تحتفل التنسيقية الجهوية للائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية بمراكش آسفي، باليوم العالمي للغة العربية الذي يصادف كل سنة 18 من دجنبر، حيث تنظم أسبوعا ثقافيا تربويا، بشراكة مع المديرية الإقليمية لوزارة التربية الوطنية بمراكش ومركز عناية ومؤسسة “كش بريس” الإعلامية، وذلك ما بين 20 و 30 من دجنبر الجاري، تحت شعار : “اللغة العربية هوية، ثقافة، امتداد“.
ويتضمن الأسبوع الثقافي والفكري، الذي يشارك في تأطيره نخبة من الأكاديميين والمثقفين، برنامجا متنوعا حافلا بالأنشطة والفعاليات، من بينها -مائدة مستديرة حول اللغة العربية تتحدث عن نفسها (إبداعات المتعلمين)، بتنسيق مع الثانوية الإعدادية السعادة بالآفاق مقاطعة المنارة، بمشاركة كل من الأستاذات/ة: فوزية رفيق، وفاطمة الزهراء اشهيبة، وياسين بن ايعيش، وعامر مرزوك، حفصة العلوي، وفاطمة حرار،وسميرة الساكت، و مالكة العلوي، ورشيد بويكروان وتلميذات وتلاميذ الثانوية المنسق معها، وذلك يوم الثلاثاء 20 دجنبر 2022.
ويوم الخميس 22 دجنبر الجاري، سيتم تنظيم مسابقة لغوية: أولمبياد اللغة العربية، بتنسيق مع مدرسة لالة أمينة بعرصة الحامض مراكش المدينة، بمشاركة الأستاذات: فوزية رفيق ومالكة العلوي وفاطمة حرار وحفصة العلوي وحليمة الطاهري ونادية بوغوليد وتلميذات وتلاميذ المدرسة المعنية.
ويوم السبت 24 دجنبر الجاري، تلتئم ندوة علمية ترافعية، حول “اللغة العربية والقانون” بغرفة الصناعة والتجارة والخدمات بمراكش، بمشاركة الأستاذات والأساتذة: مصطفى غلمان، م إدريس النوازلي، و. م الحسن السويدي، وفاطمة رومات، وحبيبة بلغيتي، وعفيفة بلعيد، وحسناء بلبنار، وصابرينة شريف وزان، وفاطمة حرار ، ومصاحبة الفنان عبد الرحيم سلابة.
وفي يوم الأربعاء 28 دجنبر 2022، سيتم تنظيم لقاء علمي عن بعد بالتنسيق مع الجامعة العالمية الإسلامية بماليزيا، حول “عالمية اللغة العربية” بمشاركة الدكتور عبد الجليل هنوش والدكتور جاسم علي جاسم.
فيما تنهي تنسيقية الائتلاف بمراكش آسفي أسبوعها الثقافي والتربوي، بتنظيم أمسية إبداعية شعرية يوم الجمعة 30 دجنبر الجاري، بمشاركة الشعراء والشاعرات: عبد الرزاق مرزوق ويحيى عمارة وحميد الشمسدي وفوزية رفيق ومالكة العلوي وفاطمة الزهراء اشهيبة.
تجدر الإشارة إلى أن كلمة الاحتفاء باليوم العالمي للغة العربية لهذه السنة، تقرأها الأكاديمية الدكتور فاطمة رومات، أستاذة الذكاء الاصطناعي بجامعة محمد الخامس بالرباط.
