قال تقرير للفدرالية الوطنية للجمعيات الأمازيغية، إن وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، “تراجعت على اعتبار اللغة الأمازيغية لغة حية، تستلزم مقاربة علمية بيداغوجية وديداكتيكية، ومحاولة تهريبها إلى سجن التواصل الشفوي اللهجي، وذلك من خلال الفعل الاستشاري للمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، إلى جانب نهج سياسة التمييز ضد مدرسي الأمازيغية، وتجميد التكوينات الديداكتيكية وتكليفات مدرسيها، وتعميم تدريسها (الذي كان يفترض أن يتم في 2012!)، مما يدل على وجود تهديد فعلي لمنطوق الدستور ومكتسباته”. موجهة اتهامات للحكومة ب”الترويج لأرقام وهمية غير واقعية وغير موجودة، في عدد التلاميذ الذين يدرسون الأمازيغية، (سبق للحكومتين السابقتين الترويج لها)، مع استمرار استئصال تدريس الأمازيغية للمغاربة المقيمين بالخارج”.
وأكد تقرير الفيدرالية، توصلت “كش بريس” بنسخة منه، بمناسبة مرور 11 سنة على الإقرار الدستوري بكون اللغة الأمازيغية لغة رسمية للدولة بدستور 2011، واعتبارها رصيدا مشتركا لجميع المغاربة دون استثناء، “مواصلة الحكومة لمنهجية تلكؤ الوزارة الوصية في اعتماد مرجعيات قانونية وادارية واضحة، تمكن من القطع مع التعسفات التي تطال وضعية مدرس اللغة الأمازيغية، إذ رغم وعدها، فلا زالت الوزارة الوصية تواصل صمتها ازاء خلق خلية تدريس الأمازيغية بالوزارة تكون مهمتها اقتراح وتتبع ومرافقة ملف تدريس الأمازيغية”.
وسجلت الفيدرالية، عن وضعية واقع اللغة الأمازيغية حالة “استمرار التأخير في هيكلة المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية، بالرغم من صدور ونشر قانونه التنظيمي بالجريدة الرسمية منذ 30/3/2020 ، وكذا استمرار مسلسل التمطيط في تعميم تدريس الأمازيغية بالتعليم الأولي وادماجها بالتعليم الإعدادي ووضع مخطط ادماجها بالتعليم الثانوي، ونحن على بعد سنتين فقط على انتهاء الأجل المقرر لتفعيل المادة 4 من القانون التنظيمي للأمازيغية”.
وأوضح التقرير أنه إذا كانت الإذاعة الأمازيغية قد حققت تعميم البث بالأمازيغية على مدى 24 ساعة، فإنها بالمقابل “ما زالت تتحرك بمنطق إذاعة اللهجات، حيث تتجنب الانخراط في سيرورة التقعيد والتحاق اللغة الأمازيغية بالمعرفة العلمية وتطوير التعابير الأدبية والفنية ومحاربة الأمية والتحسيس بقضايا الوطن واشتغال مرافقه ومؤسساته باللغة الأمازيغية. ونفس المنحى تنحوه التلفزة وبالأخص القناة الثامنة التي من جهة تم تعطيل تنفيذ مقررات دفتر التحملات القاضي بإضافة ساعتين كل سنة لفترة البث، مند 2012 ، ومن جهة ثانية يلاحظ ان هذه الأخيرة لم تنخرط إلا في المقاربة التلهيجية والفلكلورية، والبحث عن ما يشبه المجانية في الإنتاج والتعابير الفنية، بواسطة الدبلجة والترجمة حيث لا يتمتع الانتاج التلفزي الأمازيغي إلا بإمكانيات بشرية ومادية ضئيلة مقارنة بالإنتاج العربي”.
وتابعت الوثيقة، أنه رغم صدور منشور لرئيس الحكومة تحت عدد 2019/19 بتاريخ 10دجنبر 2019 المتعلق بتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وكيفيات ادماجها في مجالات التعليم و الحياة العامة ذات الأولوية، ورغم أن المادة 32 من قانون 26/16 تلزم الجماعات الترابية بإعداد ووضع مخططات عمل تتضمن كيفية و مراحل الإدماج الفعلي للامازيغية في المجالات و الميادين حسب إختصاصاتها، حيث حدد منشور رئاسة الحكومة لذلك وآنذاك أجل قبل 26 مارس 2020، سجل التقرير أن “غالبية المجالس المنتخبة تنصلت من مسؤوليتها و لم تتفاعل مع مقررات القانون التنظيمي 26/16، ولا مع مضمون منشور رئيس الحكومة المذكور”.
