Aminur Rahman
آمينور رحمن شاعرٌ ومترجمٌ وناقدٌ بنجلاديشي ينبضُ بالحياة والحبّ والحيوية، يهوى السفر والترحال فهي جزءٌ من تكوينه وربما كثرة أسفاره إلى بلدان مختلفة حول العالم أصقلت موهبته الشعرية التي تمتاز بالبساطة والحيوية والعذوبة، فمن يقرأ شعره قد يشعر للوهلة الأولى أنه سافر بعيدًا إلى بلاد العجائب حيث الطبيعة الساحرة والهدوء فدائمًا ما ينعكس حبه للطبيعة في قصائده . كما أنه شاعرٌ مُتجدد في أسلوبه الشعري حيث لا يتبنَّى شكلًا مُحدَّدًا لشعره، فقط يطلق لروحه الحُرَّة العَنان لتكتب وتُعبِّر وتقفز بعيدًا خارج حدود ونطاق المكان والزمان ليصل إلى أبعد نقطةٍ يمكنه أن يصل إليها، لا يتقيد بوزنٍ أو قافيةٍ ، فهو من مدرسة الحداثة ؛ شكلًا ومضمونًا ، كما أن كتابته الشعرية تعكس الذات الإنسانية بتقلباتها. كما هي من دون تكليف فتارة يكتب عن الحُبِّ والغزل وتارة أخرى يكتب عن الحزن والوحدة والعُزلة ، فحرفه يرقص طربًا في قصيدة ويرقص ألمًا في قصيدة أخرى، وهذا يعكس تقلبات الإنسان المزاجية وتناقضات الذات الإنسانية وهذا يدل على شفافيته ورهافة مشاعره وصدقه في التعبير عما يختلج في نفسه من مشاعر مختلفة في فترات مختلفة من حياته.
وُلد الشاعر أمينور رحمن في دكَّا ببنجلاديش عام ١٩٦٦، وتخرج في كلية الصيدلة بجامعة دكَّا وحصل على درجة الماچستير من الجامعة نفسها، ونشر ست مجموعات شعرية باللغة البنغالية وتُرجمت أعماله إلى أكثر من خمس وعشرين لغة ، منها اللغة الإنجليزية والإسبانية والألمانية واليابانية والمنغولية والعربية كما أنه يعمل مترجما فترجم ثمانية كتب شعرية وحرَّر عددًا كبيرًا من المجلات والكتب الشعرية ، كما قرأ شعره في العديد من المهرجانات الأدبية والشعرية في بلاد شتَّى حول العالم وقد مثَّل بنجلاديش في مهرجان الشعر في كولومبياومنجوليا والعراق واليابان وسيريلانكا وإسبانيا ونيكاراجوا وأخيرا ماليزيا في مهرجان ضخم يُقام من ٧ إلى ١٤ ديسمبر ٢٠٢٣ يضمالعديد من كبار الشعراء حول العالم منهم الشاعر والكاتب والصحفي المصري أحمد الشهاوي والشاعر الماليزي رچا أحمد أمين الله وهو منظم ذلك المهرجان الكبير وله اهتمامات كبيرة في إقامة مهرجانات أدبية شعرية بمثابة ملتقيات يلتقي فيها كبار المثقفين من شتّى بِقاعالأرض والشاعر والروائي والأكاديمي الماليزي ملاكاي إدوين والشاعر الإسباني فرانسيسكو مانوز سولر وغيرهم من شعراء وشاعرات منجغرافياتٍ مختلفةٍ.
وفي حوارٍ لأمينور رحمن مع الصحفية الشهيرة ببنجلاديش نجيبة فرحات Najifa Farahat، تحدَّث عن وسام الترجمة الذي حصل عليهبرغم أنه شاعرٌ منذ ما يقرب من ثلاثة عقود وقال إن هويته الأولى هي بالتأكيد الشاعر ،لكنه أيضًا ترجم الكثير من القصائد لشعراء منبلدان أخرى إلى البنغالية، ولايهتم بترجمة النثر حيث لايستهويه ترجمته، وقال إنه وجد كل الشعراء الكبار قد ترجموا كتبًا لشعراء عظام من مختلف بلدان العالم حيث ترجم الشاعر شمس الرحمن أشعار روبرت فروست، كما ترجم الشاعر الدكتور منير الزمان أعمال إميليديكنسون، ففضَّل أن يمشي على ذلك الدرب ويترجم بعض أعمال الشعراء الآخرين، وقال أمينور رحمن :إنه يُفضِّل ترجمة شعراء معاصرينأي من مدرسة الحداثة ، فنُشر أول عمل ترجميٍّ له في عام ٢٠٠٠ حيث ترجم كتابًا شعريًّا للشاعر الهندي سوديب سن الذي يكتب بالإنجليزية إلى البنغالية ، وتحدث أمينور عن بداية ولعه بالشعر وقال إنه كان يمارس الأدب بمفرده أي باجتهادٍ شخصي وحب وولع بالأدب بعيدا عن تخصصه ودراسته في الصيدله وكان يتجول هنا وهناك لجعل الأدب جزءًا من حياته اليومية ونشر أول قصيدة له وهو في الصف التاسع في صحيفة الاتفاق اليومية ، وقال إن سبب اتجاهه إلى ترجمة الشعراء المعاصرين هو كثرة أسفاره وحضوره مهرجانات أدبية شعرية حول العالم ، جعلته يتعرف عددًا كبيرًا من الشعراء المعاصرين ، والتأثر بهم وبكتاباتهم الشعرية، وقال إنه يشعر بالرضا والسعادة الكاملة عندما ينتهي من كتابة ديوان أو عمل ترجميٍّ وليس هذا معناه أن هذا يشعره بالاكتفاء بهذا الحد من النجاح ، لكنه أكد أن النجاح والانتهاء من عمل بنجاح يحفزه على الاستمرارية في الإنتاجية والعطاء.
