
بعد أزيد من ثلاث سنوات من توقيع اتفاقية لتطوير سياحة الجبال والواحات بجهة درعة تافيلالت، بين عدة وزارات ومؤسسات، فإن تنفيذ المشروع، الذي تبلغ كلفته المالية 1.388 مليار درهم، يعرف تعثرا واضحا في ظل غياب أي تنفيذ فعلي للمشاريع المقررة، وعدم إشراك المهنيين خلال إعداد الوثيقة المرجعية لهذه المشاريع، بالرغم من انقضاء الآجال المحددة لتنفيذ الشطر الأول من هذه الاتفاقية، وهو ما يدعو الى تدخل المجلس الأعلى للحسابات كما هو منصوص عليه في دستور المملكة، لمراقبة الاختلالات التي شابت مشروع الاتفاقية، والدوافع التي ساهمت في تعثرها، وضرورة ربط المسؤولية بالمحاسبة، وأهمية تفعيلها وفق مقتضيات الدستور وما يستلزمه العمل الجاد في مواقع المسؤولية.
وتعود أطوار هذه الاتفاقية إلى سنة 2022، حيث تم التوقيع عليها بين عدة أطراف لتمويل وتنفيذ برنامج يركز على تطوير السياحة الجبلية والواحات في جهة درعة تافيلالت، وتبلغ التكلفة الإجمالية لهذا البرنامج 1.388 مليار درهم.
كما أن السبب الرئيسي في تعثر إنجاز الاتفاقية، يعود إلى وجود خلاف بين مجلس الجهة ووزارة السياحة، حيث طلب رئيس الجهة تعديل الاتفاقية دون الرجوع إلى المجلس، رغم أن أي تعديل يستوجب تصويت المجلس عليه، كما أن الاتفاقية نصت على إنشاء شركة جهوية للسياحة، لكن هذه الشركة لم تر النور بعد بسبب عقبات إدارية وتنظيمية.
ومع بداية سنة 2025 الجارية، وبالرغم من انتهاء المرحلة الأولى من الاتفاقية، التي كان من المفترض أن تشهد تنفيذ المشاريع الموقعة نهاية 2024، بادرت الجهات المسؤولة إلى التشاور مع العمالات من أجل تغيير بعض المشاريع، عقب تعيين والي جديد. إلا أن المشاورات الجارية تعيد النظر في نوعية المشاريع الممكن تنفيذها، وهو ما يعكس رغبة المسؤولين الجدد في تعديل بعض بنود الاتفاقية، وبالتالي فإن أن أي تعديل للاتفاقية يتطلب إما إلغاؤها أو تعديلها مع إعادة التصويت عليها داخل المجلس، مما يطرح تساؤلات حول موقف الشركاء الذين وقعوا الاتفاقية بناء على مشاريع محددة سلفا.
وبالرجوع الى مضمون الاتفاقية، فإن هذه الأخيرة لا تعالج الاختلالات الكبرى التي يعاني منها القطاع السياحي في الجهة، حيث لا تزال مشكلات البنية التحتية قائمة، إلى جانب نقص الربط الجوي، حيث يطالب المهنيون تعزيز الخطوط الجوية على غرار مدن أخرى، في حين أن المشاريع المدرجة في الاتفاقية لم تعالج هذه الإشكالية.
ومن بين المشاريع المثيرة للجدل، إنشاء ملعب غولف في الصحراء بتكلفة 100 مليون درهم، وهو ما يثير تساؤلات حول جدواه في ظل أزمة ندرة المياه، ومدى مساهمته في تطوير سياحة الغولف بالمنطقة، التي تتطلب توفير بنيات تحتية هامة من أهمها التوفر على 3 ملاعب للغولف على الأقل لاستقطاب ممارسي هاته اللعبة.
كما تجاهلت الاتفاقية الأولويات الضرورية للإقلاع السياحي في ورززات، وهو ما يتطلب مواكبة المستثمرين لإعادة فتح الفنادق المغلقة والتي أصبحت نقطة سوداء لم يجد لها المسؤولين أي حل، كما كانت هناك آمال كبيرة بشأن تعزيز النقل الجوي وبنيات التنشيط الثقافية والسياحية، لاسيما عبر إتمام المتاحف التي شرع في بناءها مند حوالي 15 سنة لكنها لم تخرج للوجود الى حدود الآن.
ووفقا لمضامين الاتفاقية، فإن مجلس جهة درعة تافيلالت، يتولى مسؤولية تنفيذ هذا المشروع، باعتباره الجهة المشرفة عليه، وبصفة استثنائية، أسندت مهام صاحب المشروع المنتدب إلى شركة التنمية الجهوية السياحية SDR Draa Tafilalet Tourisme Développement، والتي تتولى تفعيل وتنفيذ مضامين البرنامج موضوع هذه الاتفاقية، وفيما يخص بعض المشاريع تعهد إلى الشركة المغربية للهندسة السياحية.
كما طرح مقترح منح وكالة تنفيذ المشاريع بالجهة صلاحية تنفيذ الاتفاقية، إلا أن هذا المقترح قوبل برفض وزارة السياحة، نظرا لأن هذه الوكالة مكلفة بعدة مهام ولا تمتلك الخبرة الكافية لتنفيذ مشاريع سياحية بهذا الحجم، خلافا لشركة الهندسة السياحية التي تتمتع بخبرة واسعة في هذا المجال.
ـ بوحوت زوبير ـ