، الذين يصلون إلى المدارس العليا للرياضيات، يرسب أغلبهم في مباريات الهندسة المدنية، بسبب حصولهم على نقط ضعيفة في اللغة الفرنسية”.
من جهة أخرى، يتابع المقرئ الإدريس، أنه “يتم قبول الطلبة المتوسطين في مادتي الرياضيات والفيزياء، في المعاهد الفرنسية على الخصوص، داخل المغرب وخارجه، نظرا لتفوقهم في اللغة الفرنسية، ولأنهم من عائلات برجوازية فرنكفونية”.
وأبرز المتحدث ذاته، “فالفرنسة خطر على مستقبل التلميذ والطالب بالمعنى الخُبزي، أي على حقهم في العيش والشغل، دون الحديث عن ارتفاع الانتقال المسجل في صفوف التلاميذ من الشعب العلمية إلى الشعب الأدبية، بسبب حاجز اللغة الفرنسية”.
أما الانتقال إلى المستوى الحضاري لمناقشة “فرنسة التعليم”، فسنكون، بحسب الإدريسي، “أمام حقيقة مُرَّة، وهي أنّ الأمة بأكملها مختطفة، في هويتها وفرص تنميتها، لأن التنمية لا تكون إلا بالإبداع، والإبداع لا يكون إلا باللغة الأم، ذلك أن الإنسان لا يبدع خارج لغته، وهذا يجري على العرب وعلى غير العرب”.
وفي سياق نفس الإشكالية، فإنّ التراجع العلمي للتلاميذ لم يقع فقط في تحصيل الفيزياء والرياضيات والعلوم الحقة عموما، بل حصل التراجع أيضا في تحصيل اللغة الفرنسية نفسها، رغم حصر تنفيذ القانون الإطار في ما يتعلق بالفرنسة.
وأضاف الإدريسي أن المؤشر التربوي البارز لذلك، هو تراجع الطلبة في النقاط المتحصل عليها هذه السنة، حيث الأصفار وما دون المعدل وربع المعدل في الإعداديات والثانويات بالمغرب.
وحذر الإدريسي، من أن هذه النتائج الضعيفة تنبأ بها العديد من الباحثين والدارسين، مشيرا إلى أن دراسات متخصصة للفترة التي درَّس فيها المغرب المواد العلمية في المستويين الإعدادي والثانوي باللغة العربية، بما فيها تقارير وزارة التربية والتعليم، أظهرت تفوقا كبيرا لأبناء المغاربة في فهم المواد العلمية، بسبب تدريسها بلغة يفهمونها.
ولم يفت الإدريسي التذكير ، أنه “على مدى سنة كاملة من مناقشة القانون الإطار بالبرلمان، بما شهدته من نقاشات ساخنة وحادة، قلنا للوزارة إن مؤشراتكم ودراساتكم، هي عكس المسار الذي تمضون فيه”، مضيفا أنهم “كانوا يصرون بكل وقاحة وبلادة على المضي في الاتجاه المعاكس، بما فيهم وزير التعليم السابق سعيد أمزازي، الذي قال إن التدريس بالفرنسية هو من أجل تحصيل الجودة في التدريس”.
ولأن “القانون الإطار” لم يُطبق منه إلا ما تعلق بالفرنسة ولغة التدريس، دعا المقرئ الإدريسي، الوزارة الوصية على قطاع التعليم، إلى تطبيق باقي فصول القانون، ففيها أشياء كثيرة أخرى إيجابية.
وشدد الإدريسي، على أن هذا التطبيق الانتقائي في تنزيل مواد القانون الإطار، هي “دليل على أن الهدف لم يكن إصلاح التعليم بل التمكين للفرنسية”، مردفا أن “مواد القانون الإطار ليس فيها إطلاقا ما يشير إلى اللغة الفرنسية، بل تتحدث عن التناوب اللغوي واللغات الحية، لكن حين التطبيق، تم تأويل الأمر إلى اللغة الفرنسية”.
وقال المتحدث للصحيفة التركية، أن “ما وقع هو أنه تم ضرب اللغة العربية باللغات الأجنبية، ثم ذُبحت اللغات الأجنبية باللغة الفرنسية”، مؤكدا على أن “القانون الإطار تبخر الآن، كما تبخرت الاستراتيجية التي بُني عليها، وتبخر الميثاق الوطني للتربية والتكوين، وتبخرت كل الأوراق والوثائق المتعلقة بمنظومة التربية والتكوين”، مستنتجا أن “النتائج كارثية، وستزداد كارثية سنة بعد أخرى، إن لم يتم إيقاف النزيف، الآن وبشكل مستعجل”.