وجه المكتب الجهوي للجمعية المغربية لحماية المال العام، جهة مراكش الجنوب، شكاية ضد مجهول، للسيد الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بمراكش، في موضوع ” من أجل تبديد أموال عمومية والتزوير”، تتعلق بتواطئ موظفين ومسوؤلين عموميين على إرتكاب أفعال خطيرة معاقب عليها بمقتضى القانون الجنائي .
وحسب الشكاية، التي توصلت “كش بريس” بنسخة منها، فإنه “في إطار تتبع الفرع الجهوي مراكش الجنوب للجمعية المغربية لحماية المال العام لقضايا الفساد ونهب المال العام توصلنا بوثائق ومعطيات تتعلق باستمرار نزيف تبديد الرصيد العقاري العمومي تحث ذريعة الإستثمار من خلال توطوء موظفين ومسوؤلين عموميين على إرتكاب أفعال خطيرة معاقب عليها بمقتضى القانون الجنائي” .
وأضافت الشكاية، أنه “اتضح لنا في الجمعية المغربية لحماية المال العام أن المجالس المنتخبة والمتعاقبة على تدبير مدينة مراكش قدأمعنت في تفويت العقار العمومي وتبديد وهدر أموال عمومية مقابل إغتناء بعض الأشخاص الذين استفادوا من تلك التفويتات المشبوهة تحث غطاء قرارات صادرة عن تلك المجالس وتفويت فرص التنمية والتشغيل والإستثمار على ساكنة المدينة وللأسف الشديد، فإن تلك الدرائع والأسباب هي التي تشكل خلفية تلك القرارات ، واستمرار تلك الجرائم له علاقة بسيادة الإفلات من العقاب وضعف حكم القانون وآليات الرقابة والمحاسبة” .
وبناء على ما سبق، تضيف الوثيقة، فإن “تلك التفويتات المغلفة بالقانون وشرعية المؤسسات تعود إلى عقود سابقة وهكذا فإنه يمكن الوقوف من خلال هذه الشكاية عند المعطيات والوقائع التالية :
بتاريخ 22 دجنبر 1986 تقدمت شركة “المنصور بلاص” بطلب إلى رئاسة المجلس البلدي لمدينة مراكش تطلب من خلاله تفويتها القطعتين الأرضيتين البلديتين المتواجدتين بزاوية شارع مولاي الحسن وشارع جون كنيدي، وهي قطعتين أرضيتين مجاورتين مساحةالأولى 25836/م2 ذي الرسم العقاري 2574 ومساحة الثانية 16842 /م2 ذي الرسم العقاري عدد 17269 وتبلغ مجموع مساحتها 42678 متر مربع” .
وتابعت الشكاية “يشير طلب الشركة المذكور إلى أنها تنوي إنجاز مركب سياحي من الدرجة الممتازة يحتوي على ما يلي ( حسب الطلب):
250 جناح ، أربعة ملاعب كرة المضرب ، صونا ، مسبح أو لمبي ، قاعة للعرض ، مركز تسلية اقتصادي اجتماعي ، محلات تجارية .
وأوضح نفس المصدر، أنه “حسب التقديرات الأولية للشركة فإن إنجاز المشروع يتطلب غلافا ماليا يقدر بما يفوق تســــــعة ملايير سنتيم” .
و”بناء على طلب الشركة المشار إليه عرض الموضوع على أنظار لجنة التقويم الإقليمية بتاريخ 24/4/1987 حيث حددت ثمن المتر المربع في 150 درهم ، ولكن ونظرا لكون مدينة مراكش ( حسب نفس اللجنة ) في حاجة للإنعاش السياحي فإنها إقترحت أن يكون ثمن التفويت هو 100 درهم للمتر مربع الواحد كما عرض نفس الموضوع على لجنة الدراسات والتخطيط خلال اجتماعها المنعقد بتاريخ 28 مارس 1988 حيث وافقت اللجنة على الطلب”.
وأردف حماة المال العمومي، أنه “بتاريخ 16 مارس 1988 توصل المجلس البلدي للمدينة برسالة عامل مدينة مراكش تحث عدد 4400 جوابا على رسالة موجهة إليه من طرف المجلس البلدي ومما جاء في جواب السيد العامل ما يلي : << إن اللجنة التي ترأسها السيد عامل إقليم مراكش في غضون سنة 1979، والتي انتقلت إلى عين المكان قد أقرت بعدم خضوع هذه القطعة إلى أي تفويت أو معاوضة أو ما شابة ذلك”.
