(كش بريس/خاص) ـ قال تقرير للمفتشية العامة للمالية التابعة لوزارة الاقتصاد المالية، إن تقريرها الافتحاصي برسم المالية 2022، سجل مجموعة من الاختلالات في تسيير وأداء المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، وذلك في وقت يتصاعد فيه التوتر والاحتقان بين إدارة المندوبية وموظفيها الذين خاضوا إضرابات واحتجاجات في الأشهر الماضية.
وحسب التقرير الذي اطلعت (كش بريس) على نظير منه، فإن المفتشية العامة للمالية رصدت مجموعة من النقائص في تسيير المندوبية، على رأسها غياب توازن ميزانياتي لمختلف مشاريع المندوبية، وضعف مصداقية المعلومات، وعدم تفعيل التوصيات الواردة في تقارير الافتحاص لسنوات 2018 و2019 و2020.
وأبرز التقرير، أنه تم رصد غياب آلية لتتبع تنفيذ توصيات لجان افتحاص نجاعة الأداء، مع تفعيل جزئي لتوصيات لجان التدقيق برسم السنوات المذكورة، في توصيات الافتحاص لسنوات 2018 و2019 و2020، كما رصدت الوثيقة أيضا غياب توازن ميزانياتي لمختلف المشاريع المكونة لبرنامج المندوبية ، وعدم ملاءمة التنظيم الإداري المعتمد مع تنفيذ فعال للبرنامج على المستوى الترابي، وعدم أخذ بعد النوع الاجتماعي بعين الاعتبار في تحديد الأولويات الاستراتيجية للبرنامج، مؤكدة على عدم شمولية الأهداف المحددة لكل محاور برنامج المندوبية ، مع عدم تلائم صياغة الهدف المتعلق بالحفاظ على ذاكرة الحركة الوطنية والمقاومة وجيش التحرير مع مختلف العمليات المدرجة لتحقيقه.
أما على مستوى افتحاص المؤشرات المرقمة، فأورد التقرير مسألة عدم تغطية مؤشرات نجاعة الأداء لكل الجوانب المتعلقة بهدف الحفاظ على ذاكرة المقاومة، مع قصور في صياغة بعض المؤشرات، واستمرار اعتماد مؤشرات الوسائل والأنشطة التي لا تعبر عن نجاعة الأداء. علاوة على التباين بين دلالة بعض المؤشرات والمنهجية المتبعة لاحتسابها، كاشفا أن تبني مؤشر “نسبة ملفات التغطية الصحية التي تم استرجاع مصاريفها” يتسم بمحدوديته ولا يعكس نجاعة أداء مصالح المندوبية السامية.
وحسب التقرير ذاته، لإن تمة نواقص تهم منهجية تجميع المعطيات ورصد النتائج المحققة واحتساب مؤشرات نجاعة الأداءن لافتا إلى غياب مؤشرات أو مؤشرات فرعية تعنى بالنوع الاجتماعي. بالإضافة إلى تباين بين المعطيات الواردة بتقرير نجاعة الأداء وتلك المضمنة في الوثائق المقدمة للنتائج، مسجلا نواقص تهم تحديد القيم المستهدفة الخاصة بالمؤشرات.
وشملت الاختلالات، أيضا، عملية تقييم قيادة البرنامج، من خلال عدم توفر المندوبية السامية على وظيفة مراقبة التسيير، وغياب آليات كفيلة بضمان مراقبة بعدية لعمليات تجميع المعطيات واحتساب المؤشرات.
ورصد التقرير نواقص في منهجية تجميع المعطيات ورصد النتائج المحققة واحتساب مؤشرات نجاعة الأداء، مشيرة إلى المندوبية تقوم بتجميع معطيات المؤشرات بطرق بسيطة تقتصر على العد اليدوي أو باستعمال قواعد للبيانات وبرامج معدة من طرف أطر المندوبية. مؤكدا على أن ذلك راجع إلى غياب مساطر موثقة تبين بالدقة والوضوح اللازمين، طريقة تجميع المعطيات واحتساب المؤشرات وإدراجها بتقرير نجاعة الأداء، ومراجعتها والتحقق من مصداقيتها للتقليص من احتمال الخطأ في المعلومات المجمعة.
