قالت المندوبية السامية للتخطيط، إن متوسط معدل الفقر متعدد الأبعاد في المنطقة المتضررة من الزلزال، يصل إلى 18.5٪، وهو أعلى بشكل ملحوظ من المعدل الوطني في المغرب البالغ 8.2٪، مضيفة أن متوسط معدل الهشاشة للمنطقة المتضررة هو 21.5٪، في حين يبلغ المعدل الوطني نسبة 12.6٪، مستنتجة أن هذه النتائج تشير إلى أن الأقاليم في هذه المنطقة الجغرافية بشكل عام تواجه حرمانًا متعدد الأبعاد أكبر ومخاطر زيادة الهشاشة مقارنة بالمتوسط الوطني.
وأبرزت مذكرة للمندوبية، حول الملامح الاجتماعية والديموغرافية لضحايا الزلزال الذي ضرب منطقة الحوز في 8 شتنبر الماضي، أن سمات الضحايا هو أنهم يتكونون من 53.9% النساء ومن 32.7% الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 65 عامًا فأكثر، وينتمي 65.5% منهم إلى العالم القروي. مؤكدة على أن المنطقة التي تأثرت بالزلزال تتسم في مجملها بتضاريس جبلية بشكل رئيسي (الأطلس الكبير) تمتد على مساحة إجمالية تبلغ 53.135 كيلومتر مربع، وتشمل هذه المنطقة مجموعة من خمس أقاليم وعمالة، موزعة على أربع جهات مختلفة ومتجاورة، وهي: أقاليم الحوز وشيشاوة وعمالة مراكش في جهة مراكش آسفي، إقليم ورزازات في جهة درعة تافيلالت، إقليم تارودانت في جهة سوس ماسة وأخيرًا إقليم أزيلال في جهة بني ملال خنيفرة.
وشددت الوثيقة على أنه في جهة مراكش آسفي، بالإضافة إلى إقليم الحوز الذي تعرض لأشد الأضرار على امتداد 40 جماعة متضررة، تأثر أيضًا إقليما شيشاوة ومراكش بـ 32 و 13 جماعة متضررة على التوالي، في حين عرفت جهة درعة تافيلالت، خصوصا إقليم ورزازات 17 جماعة متضررة. أما جهة سوس ماسة، فقد أثر الزلزال على 57 جماعة جميعها تابعة لإقليم تارودانت. وأخيرًا، في جهة بني ملال خنيفرة، أثر الزلزال على 10 جماعات جميعها تابعة لإقليم أزيلال.
من جهة أخرى، أوردت المذكرة نفسها، أن بناء على آخر إحصاء عام للسكان والسكنى، أجري سنة 2014، كانت المنطقة المتضررة تحتضن أكثر من 2 مليون و402 ألف نسمة، مقسمين على 475 ألف و982 أسرة، في حين قدرت المندوبية عدد سكان المنطقة في فترة الزلزال بحوالي 2 مليون و608 ألف و115 نسمة، بمعدل زيادة بلغ 9 في المائة مقارنة بسنة 2014، مقسمين على 578 ألف و280 أسرة، يبلغ معدل أفرادها 4،5 شخصا.
وأضافت أنه في إقليم الحوز، مركز الزلزال، كل الجماعات متضررة، مؤكدة أن المعطيات المتوفرة قبل الزلزال تؤكد أن عدد ساكنة الإقليم المتضررة يبلغ 669 ألف و28 نسمة سنة 2023، وبلغ عدد ساكنة إقليم شيشاوة المتضررة 357 ألف و720 نسمة، في حين بلغ عدد السكان المتضررين في مراكش 553 ألف و134 نسمة، بينما بلغ عدد السكان المتضررين في إقليم تارودانت 556 ألف و991 نسمة، وعدد السكان المتضررين في إقليم وارزازات 317 ألف و669 نسمة.
وتابعت الوثيقة، أن الزلزال عندما ضرب عددا من أقاليم المغرب لم يتسبب فحسب في أضرار بشرية ومادية مهمة، بل فاقم الفوارق الاجتماعية والاقتصادية الموجودة بالفعل في تلك المناطق الضعيفة. مبرزة أن دمج البيانات المحصل عليها من الإحصاء العام للسكان والسكنى لسنة 2014 والدراسة الوطنية حول استهلاك ونفقات الأسرة 2013/14، سمح بالحصول على مجموعة من المؤشرات حول ظروف الحياة والفقر والضعف على المستوى المحلي، أبرزها علاقة بالمناطق المتضررة أنه عند دراسة الفقر النقدي، يظهر إقليم أزيلال أعلى معدل بنسبة 20.7٪، وهو أكثر من أربع مرات عن معدل البلاد في المغرب الذي يبلغ 4.8٪، في حين يسجل إقليم تارودانت أيضًا معدلًا مرتفعًا بنسبة 9.6٪، ويليه إقليم ورزازات بنسبة 8.6٪، في حين يسجل إقليم شيشاوة والحوز ومراكش معدلات بنسبة 7.1٪ و5.5٪ و1٪ على التوالي.