وفيما يتعلق بقرار مكتب مجلس النواب القاضي بإدماج الأمازيغية بأشغاله، تفعيلا لمقتضيات المادة 9 و 10 من القانون التنظيمي للأمازيغية، فانه سجل التقرير “ضبابية المادة 54 من النظام الداخلي للمجلس في الشكل والمضمون، والتوائها بل وتحايلها على المادة 9 من القانون التنظيمي للأمازيغية، حيث اريد لها (المادة 54 من النظام الداخلي للمجلس) حسب منطوقها التعتيم على التفعيل الجيد بالجودة المطلوبة للأمازيغية بمختلف هياكل مجلس النواب. علاوة على وضع هذه المادة الأخيرة خارج اي تفاعل مع مبدأ الديمقراطية التشاركية”.
ولم يفت الفيدرالية التحذير، من أن “ما ينفذ بالغرفة الأولى بناء على الملاحظة الأخيرة ، هو تشويه وتضييق على ما جاء بالمادة 9 من القانون التنظيمي للأمازيغية، ومتناقض مع كون الأمازيغية لغة رسمية للدولة ، وللتذكير فان المادة 9 من القانون اعلاه تنص على : “تستعمل اللغة الأمازيغية في إطار أشغال الجلسات العمومية للبرلمان وأجهزته”.
وعلى مستوى منظومة العدالة والحق في الولوج للقضاء والحق في محاكمة عادلة، وكون المبادرة المعلن عنها مؤخرا (25/01/2022) بشأن تكوين المساعدين الاجتماعيين للقيام بمهام الترجمة بالمحاكم، فإن الفيدرالية ترى أنها “مبادرة اختزالية والتوائية عما تنص عليه المادة 30 من القانون التنظيمي على علته، حيث تهربت من جهة من التفاعل الشامل مع مقتضيات المادة الأخيرة، وأن من شأن تنفيد هذه المبادرة أن مواصلة التأسيس لفلسفة ورؤية ان اللغة الأمازيغية لغة جالية ولأقلية، وأن الأفق الاستراتيجي لمسألة تكوين ما سمي بالمساعدين الإجتماعيين، لن يضمن للمواطن والمواطنة المغربية حقهم في الولوج للقضاء والحق في محاكمة عادلة”.
وأكدت الوثيقة على أن “الوضع القائم بمنظومة العدالة، لا زال يكرس لاستمرار ممانعة الحكومة في الإدماج الشامل للغة والموروث القانوني الأمازيغي بمجمل هيئات منظومة العدالة التي تشرف عليها ومنها مرفق كتابة الضبط، وباقي المهن الحرة المساعدة للقضاء، وما تستدعيه اجراءات الإدماج من استعجالية مراجعة عدة مدونات ونصوص تشريعية، وتوفير ادوات لوجستيكية، علاوة على كل ما يهم جوانب ادماج الموروث القانوني الأمازيغي ، وتعميمها بمختلف الهويات البصرية للمرافق الإدارية للمحاكم بمختلف أقسامها، ومختلف قطاعات منظومة العدالة”.
وشددت الفدرالية الوطنية للجمعيات الأمازيغية، في ذات التقرير، أن وضع الأمازيغية مترد رغم ترسيمها، وأن “إحقاق الحقوق يمر، من جهة عبر التفاعل الجيد والإيجابي غير السياسوي مع القوانين المؤطرة للأمازيغية، ومن جهة ثانية عبر الانطلاق من مبادئ المساواة بين جميع المغاربة في الحقوق والواجبات واستفادة الجميع من المكتسبات المعرفية بفرص متساوية، واعتبار الدولة أول من عليه القيام بواجب احترام الحقوق قبل المطالبة بالواجبات والنظر إلى أن الحد الأدنى المقرر لحماية اللغة الأمازيغية يستدعي تمييزا إيجابيا يضمن حمايتها والنهوض بها دون أية رؤية عنصرية”.
كما دعت الفيدرالية الحكومة إلى ”احترام قواعد الحكامة والديمقراطية التشاركية، ونحثها على أن تتعامل مع جميع المغاربة بشكل متساو في الحقوق والواجبات؛ وهذا ما يحتم على سياساتها العمومية عدم تكريس التمييز بين اللغتين الرسميتين العربية والأمازيغية، من حيث بناء الاستراتيجيات اللازمة لحمايتهما والنهوض بهما”.
مجددة المطالبة ب”إدراج اللغة الأمازيغية الرسمية في مختلف قطاعات الحياة العامة نظرة شمولية تراعي تعديل كل التشريعات المكرسة للميز، سواء في التعليم أو الإعلام أو الإدارة، أو منظومة العدالة أو غيرها من المجالات”.