(كش بريس/وكالات) ـ في مواجهة براعة الذكاء الاصطناعي (AI) تتضاعف التحذيرات حتى من بعض من يقفون وراء تطوير برمجية تشات جي بي تي ChatGPT. وفيما يتقدم الاتحاد الأوروبي ببطء نحو تنظيمه، يبدو أن صعود التكنولوجيا السريع يتجاوز الجميع.
قال رئيس شركة أوبن إيْ آي Open AI سام التمان أمام مجلس الشيوخ الأميركي الثلاثاء “نحن بحاجة إلى تنظيم عالمي”، معربًا عن خشيته من أن هذه التكنولوجيا يمكن أن “تسبب أضرارًا جسيمة للعالم، من خلال التلاعب بالانتخابات أو التسبب باضطرابات في سوق العمل”.
مثله، يطالب عمالقة التكنولوجيا الأميركيون بتأطير استخدامه فيما يُعلن عن خدمات جديدة للذكاء الاصطناعي كل أسبوع.
لذلك دعت كريستينا مونتغمري، نائبة رئيس شركة آي بي إم للثقة والخصوصية إلى تنظيم القطاع من دون أن يعوق ذلك الابتكار. وفي أبريل، قال رئيس غوغل سوندار بيتشاي إنه “على المدى الطويل سيكون من الضروري تطوير لائحة تنظيمية عالمية” ولكن “ما زلنا في البداية”.
لكن المنشقين عن شركات التكنولوجيا الكبرى التي تعرف اختصارًا باسم غافا Gafa هم الأشد ضراوة ومنهم جيفري هينتون، أحد مؤسسي الذكاء الاصطناعي البالغ 75 عامًا والذي استقال من غوغل في أوائل مايو للتوعية بالتهديدات.
في نهاية مارس، طالبت أكثر من ألف شخصية بأن يتم ولمدة ستة أشهر وقف الأبحاث على الذكاء الاصطناعي من بينهم إيلون ماسك الذي يعمل أيضًا على تطوير شركة للذكاء الاصطناعي والمفكر يوفال نوا هراري المقتنع بأن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يدمر البشرية.
قال الناشط تريستان هاريس، كبير مسؤولي الأخلاقيات السابق في غوغل، “لا نريد عالماً تضع فيه خمس شركات الإنسانية على متن طائرة الذكاء الاصطناعي من دون التفكير في المستقبل الذي نريده”.
*دروس مستفادة؟
في أوروبا، يدق ناقوس الخطر قبل كل شيء الباحثون والخبراء وواضعو الأنظمة، وقد تضاعفت في الأسابيع الأخيرة الخطابات المناهضة للذكاء الاصطناعي.
أكد مستشارون من شركة Vae Solis لصحيفة لوموند الفرنسية أن “إنتاج الصور ومقاطع الفيديو الزائفة بواسطة الذكاء الاصطناعي يشكل خطراً غير مسبوق على الانتخابات المقبلة”. وأضاف الباحث في مجال الذكاء الاصطناعي أوغ بيرسيني “هناك حاجة ملحة لاستعادة السيطرة على الذكاء الاصطناعي الذي من شأنه أن يتسبب في اضطرابات اجتماعية غير مسبوقة”.
في غضون ذلك، يحرز الاتحاد الأوروبي تقدمًا بشأن “قانون الذكاء الاصطناعي” الخاص به. في الأسبوع الماضي، وافق البرلمان الأوروبي على إطار عمل يجب التصويت عليه في يونيو. لكن الأمر سيستغرق سنوات قبل وضعه موضع التنفيذ.
سيفرض النص على أنظمة الذكاء الاصطناعي التوليدية مثل تشات جي بي تي الحصول على إذن مسبق وشفافية الخوارزميات والبيانات الخاصة بها.
تقول الخبيرة إيفانا بارتوليتي، مديرة الخصوصية في شركة الاستشارات ويبرو Wipro “يتفق الجميع على الحاجة إلى قواعد، حتى الشركات”. وتؤكد أن التفكير جارٍ على مستوى مجلس أوروبا والولايات المتحدة والأمم المتحدة.
وتضيف “نحن بحاجة إلى عدم إطلاق تصريحات منذرة، فهذا لن يؤدي سوى إلى أن يرعب الناس بدلاً من مساعدتهم على تعلم استخدام الذكاء الاصطناعي بشكل مسؤول”.
ولكن في أوروبا كما في الولايات المتحدة، تركز الدوائر الاقتصادية على السباق نحو الذكاء الاصطناعي نظرًا لإمكاناته الاقتصادية فضلاً عن أهميته الجيوسياسية، فهو “عنصر من عناصر الأمن القومي”، كما يقول الرئيس التنفيذي لشركة غوغل.
في أوروبا، تخشى الشركات والسياسيون المؤيدون للذكاء الاصطناعي من أن يضر “قانون الذكاء الاصطناعي” أكثر مما ينفع.
يقول جيل بابينه في مجلة لا تريبون “يجب أن نأخذ العبر من اللائحة الأوروبية للبيانات الشخصية. فهذه بدلا من أن تبطئ جماح الشركات الرقمية الكبرى، أعطتها ميزة”، لأن شركات غافا وحدها لديها جيش المحامين الضروري. وبابينه هو رئيس المجلس الوطني الرقمي الذي تعين الحكومة أعضاءه في فرنسا.
ويضيف أن من غير المطروح اتباع مثال هيئة حماية البيانات الإيطالية CNIL التي حظرت تشات جي بي تي ثلاثة أسابيع لأنه جمع بيانات من دون تصريح، ثم أعيد الترخيص للبرمجية الأميركية بعد التزامها بالامتثال ولكنها تواجه شكاوى مماثلة في أماكن أخرى في الاتحاد الأوروبي.
أكد سيدريك أو، الوزير الفرنسي السابق للمجال الرقمي “لا يمكن لأوروبا أن تفوت مثل هذا الاختراق التكنولوجي المهم مرة أخرى. نسخة قانون الذكاء الاصطناعي ترقى بحكم الواقع إلى حظر ظهور نماذج باللغات الأوروبية” لتحليل النصوص والترجمة ومخاطبة الآلة.
من دون تحديد الأسباب، أعلنت غوغل هذا الأسبوع عن نشر برمجية بارد Bard المنافسة لتشات جي بي تي في 180 دولة. ولكن ليس في الاتحاد الأوروبي.
(أ ف ب)