وخلصت المذكرة إلى أنه بالنظر إلى مجمل المنطقة التي تعرضت للزلزال، يصل متوسط معدل الفقر النقدي إلى 8٪، وهو تقريبا ضعف المعدل المسجل على المستوى الوطني، مضيفة أن هذه الاستنتاجات تشير إلى أن الأقاليم المشمولة في هذه المنطقة الجغرافية تعاني من وضع اقتصادي أكثر هشاشة من المتوسط الوطني.
وفي سياق آخر، ٌالت المذكرة أنه فيما يتعلق بمعدل الفقر متعدد الأبعاد، الذي يأخذ في الاعتبار عدة جوانب للحرمان وليس فقط البُعد النقدي وحده، يحل إقليم أزيلال في المرتبة الأولى بأعلى معدل للفقر متعدد الأبعاد، وصل إلى 28.8٪، في حين تسجل عمالة مراكش أدنى معدل بنسبة 2.8٪ فقط. مشيرة أن هذه الأرقام تبرز تنوعا كبيرا فيما يتعلق بالحرمان في مختلف المناطق ضمن المنطقة المتضررة ككل، خصوصا وأن مؤشرات الفقر متعدد الأبعاد تشمل جوانب عدة مثل الوصول إلى التعليم والصحة والمياه النظيفة والإسكان، بين أمور أخرى.
وفي العلاقة بمعدل النشاط كشفت المندوبية في مذكرتها أن معدل النشاط في المنطقة المتضررة يبلغ 45،6 في المائة، وأوضحت المذكرة أن الرقم رغم أنه أقل نسبيا من المعدل الوطني، غير أن المنطقة ككل تضم أقاليم يختلف فيها المعدل من إقليم إلى آخر، وهو ما يفسر جزئيا هذا الفارق، إذ يبلغ معدل النشاط في المناطق الحضرية 48،3 في المائة، مقابل 49،1 في المائة كمعدل وطني، في حين يبلغ معدل النشاط في المناطق القروية 43،7 في المائة مقابل 45،1 في المائة كمعدل في العالم القروي وطنيا.
وأضافت أن الأقاليم المتضررة تعرف معدلات نشاط تتراوح بين 41.3% و50%. إذ تعرف مراكش تظهر أعلى معدل نشاط، بينما تارودانت تسجل أدنى معدل. ومن حيث بيئة الإقامة، يسجل أزيلال أدنى معدل نشاط بنسبة 39.9%، في حين تظل مراكش في المقدمة بالنسبة للمناطق المتضررة، في حين أنه بالنسبة للعالم القروي، باستثناء مراكش (47.7%) والحوز (45.6%)، تعرف جميع الأقاليم المتضررة معدل نشاط أقل من المتوسط الوطني.
أما فيما يتعلق بأنشطة الرجال والنساء، فإنه في مجمل المنطقة المتضررة، معدل نشاط الرجال أعلى بشكل كبير من النساء، ما يُوضح الفوارق الدائمة في سوق العمل. إذ يبلغ معدل نشاط النساء فقط 16.5%، في حين يصل معدل نشاط الرجال إلى 76.2% مذهلاً، مشيرة إلى أن هذا الاختلاف الكبير يعكس التحديات في مشاركة النساء في الحياة الاقتصادية داخل تلك المناطق.
وأضافت وثيقة المندوبية، أنه من خلال دراسة الجماعات المتضررة، يسمح تحليل معدل النشاط بالوصول إلى عدة استنتاجات هامة بشأن النشاط الاقتصادي في المنطقة المتضررة، إذ يكشف هذا التحليل عن اختلافات كبيرة، مما يوفر معلومات قيمة لفهم الديناميات الاقتصادية المحلية. وأعطت المذكرة على سبيل المثال، أنه في إقليم أزيلال، تتفاوت معدلات النشاط بشكل كبير، متراوحة بين 36.8% و 53%. وتبرز جماعة آيت أُمديس ضمن الجماعات المتضررة بمعدل نشاط يبلغ 53%، مما يشير إلى مشاركة قوية للساكنة النشيطة. في حين، تعرف جماعة واويزغت معدلاً أقل للنشاط بنسبة 36.8%، مما يشير إلى وجود تحديات اقتصادية محتملة.
وخلصت المذكرة إلى أن البيانات المتوفرة تبرز التحديات والفرص المتعلقة بالتنمية الاقتصادية في الأقاليم المتضررة، مشيرة أن الفهم الدقيق لهذه الاختلافات ضروري لتوجيه السياسات الاقتصادية المحلية وتحسين مستويات العيش وتعزيز نمو اقتصاد متوازن.