(كش بريس/ التحرير) ـ كشف المجلس الأعلى للتربية والتكوين في تقريره لسنة 2023، في تقرير جديد له، تم تعميمه على مختلف وسائل الإعلام، عن وجود تأخر وتعثر في إصلاح التعليم بالمغرب، وهو ما يجعل أن الجيل الأول الذي سيتفيد من إعمال الإصلاح منذ التعليم الأولي لن يكون إلا بعد سنة 2030.
وأوضح المجلس أن إعمال الإصلاح المنشود لقطاع التعليم عرف خلال العقدين الأخيرين مراكمة التأخير في الانطلاق أو “الإعمال”، بالرغم من الجهود الكبيرة التي تم بذلها، وهذا التأخر حمل في حد ذاته أخطارا على دور منظومة التربية والتكوين في الارتقاء بالأفراد والتنمية المجتمعية.
وتناول التقرير مجمل الإشكالات المطروحة، من بينها التأخر الكبير في بدء الإصلاحات وتنفيذها، وهو ما أضعف قدرة المنظومة على الصمود في مواجهة الأزمات، كما كان واضحًا خلال جائحة كوفيد-19 في عام 2020، وزلزال الحوز في 2023، بالإضافة إلى الإضرابات المتكررة التي شهدتها هيئة التدريس على مدى ثلاثة أشهر في العام الجاري.
وأشارت الوثيقة، إلى معيقات حكامة الإصلاح من عقبات، فاللجنة الوطنية لتتبع ومواكبة إصلاح منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي وتنظيمها وكيفية سيرها، وبالرغم من كونها أهم آلية من آليات الحكامة التي جاء بها القانون الإطار تحصينا واستدامة للإصلاح، بغض النظر عن الأزمنة الحكومية، فقد توقفت اجتماعات هذه اللجنة مع نهاية ولاية الحكومة السابقة.
ولفت المجلس، إلى الإصلاحات في المدى البعيد إلا أن زمنية الحكومة تندرج حتما في المدى القصير والمتوسط. وهو التفاوت الزمن الذي يؤدي إلى عدم نضج الإصلاحات التي تلاحقها تغيرات الولايات السياسية للحكومات. وهكذا فإن الإصلاحات لا تتوفر على الوقت الكافي والضروري للتأثير بشكل فعال. مشيرا إلى ورش الإنصاف وتكافؤ الفرص في المنظومة التربوية. و “رغم التقدم المحرز في هذا المجال”، إلا أن التقرير سجل استمرار بعض التفاوتات المجالية والاجتماعية التي تعيق تحقيق الأهداف المرجوة. موضحا أن عدد المسجلين في مؤسسات التربية والتكوين بلغ حوالي 10.53 ملايين تلميذ وتلميذة، أي ما يعادل 28.4% من إجمالي عدد السكان.
ووجه التقرير انتقادات للتأخر في إصدار العديد من النصوص التي تعتبر مستلزمات ضرورية لإعمال الإصلاح، مع الإشارة إلى غياب التصور الشمولي والمقاربة النسقية في مشاريع النصوص القانونية والتنظيمية، الأمر الذي استدعى التوصية بمراجعات جوهرية لتلك النصوص ومراعاة تراتبية المعايير» و “التقائية السياسات العمومية”.
وأكد على أن سؤال الجودة في التعليم يرتبط أساسا بإصلاح المناهج والبرامج، لكن هذا الأخير يعرف أوجه قصور مرتبطة أساسا بغياب صورة واضحة المعالم بخصوص النموذج البيداغوجي الجديد في كليته وشموليته، مسجلا التأخر في إرساء وإطلاق أشغال اللجنة الدائمة لتجديد المناهج والبرامج والتكوينات، التي تضطلع بمهام تأطيرية ومهيكلة، إضافة إلى التعثر الذي يعيق دمج التعليم الأولي في التعليم الابتدائي، ليشكلا معا سلك التعليم الابتدائي.
وقال إن تأخر إرساء لجنة مراجعة المناهج والبرامج أدى إلى التأخر في وضع الإطار المرجعي للمناهج والبرامج، وإعداد الدلائل المرجعية المرتبطة بها، واعتماد نظام التقييم والاعتماد والمصادقة على الكتب المدرسية، ووضع الإطار المرجعي للوظائف والكفايات.
ويتمثل أبرز أثر متوقع، في كون الجيل الأول الذي سيستفيد من إعمال الإصلاح منذ التعليم الأولي، قد يمتد لما بعد سنة 2030، بالنظر للمسار الطويل الذي يتبعه إصلاح المناهج وتوفير مستلزمات إعمالها، خاصة منها ما يتعلق بتكوين المدرسين والمكونين، علما بأن موضوع المستلزمات يعتبر من أبرز ما يحد من الأثر المطلوب لتفعيل الإصلاحات.
وشدد في السياق، على أنه ينشأ عن عدم احترام الآجال بالضرورة، آثار مؤسساتية وقانونية وتربوية واجتماعية بحسب طبيعة المشاريع المعنية، الأمر الذي قد يحدث اضطرابا في السير العادي للمنظومة، ويخلق إحساساً بعدم الثقة بالإصلاحات في أوساط المهنيين والمجتمع، حتى ولو كانت مؤطرة بقانون ملزم. موصيا باتخاذ مبادرات تضفي ديناميكية جديدة على الإصلاح، تعزز المكتسبات وتجدد التفكير في كيفية معالجة التحديات، وذلك بإشراك كافة الفاعلين، وبروح من التعبئة التي تطال المجتمع بأسره.
وجدد المجلس، الإشارة إلى إحياء اللجنة الوطنية لتتبع ومواكبة إصلاح منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي، التي تقوم بمواكبة وتتبع إعداد مشاريع النصوص التشريعية والتنظيمية المنصوص عليها في القانون الإطار، وتلك التي يستلزمها التطبيق الكامل لمقتضياته، إلى جانب اقتراح كل تدبير من شأنه ضمان التقائية السياسات والبرامج القطاعية في مجال التربية والتعليم والتكوين والبحث العلمي، ودراسة مطابقة هذه السياسات والبرامج للاختيارات الاستراتيجية لإصلاح المنظومة، فضلا عن تتبع تنفيذ الأهداف المنصوص عليها.
كما لم يفته التنبيه، إلى ضعف البنية التحتية في العديد من المؤسسات التعليمية، خصوصًا في المناطق الريفية. وقد أشار إلى النسب المتدنية لربط المدارس بشبكة الصرف الصحي، بالإضافة إلى النقص الكبير في المرافق الصحية، مما يؤثر سلبًا على الصحة والسلامة العامة للمتعلمين، وخاصة الفتيات.