‏آخر المستجداتلحظة تفكير

د إدريس الكنبوري: المقاومة الفلسطينية.. انتصار أخلاقي مهم جدا

يروج المظليون(Les Parachutistes) بعض الفيديوهات أو الملصقات التي تتحدث عن هزيمة حركة ح؛ماس وعن حجم الخسائر في غز-ة التي خلفها العدوان، وهي كلها مصادر معروف ولاؤها وليس في الأمر جديد تحت نور الشمس.
ولكن كيف نفهم النصر والهزيمة؟
مرة قال نابليون بونابارت: أن تنهزم في معركة وتربح الحرب أفضل من أن تنتصر في المعركة وتصاب بالغرور فتخسر الحرب.
الحرب ليست هي الدمار والقتلى، الزلازل والحرائق والسيول قد تخلف دمارا وقتلى أكثر، لكن الحرب ممارسة للحرية عندما تكون تحت الاحتلال، وقد رأينا الفلسطينيين رغم الدمار والقتل يرفعون رؤوسهم شعورا بالحرية والفخر لأنهم وقفوا ضد العدو رغم آلته العسكرية الهائلة، وفرقوا أنفسهم قسمين؛ القتيل شهيد والناجي مق-اوم، والقسم الثالث هم المظليون العرب.
لكن هناك فرقا بين حرب وحرب. الحرب التي تدخلها دولة ضد أخرى هي حرب عادية كباقي الحروب، أما الحرب التي تدخلها الشعوب فليست حربا عادية بل حرب حضارية. في الحرب العادية تحتاج الدولة إلى الجنود والسلاح والتخطيط، أما الحرب الحضارية فتحتاج بالإضافة إلى ذلك إلى تربية أجيال، لأنها حرب طويلة لا تتوقف عند جيل واحد، والحرب في فلسطين بدأت قبل ثمانين عاما وكل جيل يأتي يضيف إلى الجيل الذي سبقه حتى تتراكم الخبرات، لذلك كانت معركة طوفان الأق؛صى إضافة نوعية كبرى لأنها جاءت بعد ثلاثة أجيال، ومن أجل هذا نؤمن بأن الجيل الصاعد اليوم سيكون آخر جيل.
حققت المقاومة انتصارات متعددة داخل انتصار واحد، كسرت مقولة الجيش الذي لا يقهر، قتلت أكبر عدد من الإسرائيليين لأول مرة، ضربت في عمق تل أبيب لأول مرة، اختطفت أكبر عدد من الرهائن لأول مرة، دمرت دبابات الميركافا لأول مرة، قاتلت من المسافة صفر لأول مرة (إذا استثنينا حوادث الطعن)، فاوضتها إسرائيل لأول مرة، انتظرت أمريكا مواقفها لأول مرة.
لكن أكبر انتصار هو الانتصار الأخلاقي في العالم، لأول مرة عرف العالم أن إسرائيل دولة إرهابية، ولأول مرة تعاطفت الشعوب في أوروبا وأمريكا مع الفلسطينيين بهذا الشكل، ولأول مرة أيدت الشعوب المقاومة ولم تطلق عليها صفة الإرهاب، ولأول مرة تحصل انشقاقات داخل الحكومات الغربية بسبب العدوان، ولأول مرة ترتفع معاداة السامية في أوروبا وأمريكا.
هذا الانتصار الأخلاقي مهم جدا، وقد قال خبير الحرب البروسي كارل كلاوزفيتز في كتابه الشهير “عن الحرب” في القرن التاسع عشر “الحرب صراع مادي وأخلاقي، والقوى الأخلاقية قد توازن عدم التكافؤ في القوى المادية”.
أما النظر إلى الدمار والقتلى فقط واعتبار ذلك مقياس الهزيمة فهذه نظرة العقول البسيطة التي لا تؤمن بدفع الثمن مقابل الحرية، أمثال هؤلاء ينظرون إلى الحياة نظرة الدواب التي تقيس سعادتها بكمية العلف. الإنسان مهما عاش سوف يموت، لا بد أن يكبر ويشيخ ويعجز ثم ينتهي، وإذا كان لا بد من النهاية لم لا يختار الإنسان خاتمته؟

‏مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Back to top button