نعرض هنا أرضية النقاش التي أعدتها اللجنة التنظيمية للتنسيقية، بخصوص الندوة العلمية حول “اللغة العربية والقانون”:
“لا يمكننا الحديث عن اللغة العربية، بصفتها لغة متجذرة في التاريخ زادها نزول الوحي والقرآن متانة واقترابا من الإنسان وانشغالاته، دون استحضار الأبعاد الإنسانية لهذه اللغة وقدرتها على مواكبة مختلف التطورات، وتجاوز الكثير من الصعاب التي عرفتها كلغة حية على مر العصور، إلى جانب الصعاب التي فرضها زمن الرقمنة. وعليه، فاستعمال اللغة العربية لم يكن حكرا على مجال الأدب فقط، بل هو استعمال شامل وعام لمختلف الحقول العلمية والمعرفية، وبالعودة إلى الثقافة العربية الاسلامية نجد أمثلة حية تؤكد موسوعية لغتنا فكل قاضٍ– على سبيل المثال لا الحصر- هو أديب بالفطرة؛ فإما أن يكون لغويا، أو نحويًّا، أو مفسرًا أو شاعرًا أو غير ذلك، مما يؤكد أن هذه اللغة تفرض وجودها بالفعل والقوة، إذْ لا مناص منها في أي مجال من المجالات مثل: الطب، والفلك، والقانون…
إن التداخل القائم بين اللغة ومختلف الحقول المعرفية الأخرى، بما في ذلك القانون، يعد من المسائل البديهية التي تجعل رجل القانون، وكل من يريد التمرس بفصوله أو ممارسته، مطالبًا بأن تكون له معرفة باللغة العربية وبقواعدها وحيثياتها حتى يتسنى له الخوض في الأحكام وفهمها ترسيخا لمفهوم العدل في أقصى مداه. وفي أسمى معانيه.
وأمام المد الذي يشهده العالم في زمن العولمة والرقمنة، فنحن اليوم مطالبون -أكثر من ذي قبل- بإماطة اللثام على القدرة الهائلة للغة العربية على مواكبة التطور العلمي والتقني مما يجعلها لغة طيعة سلسة للاستعمال العلمي والقانوني، مع ما اكتسبته من حصانة تضمن الدقة اللازمة في سبر اغوار القوانين وتنزيلها وتبسيط لغة الأحكام ومخرجاتها.
بكل أريحية يمكننا اليوم الحديث عن لغة القانون وبلاغته وفقه القانون واجتهاداته، ونحو القانون وبلاغته مما يسهم في إكساب ممارس القانون القدرة على تحرير العقود، والأحكام القضائية وغيرها من العمليات والمهام الإدارية والقانونية بكل إتقان وجدية.
لكل ما سلف، يدرج احتفاء تنسيقية الائتلاف الوطني للغة العربية -جهة مراكش آسفي- باليوم العالمي للغة العربية، الذي يوافق 18 دجنبر من كل عام، في سياق قناعة شاملة كبرى في أن المشروع المجتمعي الإنساني الذي تحمله لغتنا المتينة بين طياتها وتحفظها الأنفس المتيقنة في صدورها مما سيشكل فرصة سانحة يحتفي فيها الائتلاف بالقانون وبأهله ولغته، ترافعا منا جميعا على لغة قدسية قوية وخالدة، تحقيقا لقناعاتنا الكبرى الرامية إلى تجاوز خندقة اللغة العربية في مجال الأدب وحقوله المعرفية، ليضمن لها الانفتاح على أفق أرحب يجد امتداداته في مختلف المجالات التي ننتمي إليها وتنتمي إلينا تنظيرًا وممارسة.
ختاما نطرح السؤال المفتاح لندوتنا:
لو كانت اللغة العربية فعلا – كما يدعي البعض- لغة ضعيفة لا تصلح بان تواكب المستجدات العلمية والطبية والقانونية، فكيف استطاعت هذه اللغة أن تضمن لنفسها كل الامتداد والصمود دونا عن باقي اللغات مثل: الآرامية، والسريانية وغيرهما؟ فلولا قوة ومتانة اللغة العربية -المستمدة من الوحي والقرآن بخاصة، لما استطاعت هذه اللغة أن تظل خالدة وشامخة إلى الآن، ولعل أكبر دليل على هذا الكلام، أن المحفل العالمي الذي يعرفه العالم الآن، كأس العالم لكرة القدم، يشكل عرسًا كبيرًا ينتصر للغة العربية بالدرجة الأولى انتماء وحضورا وتفوقا؛ ففي الوقت الذي كادت تتسرب فيه الظنون إلى أنفسنا متوهمين أن شمعة العرب ولغتهم انطفأت أو كادت أن تنطفئ، جاء هذا المحفل ليحمل معه بشرى سعيدة تطمس كل الأوهام وتؤكد على الحضور القوي للغة العربية والهوية العربية”.