بلاغ الوزيرة كارثي تواصليا ولغويا وسياسيا، وهذا من نتائج أن دواوين الوزراء ولجن التواصل عندهم أصبحت مطية للريع والهدايا على شكل مناصب، أو وسيلة لتوزيع فائض الربع على الأتباع والوصوليين والمصفقين داخل الأحزاب، ممن لا كفاءة لهم إلا في علم النفاقولوجيا.
بقليل مما علق في الذهن من دروس “تحليل الخطاب ” (دراسة وتدريسا)، يتبين أن مقال موقع/ جريدة The Australianلم يكن يستهدف الوزيرة، ولا يستهدف المغرب، فالمقال موجه ضد رجل الأعمال الأسترالي وشركته (هل الأمر تصفية حسابات بين الكبار في أستراليا، ممكن، ولكن لا علاقة له باستهداف الوزيرة)، بدليل أننا ببحث صغير في الموقع وجدنا مقالات عديدة ضده، ولم تذكر الوزيرة في اي واحدة منها.
من يعيد قراءة المقال، سيكتشف بسهولة أن رجل الأعمال الأسترالي كان تحت مراقبة الموقع، بدليل انهم تتبعوا حتى سفرياته والفنادق التي كان ينزل بها، والشخصيات التي كان يلتقيها، ولذلك لم يتم النبش في العلاقة المفترضة بينه وبين الوزيرة (اقصد المهنية) حتى لقاء باريس الأخير، لأنهم كانوا يتابعون سفرياته ( ولسوء حظها فقد قامت “قربلة” في مجلس النواب الأسبوع الماضي بسبب تغيبها عن جلسة الأسئلة الشفهية، وحينها أخبر الوزير بايتاس النواب انها في مهمة بفرنسا لجلب الاستثمارات أو ما في معناه).
في بحثهم عن طبيعة العلاقة بين رجل أعمال استرالي ومواطنة مغربية، توصلوا (هذه هي الصحافة الاستقصائية، بغض النظر عن دوافعها، بيناتهوم فأستراليا)، توصلوا إلى صفقاته مع الوزارة ومع لوسيبي، وإلى ان الوزيرة عضو في المجلس الإداري لشركته ( هل ستنفي هذا الأمر، لأنه لو صح لوحده فتضارب المصالح قائم بغض النظر عن صحة الصورة، والتي اتمنى أن تكون زائفة، لأن ذلك الفعل في الشارع العام بالنسبة لمسؤول حكومي لا يدخل في نطاق الحياة الخاصة، مادام المسؤول مطوقا ببروتوكولات وتقاليد خاصة تحفظ للمنصب هيبته (ما هو مباح في الشارع العام للمواطن العادي، قد لا يكون كذلك بالنسبة لمسؤول سام)..
كتب مدبجو ذلك البلاغ الركيك ( الذي يتضمن أخطاء لغوية كثيرة، يستطيع تلميذ نجيب في المرحلة الإعدادية اكتشافها بسهولة) ما يشبه التهديد لمن أعاد نشر ما جاء في الموقع، في محاولة فاشلة لاستنساخ تقنية: احسن وسيلة للدفاع هي الهجوم.
وهو بلاغ لم يكلف كاتبه نفسه عناء الدخول للموقع الأسترالي، لأنه لو فعل ذلك لوجد مقالا ثانيا اليوم اخطر من مقال امس الذي تضمن الصورة، وفيه تفاصيل دقيقة لما حدث الأسبوع الماضي بباريس، (دابا هادو كيتخلصو فلوس صحيحة على التواصل، وهوما كسالى لدرجة ما يتبعوش الموقع لي محرك هادشي)
إن البلاغ الذي كان سيكون مقنعا، هو بلاغ تخبر فيه الوزيرة الرأي العام انها قامت برفع دعوى قضائية أمام المحاكم بأستراليا ضد الموقع، خاصة أنه ببحث صغير تبين أنه من المواقع الأكثر مشاهدة هناك، ويزداد الأمر إلحاحا كون المقال رغم انه موجه ضد رجل الأعمال الأسترالي، إلا أن المعطيات التي فيه قد تعطي صورة سلبية عن مناخ الاستثمارات الأجنبية بالبلد.
لست متحاملا ضد الوزيرة،، لأني أعتبر أن مشكل البلد ليس مشكل أشخاص، بل مشكل بنية قائمة على الريع والفساد وزواج السلطة بالثروة، لذلك من الناحية الإنسانية اتمنى أن تكون الصورة ليست لها (عانينا من التشهير وندرك تبعاته)، وأن يكون ما ذكر في البلاغ صحيحا، ولكن دون اللجوء للقضاء الأسترالي، فإن كل البلاغات لن تفيد.
المنصب الوزاري ليس نزهة، بل له تكلفته، وعلى من يجلس على كرسي حكومي أن يكون مستعدا لتحمل مسؤولية ما يقوم به، لا أن يقول لنا: انا وطني (ة) وادفع ثمن وطنيتي، وانا مستهدف (ة) بسبب ذلك، بل أنت وزير (ة) وكما تستفيد من مزايا منصبك، عليك تحمل عواقبه كذلك.
في الصورة التي اختارها موقع “ويكيبيديا” للتعريف بالوزيرة كان هناك كنغر استرالي على بذلتها.