و”هو الجواب الذي لم يرق للجنة المذكورة وأكدت استحالة استمرار الأرض على حالتها وأنه إذا كان للسيد العامل تصور لاستعمال هذه الأرض لغاية معينة فمن الواجب عليه إخبار المجلس بذلك واعتبر المجلس البلدي لمراكش في دورة ابريل 1988 أن مدينة مراكش في حاجة للمشاريع المربحة اقتصاديا وسياحيا وأن الطاقة الاستيعابية لهذا المركب السياحي سيشغل يد عاملة لا بأس بها من أبناء المدينة” تضيف الشكاية نفسها..
وأبرزت الجمعية الحقوقية، في ذات السياق، أن “الحاضرين في القاعة أثناء التصويت هو 25 عضوا وكان تصويتهم على الشكل الآتي :
الموافقون : 22 عضوا ( أسماؤهم كاملة بمحضر الدورة )
الممتنعون ، إتنين :وهما السيدين حسونة محمد – بنعيسى الوريدي
عدم المشاركة : 1- الجلالي أبو علي
و”بذلك يكون المجلس البلدي لمدينة مراكش برئاسة الراحل محمد الوفا قد صوت لفائدة تفويت القطعتين الأرضيتين لفائدة شركة بلاص بثمن 100 درهم للمتر المربع لإنجاز مركب سياحي واقتصادي وفق المواصفات الواردة بطلب الشركة نفسها المشار إليه سابقا” تمضي الشكاية ذاتها .
وتابعت الشكاية قائلة “بناء على مقرر المجلس المذكور صدر مرسوم عن الوزير الأول الراحل عز الدين العراقي تحت عدد 2.91.181 بتاريخ 6 ماي 1991”.
مستطردة “وحيث إنه وعلى خلاف ما قد يظهر من المرسوم بكونه قد تضمن تفويتا بالمراضاة فإن الأمر غير ذلك إذ أن المرسوم استند كما جاء في ديباجته على مداولة المجلس البلدي بمدينة مراكش خلال دورته العادية لشهر أبريل 1988 كما أنه وفي فصله الأول قد نص على مصادقته على مقرر المجلس البلدي بمدينة مراكش خلال دورته العادية لشهر أبريل 1988 ( جلسة 12 أبريل 1988 موافق 24 شعبان 1408 ) وأضاف في نفس الفصل العبارة التالية << بالإذن للمدينة في التفويت بالمراضاة لفائدة شركة “منصور بلاص” قطعتين أرضيتين بلديتين والمتواجدتين بزاوية شارع مولاي الحسن وشارع جون كنيدي”.
وأبرزت الشكاية دواعي الغموض، الذي أصبح ” يلف القضية خاصة مع ورود عبارة ” بالمراضاة ” في نص المرسوم ويطرح تساؤل ما إذا كان المرسوم فعلا قد إعتمد نص المقرر الصادر عن المجلس البلدي لمدينة مراكش كما تمت المصادقة عليه في دورة أبريل 1988 أم أن هناك تحريف ما قد حصل ؟”.
وقدرت الجمعية الحقوقية، أنه “من الناحية القانونية فإن نص المرسوم واضح إذ أنه تضمن المصادقة على مقرر المجلس البلدي لمدينة مراكش في دورته العادية لشهر ابريل 1988 بما في ذلك ثمن التفويت المحدد في 100 درهم للمتر المربع ولم يذكر اي تحفظ على المقرر أو يقيده بأية شروط أخرى لذلك فإن ورود عبارة ”يصادق على مقرر المجلس البلدي لمدينة مراكش”فضلا عن العبارة الواردة في ديباجته والتي جاء فيها ”وبمقتضى مداولة المجلس البلدي لمدينة مراكش خلال دورته العادية لشهر ابريل 1988 (جلسة 12 ابريل 1988 ) إن كل ذلك يفيد الموافقة على تفويت القطعتين الأرضيتين المذكورتين وفقا لطلب الشركة المعنية والذي نال موافقة المجلس البلدي لمدينة مراكش وفق التفصيل الوارد بمحضر دورة المجلس والذي تجدونه رفقته هذه الشكاية” .
وأضافت الشكاية “وحيث إنه وبعد ذلك وقع المجلس البلدي لمدينة مراكش مع شركة ”المنصور بلاص” إتفاقية مؤرخة في 08 ماي 1992 يفوت من خلالها القطعتين الأرضيتين للشركة المذكورة على أساس 100 درهم للمتر المربع وبثمن إجمالي قدره(4.267.000,00درهم)”.
وزادت الشكاية “وحيث إنه وباطلاع على الاتفاقية المذكورة فإنه يتضح أنهاأنجزت إنسجاما مع مقرر المجلس البلدي لمدينة مراكش في دورة أبريل 1988 والذي صادق على طلب الشركة بإنجاز المركب السياحي وفق التفصيل الوارد في طلبها المقدم للمجلس المذكور والمؤرخ في 22 دجنبر 1986” .
