صدر عن منشورات فريق البحث في التراث المغربي المخطوط ،كلية الآداب والعلوم الإنسانية، جامعة ابن زهر، مطبعة: SO-ME PRINT أكادير ، بتاريخ 30 ماي 2022 كتاب: “مخطوطات الشيخ ماء العينين؛ الواقع والتحديات”..
إنه الصوت الذي صدع من عمق رمال الصحراء المغربية، فتردد صداه في مخطوطاته ووثائقه ومراسلاته المتبقية تحت يد أحفاده وذويه، ومكتبات التراث الخاصة والعامة، فألب القبائل، واستنهض الهمم ،وجمع الناس على كلمة سواء، متفقين غير مختلفين تحت إمرة العرش العلوي المجيد..
وهذا الكتاب هو عبارة عن مجموعة من الأبحاث منسقة في سفر واحد لباحثين استجابوا لندوة مخطوطات الشيخ ماء العينين، علما أن هذه المخطوطات كثيرة ومفرقة في المكتبات الخاصة والعامة، وتظهر إسهامات أعلام الصحراء في بناء المغرب الموحد ذي المرجعية الدينية المذهبية والعقدية الواحدة، نسقها وأعمل فيها النظر مصطفى الطوبي رئيس فريق البحث في التراث المغربي المخطوط مسهما فيها ببحث في الموضوع المذكور..
يقول الأستاذ الطوبي في صدارة هذا الكتاب: “نقدم اليوم للقارئ الكريم كتابا كان في أصله مشروع ندوة علمية أقعسها وباء كرونا، وما أفحمنا عنا، موسومة بـ “التراث المادي للشيخ ماء العينين بين واقع الصيانة والمآل الفيلولوجي”.. وكنا دبَّجْنا مسودتها بالإهداء الآتي:(مهداة إلى روح القطب المجاهد العلامة المجدد الشيخ ماء العينين بن الشيخ محمد فاضل مامين تغمده برحمته )..”ص 1
وعن التراث المخطوط الذي خلفه الشيخ ماء العينين يقول مصطفى الطوبي في تقديمه للكتاب :”وقد تركَ لنا ما لم يستطع فعله المتفرغون، وبصم في صفحة التاريخ ما لم يبصمه العلماء المجتهدون، وقد ترك لنا هذا العلامة الكبير تراثا ضخما تعد أسفاره بالمئات، نعد منه مهطعين ولا نعدده، فكان بذلك يسابق وقته في التأليف، وكان في جمعه بين العلم والتربية مهيعا دون رصيف، ومن تآليفه الكثر أقدم نماذج حسب المجالات العلمية ، فلهذا الشيخ الكبير ديوان شعري تعد أبياته بالآلاف في مجال الشعر، وكتاب “المرافق على الموافق”، في أصول الفقه، وكتاب “دليل الرفاق على شمس الاتفاق” في الفقه، وكتاب: “منتخب التصوف” في التصوف، وكتاب: “مفيد الراوي على أني مخاوي” في التصوف، وكتاب: “ثمار المزهر” في اللغة، وكتاب:” هداية المبتدئين في النحو”، والرحلة المعينية في التاريخ ، وتبيين الغموض في نعت العروض، في العروض، و كتاب “مزيلة النكد عمن لا يحب الحسد” في الأخلاق، واللائحة طويلة جدا مما سنتوسع فيه حسب المكتبات التي يوجد فيها.” ص 2
وبخصوص واقع هذا التراث المادي يقول مصطفى الطوبي : “والحق أن دون الموضوعات المقترحة شرطَ الحداد ونزعَ القتاد، فالتراثُ المذكور مفرق بين الصورة المخطوطة المودعة في دفاتر وكراسات هرئة لدى المحظوظين من الورثة شذرَ مذرَ، وبين الصورة المطبوعة طباعة أولية حجرية متبقية عند عدد من البيوتات المعينية وغيرها، خاصة إذا علمنا الاستقبال الحسن الذي استقبلت به الطباعة الحجرية في المغرب وغيره، وتزامنها مع حياة هذا القطب الكبير، وحتى المادة