وأضافت المتفشية العامة للمالية أن جودة ومصداقية المعلومات المتعلقة بالمؤشرات تبقى غير مضمونة، مسجلة غياب نظام معلومياتي مندمج ومتكامل بحول دون ضمان السير الأوتوماتيكي للعمليات المذكورة. مبرزة إنه بناء على هذه الملاحظات واعتباراً لنقط الهشاشة والمخاطر التي تم تحديدها، اقترحت لجنة الافتحاص، تفعيل التوصيات ذات الأولوية التي تمت مناقشتها ومشاركتها مع المصالح المفتحصة خلال الاجتماع المنعقد بتاريخ 2023/09/18.
ولم يفت التقرير دعوة المندوبية إلى تقديم خطة عمل تحدد المسؤولين والجدول الزمني لتنفيذ هذه التوصيات، مشددة على أن تنفيذ التوصيات ذات الأولوية لا يعفي مصالح المندوبية من تفعيل مجموع التوصيات الواردة في التقرير.
وكشف التقرير التوصيات ذات الأولوية التي يتعين على المندوبية تنفيذها، على رأسها العمل على مراجعة المؤشرات المنتقاة لضمان ترجمتها لأحد الأبعاد الثلاثة لنجاعة الأداء، كالفعالية السوسيو- اقتصادية، النجاعة أو جودة الخدمة، وأن يخضع تحقيقها للآليات والعوامل الذاتية المتعلقة بالبرنامج. ومن ضمنها أيضا اعتماد مساطر وآليات مضمونة لتجميع المعطيات ورصد النتائج المحققة واحتساب المؤشرات، مع التنصيص على ضرورة مراجعتها والتحقق من مصداقيتها قبل اعتمادها، وتحديد قيم توقعية وقيم مستهدفة منبثقة من تحليل موضوعي للنتائج مع ضرورة تحيين القيم المستهدفة فور استيفائها.
وأكدت الوثيقة على ضرورة العمل على ملاءمة الأهداف المحددة مع مختلف المحاور الاستراتيجية من جهة، ومع المؤشرات المتعلقة بها من جهة أخرى، والنهوض بدور المفتشية الإدارية والتقنية في تتبع تنفيذ مختلف التوصيات المثبتة في تقارير المفتشية العامة للمالية. مطالبة بتعزيز نظام المراقبة الداخلية المتعلق بتنفيذ البرنامج خصوصا فيما يتعلق بتحديد وفصل المهام المرتبطة بتجميع المعطيات وتركيبها، واحتساب النتائج المتعلقة بالمؤشرات، ومراقبة واعتماد النتائج المحتسبة، فضلا عن إحداث وحدة إدارية تعنى بمراقبة التسيير.
ودعت المفتشية إلى تجويد المؤشرات المنتقاة من ناحية الصيغ المعتمدة لاحتسابها وملاءمتها مع قياس نجاعة الأداء، وأخذ بعد النوع الاجتماعي بعين الاعتبار في كل ما يتعلق بالتخطيط الاستراتيجي وتحديد أهداف البرنامج، وتخصيص مؤشرات أو مؤشرات فرعية لهذا الغرض. دون أن تغفل مجموعة من النقط الإيجابية بخصوص التدبير المرتكز على نجاعة الأداء، والتي تأتي استثماراً لتجربة مصالحها ولمسؤول البرنامج، وفق التقرير ذاته.
ووفق الوثيقة عينها، فإن مصالح المفتشية تمكنت من إيداع تقرير نجاعة الأداء على مستوى نظام البرمجة الميزانياتية “e-budget2” المديرية الميزانية التابعة لوزارة الاقتصاد والمالية، مع تسجيل بعض التأخير مقارنة بالأجل النظامي المحدد لذلك. مذكرة اعتماد برنامج العمل المرحلي “2022-2024″، الذي يعتبر بمثابة استراتيجية المؤسسة وانبثاق البرنامج الميزانياتي من هذه الأخيرة، مع تجاوب إيجابي مع توصيات المفتشية العامة للمالية من خلال مناقشتها في اجتماعات لجنة القيادة والشروع في تفعيل بعضها.