ووقفت الرسالة الموجهة للسيد الوكيل العام، على “الفصل الثالث من الاتفاقية ورد فيه ما يلي : ” يصرح المشتري بمعرفته بالعقار المفوت له ويحوزه كما هو عليه حسب التحديد المشار إليه في التصميم ”.
كما “وورد في الفصل السابع من نفس الاتفاقية ما يلي : يمكن للمشتري بعد حصوله على موافقة بلدية مراكش تقديم طلب الاقتراض لمؤسسة مختصة بذلك من طرف الدولة مقابل رهن الأرض المفوتة له وذلك من اجل تنفيذ أشغال البناء الملتزم بإنجازه وللحصول على هذه الرخصة يتعين على المشتري أن يقدم للمصالح البلدية برنامج الأشغال وقدر السلف المزمع طلبه واسم المؤسسة المقرضة ”، حسب ذات الشكاية.
وقال حماة المال العام إنه ” يظهر واضحا أن الأمر لا يتعلق بتفويت بقعتين عن طريق عقد بيع يخضع للشروط الواردة في قانون الالتزامات والعقود وإنما يتعلق الأمر بعقد وإتفاق خاضع لشروط بناء على قرار لجنة التقويم الذي حددت ثمن التفويت في 100 درهم للمتر المربع وكذلك إنسجاما مع مقرر المجلس البلدي لمراكش في دورته العادية لأبريل 1988″.
متكئين على “وحيث إن مرسوم الوزير الأول والإتفاقية المذكورة ما كان ليكون لهما وجود لولا الطلب الذي تقدمت به شركة ” المنصور بلاص ” والذي تضمن شروط وطبيعة المشروع المراد إنجازه ومواصفاته” .
كما “وحيث إن الاتفاقية المذكورة آنفا تشير بوضوح تام ضمن الفصل السابع إلى إلتزام الشركة المفوت لها العقار بإنجاز الأشغال الملتزمة بإنجازها” .
بالإضافة يقول حماة المال العام ” إن المحافظ على الأملاك العقارية بمراكش المنارة توصل برسالة من رئيس المجلس البلدي لمدينة مراكش السيد عبد اللطيف ابدوح بتاريخ 7/3/2003 ومما ورد في جواب المحافظ على الأملاك العقارية ما يلي : << يتضح أن بلدية المنارة فرضت على شركة ” المنصور بلاص ” مجموعة من الشروط وتتعلق بضرورة طلب تقييد الاتفاقية المذكــــــــورة
مع المرســـــــوم رقم 2.91.181 المؤرخ في 06/05/1991 في السجلات العقارية و إخضاع إمكانية الحصول على قروض لإنجاز الاستثمارات لترخيص مسبق من بلدية مراكش المنارة ، وهو ما أكدته رسالتكم عدد 8086 المؤرخة في 30 /04/2000 تجدون طيه صورة شمسية منها ، والتي تطلبون بمقتضاها عدم السماح بتقييد أي رهن أو بيع أو كراء ، يتعلق بالرسمين العقاريين 73.568/04 و101.199/04 لعدم وفاء الشركة المقتنية بالتزاماتها تطبيقا لمقتضيات الفصل 16 من كناش التحملات ” انتهى جواب المحافظ”
وأكدت الرسالة على أن “رئيس بلدية المنارة جليز السيد عبد اللطيف ابدوح سيعود في مراسلة أخرى بتاريخ 7مارس 2003 والموجهة إلى المسؤول عن شركة ”منصور بلاص ” جوابا على مراسلة هذه الأخيرة ومما جاء في رسالة رئيس البلدية المذكور ما يلي : ” كاتبنا السيد مدير الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح العقاري والخرائيطية قصد التشطيب على تقييد دفتر التحملات المتعلق بالشروط المفروضة على حائزي قطع الملك البلدي لمدينة مراكش بالصكين العقارين 73.568/4 و101.199/4 في أفق تمكينكم من إنجاز مشروعكم الاستثماري ” .
كما ورد في رسالة أخرى من السيد عبد اللطيف ابدوح باعتباره رئيس لبلدية المنارة إلى المحافظ على الأملاك العقارية مراكش المنارة تحت عدد 16368 ما يلي :” وعليه يشرفني أن أطلب منكم اعتبار البيع الذي تم بين الطرفين لا يتضمن أي قيد أو شرط مع الإبراء التام لشركة” المنصور بلاص” بخصوص الرسمين العقاريين 73568/م و 101.199/م “، تضيف نفس الشكاية.
