(كش بريس/التحرير) ـ كشف المجلس الوطني لحقوق الإنسان، عن غياب ضوابط أخلاقية واضحة تنظم النشر على منصات التواصل الاجتماعي، مما يزيد من خطر انتشار المعلومات المضللة وخطاب الكراهية. وحذر من أن تزايد عدد المنصات والقنوات التي تناقش قضايا الشأن العام استنادًا إلى معطيات غير دقيقة أو مفبركة قد يؤثر على الرأي العام بشكل تحايلي، ويشوش على النقاشات العمومية.
وأبان المجلس في تقريره السنوي، عن اشتداد المخاطر التي يفرضها الفضاء الرقمي على النقاش العمومي في المغرب. مشيرا إلى أن التحول التدريجي للتعابير العمومية، من الفضاء الواقعي إلى الفضاء الرقمي، أثر بشكل كبير على النموذج الناشئ للحريات في البلاد.
وحسب المعطيات الواردة في ذات الوثيقة، فإن الفضاء الرقمي، الذي يعتبر حاضنة رئيسية لهذا النموذج الناشئ للحريات، ساهم في تعزيز حرية التعبير ومشاركة المواطنين في أشكال جديدة من ممارسات الحريات. ومع ذلك، أكد التقرير أن هذا الفضاء بات مرتعًا خصبًا لممارسات تقوض قيم المجتمع الديمقراطي وتفرغ العديد من الحقوق والحريات من محتواها، مثل حق الاحتجاج والمساءلة والانتخاب، إضافة إلى تمييع النقاش العمومي.
وأوضح المجلس أن انتشار التضليل والأخبار الزائفة يشكل تهديدًا خطيرًا لحرية تداول المعلومات، مما يؤدي إلى تضليل الرأي العام وتقويض قدرة المواطنين على اتخاذ قرارات مستنيرة. كما ألقى الضوء على المشاكل المرتبطة بالتشهير، والاستدراج، والتطرف، وترويج خطاب العنف والكراهية، مما يجعل الفئات الهشة والأشخاص عرضة للاستهداف.
وأقر تقرير المجلس، وقوع “تشظي حقل الميديا”، ما أدى بإزاء الانتشار الواسع للإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي ظهور فاعلين جدد في مجال الإعلام، تجاوزوا الصحافة التقليدية من حيث الانتشار والتأثير. ولم تعد صناعة المحتوى الإعلامي مقتصرة على الصحفيين، بل أصبحت منصات التواصل الاجتماعي تعج بصناع محتوى غير مهنيين، يتفوقون أحيانًا في جذب المتابعين والتفاعل السريع مع الأحداث. وهو ما يطرح بإلحاح ضرورة تعزيز “المواطنة الرقمية” كمدخل أساسي للتعامل الإيجابي مع التكنولوجيات الحديثة، مشددًا على أهمية تهيئة المواطنين للتفاعل المسؤول والبناء في الفضاء الرقمي. كما طالب بإلغاء النصوص القانونية التي قد تقيد حرية التعبير في الفضاء الرقمي، والعمل على تعزيز الضمانات القانونية لحماية الخصوصية، ومكافحة خطاب الكراهية والتحريض على العنف.
وأبرز المصدر عينه، أن مواجهة هذه التحديات تتطلب تضافر جهود جميع الفاعلين، بما في ذلك السلطات العامة والإعلاميين والمدافعين عن حقوق الإنسان، للتكيف مع التطورات السريعة في الفضاء الرقمي، خاصة في ظل تزايد تأثير منصات التواصل الاجتماعي كمصدر رئيسي للأخبار والمعلومات. مؤكدا على ضرورة الاسترشاد بالمعايير الدولية والاجتهادات القضائية في حماية حرية التعبير بأشكالها الجديدة، مع مراعاة خصوصيات تعابير مغاربة الخارج وتغيرات المنظومات القيمية بين المغرب ودول المهجر.