المحققة لا نكاد نجد لغطا حقيقيا في طبيعتها المخطوطة المعتمدة في التحقيق إلا من باب الترف في الكلام، ولا في طبيعة هذه التحقيقيات، وعدد النسخ المتخذة جذما لإخراج كتاب من الكتب أو كراسة من الكراسات، أو منظومة من المنظومات، بل نمرُّ على ذلك مرَّ الكرام، ونغض الطرف عن هذه الجواهر المصيرية، ولم تطرح قضية الوسائط المادية على المحك، ولم يلكها أصحاب التحري والشك، وحتى بعد التفكير في تأليف في هذا المجال، وإذاعة الخبر بين أهل العلم وعشاق التراث المعيني، وجدتُ مشكلة حقيقية في استيعاب المحور البحثي المعني بالدراسة، لأن البحث العلمي اعتاد مسالكَ بعينها، ومهايع تمرس عليها الباحثون، ولم يجدوا عنها حِوَلا ..”ص 3-4
ويقول عن لفيف الباحثين الذين أسهموا في رفد مادة هذا الكتاب : ” ومن الأعمال الواردة في هذا السفر إضاءات قلبية من سليل الشيخ الأستاذ المقتدر القاضي الأديب ماء العينين ماء العينين موسومة بـ “التماعات من حياة الشيخ ماء العينين” يتعقب فيها طرفا من حياة الشيخ بين أساطين العلماء والسلاطين، وبحث”نماذج من إجازات الشيخ ماء العينين العلمية” للأستاذ الباحث والشاعر النعمة ماء العينين علي الذي وقف فيه على جملة من إجازات الشيخ، مع ما يستوجب ذلك من شروط عملية، وبحث أسهم به عبد ربه مسود هذه السطور، مرتبط بهذا الباب موسوم بـ”نظرة في الأشكال المادية للتراث المعيني المخطوط” ركزتُ فيه على الأوعية المادية لمخطوطات الشيخ ماء العينين الكثيرة الموزعة بين المخطوطات والطبعات الحجرية، وأرهَصْتُ بتوجيهات في المقاربة المادية لهذا التراث المادي القيم، وبحث موسوم بـ”معطيات عن التراث الثقافي لزاوية الشيخ ماء العينين” للباحث حسن الظريف المتخصص في التراث الثقافي في الصحراء المغربية، والذي قدم فيه مادة دسمة عن التراث المادي للشيخ ماء العينين، مستعرضا تجليات هذا التراث في كثير من المظاهر المادية التي تشهد على نهضة علمية وروحية ترتبت عن ظهور هذا العلامة الكبير، و”قراءة في مظان التراث المعيني المادي: المخطوط والمطبوع” للدكتور الحسين حديدي المقال الذي استعرض فيها نتفا من هذه الأوعية المتنوعة التي ألفها الشيخ ماء العينين ، وبحث موسوم بـ”تدوين كرامات الشيخ ماء العينين” للدكتورة فدوى اجمولة، وهو عنصر من مجال اهتمامها الذي انصب على كرامات شيوخ الصحراء .. وقد اقتصرت الحديث هنا على التدوين بما يستتبع هذا العنصر من معطيات عن مواد الكتابة وأدواتها، والسياق العام لنقل هذا التراث من الشفهي إلى المكتوب..”ص 4 -5
أرجو أن يجد القارئ الكريم شيئا مما يبحث عنه في هذا الكتاب، خاصة وأن صاحبه يعتبر رمزا من رموز الصحراء الكبار، الذين دافعوا عن كل شبر من بلدهم بالغالي والنفيس، وتصدى للمناورات الأجنبية الغاشمة من زاوية السمارة الذي يعود إليه الفضل في تأسيسها، وصان العلم وجدد الدين، وجمع بين التربية والكتابة فصارت بذكره الركبان وضنت بمثله الأزمان ..
كتبه رئيس فريق البحث في التراث المغربي المخطوط
ومنسق الكتاب المعني بالتقرير مصطفى الطوبي