وأوضح حماة المال العام، في ذات الشكاية إنه “وبعد كل تلك المناورات التدليسية التي جرت منذ سنة 1988 إلى الآن فإن العديد من الأفعال الخطيرة المرتكبة قد مكنت الشركة من حيازة وتملك العقاريين دون أية شروط“
متابعة إنه “بعد الحديت عن إنجاز مشروع سياحي محدد ومفصل ضمن طلب الشركة المقتنية ومحدد التكلفة المالية وموافقة مجلس بلدية مراكش على الطلب المذكور و المشروط بكناش للتحملات لم نتمكن في الجمعية المغربية لحماية المال العام من الحصول عليه ، وهكذا وبناء على كل تلك التجاوزات والتحايل على القانون تم منح شركة ” المنصور بلاص” هدية من ذهب وتمكنت من الحصول خلال ولاية المجلس الجماعي السابق برئاسة السيد العربي بلقايد من الحصول على رخصتين للبناء الاولى خاصة بإحداث الشطر الأول من تجزئة سكنية والثانية تتعلق ببناء عمارة نموذجية” .
مشيرة إلى أنه “وحيث بحصول الشركة على رخص بناء تجزئة سكنية وعمارة بدلا من مركب سياحي تكون مجموع الأطراف المساهمة والمتدخلة في حصول هذه النتيجة كل حسب مسوؤليته قد استغلت مواقع المسوؤلية والقرار العمومي لإثراء الشركة المفوت لها العقار بشكل غير مشروع”، كما “وحيث إن شركة “ المنصور بلاص ” ستجنى أرباحا خيالية نظير استفادتها من عقار عمومي بمبلغ 100 درهم فقط للمتر المربع !! وهو العقار الذي يقع في منطقة إستراتيجية يصل ثمن المتر المربـــــــــع فيها إلى 35000 درهم ( خمسة وتلاتون ألف درهم )”.
وأردفت الرسالة “وحيث إن الخطير في الأمر هوأن تفويت العقار العمومي المذكور موضوع الشكاية كان بهدف تشجيع السياحة والاستثمار وتشغيل شباب المدينة إلا أنه إتضح بعد ذلك أن تلك الأهداف النبيلة استعملت من أجل تبديد المال العام وتوظيف المؤسسات لإغداق الأرباح والأموال على شركة خاصة” .
وذكرت الشكاية بالقول “قد يبدو أن الوقائع تعود إلى سنة 1988 وأنه بمرور أكثر من 30 سنة تكون قد طالها التقادم لكن على عكس هذا الاعتقاد فإن الوقائع موضوع الشكاية لازالت مستمرة في الزمان والمكان لحدود الآن ومنتجة لكافة آثارها وآخرها تسليم رخص البناء للشركة التي فوت لها العقار في ظروف غامضة وتحوم حولها شبهات وفساد خلال ولاية المجلس الجماعي السابق برئاسة السيد العربي بلقايد مما يجعلها تحت طائلة القانون الجنائي” .
مستنتجة “وبالتحايل على القانون والمساطر وإفراغ المقررات الجماعية من محتواها وتحريف مضمون قرارات رسمية تم الإجهاز على العقار العمومي الذي قيل بداية بأنه موجه لخدمة التنمية والسياحة والتشغيل والاستثمار لينتهي بخدمة مصالح خاصة وتبديد المال العام وتنمية ثروات البعض ضدا على المصالح العليا والحيوية لمدينة مراكش” .
وطالبت الشكاية، بعد بسط كل هذه الوقائع وغيرها، مما سيكشف عنه البحث تشكل في جوهرها جرائم يعاقب عليها القانون الجنائي، وهي وقائع خطيرة ومشينة تتطلب منكم التفضل بإصدار تعليماتكم إلى الشرطة القضائية المختصة”، ب”الاستماع إلى إفادات كل الرؤساء الذين تعاقبوا على تسيير المجلس الجماعي لمدينة مراكش منذ سنة 1988 إلى حدود الآن والذين لا يزالون على قيد الحياة” .
داعية أيضا إلى ” الإستماع للمثل القانوني لشركة ” المنصور بلاص ” والذي تقدم بطلب إقتناء العقار موضوع الشكاية لإنجاز مركب سياحي وكل شخص داخل الشركة المذكورة قد يكون مفيدا لإظهار الحقيقة وتحقيق العدالة”. و” إلى أعضاء بعض اللجان والمجلس البلدي والذين لهم دور في تفويث العقار موضوع الشكاية بما في ذلك الممتنعون عن التصويت خلال دورة ابريل 1988″ .
ولم يفت الشكاية كذلك، دعوة النيابة العامة إلى “الاستماع إلى بعض الموظفين المذكورين في محاضر الدورة المذكورة فضلا عن المهندسين والتقنيين وغيرهم “. و”الاستماع إلى إفادات المحافظ على الأملاك العقارية بمراكش المنارة وحجز كافة الوثائق ذات الصلة بالقضية” . و” إلى كل شخص قد يفيد في تحقيق العدالة” .