طالبت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، باعتماد برامج تنموية عاجلة تهدف إلى تحقيق تنمية اجتماعية فعلية، تنطلق من مراجعة توزيع الثروة المنتجة، عبر تحسين عام للدخل والقضاء على البطالة وتعميم الخدمات العمومية وتحسينها، والقضاء على مظاهر الفساد المستشري في أعلى هياكل الدولة، بتفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة.
وحسب بلاغ للجمعية، أصدرته اليوم الثلاثاء، بمناسبة اليوم الدولي للقضاء على الفقر، تتوفر (كش بريس) على نسخة منه، فإنها تسجل تفشي الفوارق الاجتماعية والمجالية بالبلاد، ومعاناة أغلبية المواطنين مع الفقر والهشاشة، مطالبة الدولة بسن سياسات عمومية تضمن التنمية الحقيقية والعيش الكريم، مبرزة ف يالسياق ذاته، أن الدولة وعوض أن تعمل على محاربة الفقر والهشاشة في صفوف الأغلبية من المواطنين، اهتدت إلى “ابتكار” سجلات وخرائط وبطائق ومصالح إدارية ومهرجانات مصورة للإيهام بعزمها القضاء على الفقر، مما يجعلها تقر وتؤكد أن الفقر هيكلي وليس ظرفيا أو مرتبطا بتحولات طبيعية كالجفاف أو بأزمات عالمية عابرة مثل كورونا، وحرب أكرانيا، وغيرها.
وأكد المصدر ذاته، على أن الزلزال المدمر الذي ضرب عدة مناطق بالمغرب، مخلفا آلاف القتلى والمعطوبين والأيتام والأرامل وعشرات الآلاف بدون مأوى، قد كشف عن أوجه الفقر المتفشي في أغلب البوادي وهوامش المدن المغربية، كما سلط الضوء على الفوارق الاجتماعية والمجالية التي تتفاقم، سنة بعد أخرى، بفعل الاختيارات الطبقية والسياسات العمومية المملاة من المؤسسات المالية الدولية.
ورفضت الجمعية الحقوقية، إقدام الدولة على خوصصة مئات المؤسسات العمومية، وتسليع المواد والخدمات الاجتماعية وإخضاعها لقانون السوق عبر الإلغاء التدريجي لصندوق المقاصة الذي تقلصت ميزانيته من 53.4 مليار درهم سنة 2012 إلى 26 مليار درهم سنة 2023، مما أدى إلى ارتفاع مهول في الأسعار وتدهور غير مسبوق للقدرة الشرائية لأغلب المواطنين، في ظل سيادة المضاربات وغياب المراقبة على المواد والخدمات الأساسية.
وشددت بهذا الخصوص، على أن طوفان الخوصصة اكتسح مجالات الصحة والتعليم والنقل العمومي والاتصالات وباقي الخدمات الاجتماعية، وآخرها الماء الشروب والكهرباء، ما يعني تعميق الفقر الذي ترزح تحت ناره فئات عريضة من الشعب المغربي، مؤكدة على أن نسب البطالة وظروف العمل المتسمة بالهشاشة تبرز تفشي الفقر بالبلاد، في وقت لا تتوفر التغطية الصحية سوى لأقلية من المواطنين، وقد تفاقم الوضع مع الغلاء الذي يطال أسعار المواد الأساسية والغذائية مقابل جمود الأجور وارتفاع الضرائب على الدخل وعلى الاستهلاك.
وقالت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان أن التجربة المغربية أثبتت أن الخطاب الرسمي وكل “الخطط” و’المبادرات” التي أعلنتها الدولة على مدى عقود “لمحارة الفقر” لم تمنع من تعمقه وتوسعه ليشمل فئات جديدة، ما دامت لم تتجه للأسباب العميقة لهذه الظاهرة، داعية إلى الإسراع في وضع برامج عاجلة للتنمية، وتحريك المتابعات القضائية في حق كل من تحوم حوله شبهات الفساد مهما كان منصبه وموقعه الاجتماعي، مع التراجع عن مجموع السياسات النيولبرالية المفروضة على المغرب من لدن صندوق النقد الدولي والبنك العالمي وباقي المؤسسات الإمبريالية.