حذر تقرير جديد لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة من أن التدفقات الدولية لتمويل التكيف مع تغير المناخ، الموجهة إلى البلدان النامية أقل بـ5 إلى 10 مرات من الاحتياجات المقدرة، مؤكدا أن الفجوة لا زالت تزداد اتساعا.
وأشار التقرير إلى أن هذه التدفقات قد بلغت 29 مليار دولار أمريكي في عام 2020، كما أفادت بذلك البلدان المانحة، أي بزيادة قدرها 4 في المائة عن عام 2019، موضحا أنه هناك حاجة ماسة إلى تسريع كبير من أجل مضاعفة التدفقات المالية بحلول عام 2025، على النحو الذي حث عليه ميثاق غلاسكو للمناخ.
واعتبر التقرير، الذي صدر قبل أيام قليلة من انعقاد الدورة ال27 لمؤتمر الأطراف بشرم الشيخ بمصر، أن الجهود العالمية المبذولة في مجال تخطيط التكيف والتمويل والتنفيذ لا تواكب المخاطر المتزايدة.
وأبرز برنامج الأمم المتحدة للبيئة أن التكيف مع تغير المناخ يجب أن يحتل مكانة مركزية ، إلى جانب التخفيف، في الاستجابة العالمية لتغير المناخ، مسلطا الضوء على تقدم بطيء وغير متكافئ في هذا المجال.
وبحسب الوثيقة فإن أكثر من ثمانية بلدان من أصل عشرة تتوفر على أداة وطنية واحدة على الأقل للتخطيط للتكيف، مشيرا إلى أن هذه الأدوات تتحسن وتصبح أكثر شمولا.
وسجل التقرير أن ثلث البلدان الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، البالغ عددها 197 بلدا، أدرج أهدافا محددة كميا وزمنيا بشأن التكيف.
ومع ذلك، تضيف الوثيقة، فإن التمويل المخصص لتنزيل هذه الخطط على أرض الواقع لا تتم متابعته.
وقالت إنغر أندرسون، المديرة التنفيذية لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة إن “الدول تحتاج إلى دعم الوعود الهامة الواردة في ميثاق غلاسكو للمناخ من خلال اتخاذ إجراءات قوية لزيادة استثمارات التكيف وتحسين النتائج، وذلك بدءا من مؤتمر الأطراف السابع والعشرين‘‘.
وأبرزت أن “تغير المناخ يضرب البشرية ضربة تلو الأخرى، كما رأينا طوال عام 2022، ولاسيما في الفيضانات التي أغرقت جزءا كبيرا من باكستان تحت الماء”، مشددة على أن “العالم مطالب بشكل عاجل بخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري للحد من آثار تغير المناخ”.
وأضافت “يجب علينا أيضا زيادة الجهود بشكل عاجل للتكيف مع الآثار الموجودة بالفعل وتلك التي يتوقع حدوثها في المستقبل”.
من جهته، قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إنه من المتوقع أن تتزايد احتياجات التكيف في العالم النامي إلى ما يصل إلى 340 مليار دولار سنويا بحلول عام 2030.
وسجل السيد غوتيريش، في بيان نشره بمناسبة صدور تقرير فجوة التكيف، أن دعم التكيف اليوم يكلف أقل من ع شر هذا المبلغ، معربا عن أسفه لأن الأشخاص والمجتمعات الأكثر ضعفا هي من تدفع الثمن.
وشدد الأمين العام للأمم المتحدة على أن “التعامل مع مسألة التكيف يجب أن يتم بجدية تعكس القيمة المتساوية لجميع أفراد الأسرة البشرية” داعيا إلى إصلاح للتكيف العالمي مع المناخ “يضع الأعذار جانبا وينتقي الأدوات اللازمة للتعامل مع المشاكل المطروحة”.
وبحسب تقرير برنامج الأمم المتحدة للبيئة، الذي يسلط الضوء على العواقب المتزايدة للاحتباس الحراري في جميع أنحاء العالم، يجب على الدول زيادة التمويل وتنفيذ الإجراءات المصممة لمساعدة الدول والمجتمعات الضعيفة على التكيف مع العاصفة المناخية.
وأوضح التقرير أن تنفيذ إجراءات التكيف، المركزة أساسا في الزراعة والمياه والنظم الإيكولوجية والقطاعات الشاملة، آخذ في الازدياد، ولكنه لا يتماشى مع تأثيرات المناخ.
واعتبر أن هذه التأثيرات تصل إلى 1.1 درجة مئوية فقط فوق درجات حرارة ما قبل الثورة الصناعية، مبرزا في هذا السياق الجفاف الذي استمر لعدة سنوات في القرن الإفريقي والفيضانات غير المسبوقة في جنوب آسيا علاوة على حرارة الصيف الشديدة عبر نصف الكرة الشمالي.
وخلص مؤلفو التقرير إلى أن هناك حاجة إلى إرادة سياسية قوية لزيادة الاستثمارات وتحسين النتائج في التكيف، مبرزين أنه لا يمكن السماح لأزمات مثل الحرب في أوكرانيا وجائحة فيروس كورونا (كوفيد-19) بعرقلة الجهود الدولية الرامية إلى توسيع نطاق التكيف مع تغير المناخ.
كما أن هناك حاجة ملحة لإرادة سياسية غير مسبوقة واستثمارات طويلة الأجل في مشاريع التكيف مع تغير المناخ لتجنب اتساع فجوة التكيف.