استمتعت كثيرا بترجمتي لقصائد أمينور رحمن ، حيث شعرتُ بالبساطة والسلاسة تتدفق من حروفه حتى قصائده الحزينة تقطر أحاسيس أنيقة غير مُتكلفة ، فقراءة السطر الأول من قصيدته يجعلك تلهث وراء قراءة بقية القصيدة بل والديوان بأكمله وذلك هو الشعر الآسر : البساطة والعمق معًا.
(Missing You) أفتقدُكِ
أفتَقِدُكِ طَوَال النَّهارِ و اللَّيلِ.
أفتَقِدُكِ في مكَانِ عمَلي.
أفتَقِدُكِ في تأمُّلي.
أفتَقِدُكِ في رِحلَتِي وصُوَري.
أفتَقِدُكِ في سَعَادَتي
أفتَقِدُكِ وأنا أتَحَدَّثُ مع القَمرِ
أفتَقِدُكِ في أحزَاني.
أفتَقِدُكِ وأنا أستَمِعُ إلى المُوسيقى.
أفتَقِدُكِ في رحلَتي الطَّويلةِ.
أفتَقِدُك في صَالةِ الألعَابِ الخَاصَّةِ بي.
أفتَقِدُكِ في عَمَلي التَّطوعِي.
أفتَقِدُكِ في كلِّ اقتِباسٍ جَميِلٍ.
أفتَقِدُكِ في وحدَتِي.
أفتَقِدُكِ في مكَانِ راحَتي.
إنَّه دَورِي ودَورُكِ.
كِلانا يفتَقِدُ الآخر.
فريدةٌ (Incomparable)
أُمَزُّقُ الصَّفَحاتِ واحِدَةً تِلو الأُخرَى،
فقط لأجتَذِبَ نَظرَةً من عَينَيكِ.
هل تَفهَمينَ ما أشعُرُ به
أو كيف حَالَي طَوَالَ اليَومِ.
بِبَسَاطةٍ سَأمُوتُ إذا كان كُلُّ ذلك حُلمًا.
من يَومٍ إلى يَومٍ، من لَيلةٍ إلى لَيلةٍ
أنتِ فَرِيدَةٌ
كَزَهرَةِ لُوتَس زَرقَاءَ
لا مَثِيلَ لها
مُشرِقَةٌ بلا قَلبٍ.
تَمْثَالٌ (Sculpture)
أنحَتُ بعُذُوبةٍ طَوالَ النَّهارِ شَكلَ جَسَدِكِ
من عبَاءةِ الضَّبابِ الكَثِيفِ.
بعَينَينِ مُغَمَضَتيْنِ،
أجلِسُ وسطَ أغطِيَةِ الضَّبَابِ الكَثِيفَةِ،
يَستَقِرُّ صَقِيعُهُا على خَدَّيَّ وأُذْنَيَّ وأنفِي.
أجِدُ الأيدِي نَفسَها،والشِفاة نَفسَها والعُيونَ نَفسَهَا
بهذه النُّعُومَةِ.
يَطفُو جَذعُكِ على ذلك النَّهرِ ،
سأتَغَلَّبُ على تَدَفُّقهِ.
يُزْهِرُ جَسَدُكِ، يُحرِّرُ نَفْسَهُ،
تارِكًا وراءَهُ ضَوءَ الشَّمسِ،
جَسَدَ ضَبَابٍ زَائلٍ.
أنتِ مَجدُولةٌ بِرُوحِي،
جِذرُهَا قَويٌّ وعَميقٌ.
(Answer) الإجابةُ
عندما قُلتُ لكِ : ارتَدِي قَميصًا جَميلًا مُزَيَّنًا بالطُّيورِ
أجَبتِ:’لقد أخَذتُ الطُّيورَ من الصُّورةِ التي أعطَيتَنِي إيَّاها’.
عندما قُلتُ لكِ: ‘أنا شَديدُ المُلاحَظةِ
ولدىَّ حاسَّةٌ سَادِسةٌ’.
أجَبتِ من دُونِ تَأخِيرٍ: ‘وأنا لديَّ العَاشِرةُ’.
عندما قُلتُ لكِ:’أنا في المَنزِلِ’.
أجَبتِ:’كُلُّ يَومٍ هو عُطلَةٌ لكَ’.
عندما قُلتُ لكِ:’بول أنكا هو المُفضَّلُ لي’
قُلتِ: ‘وأنا أحبُّ لايونيل ريتشي أيضًا’.
عندما قُلتُ لكِ:’اشعُرِي بِصوتِ البَحرِ’.
ضَحَكتِ: ‘يُمكِنُني فقط سَمَاعُ نُبَاحِ الكِلابِ’.
عندما قُلتُ لكِ:’في غُضُونِ يَوميْن، سأُغَادِرُ البِلادَ’.
أجَبتِ: ‘أنت لم تدْعُنِي إلى الذِّهَابِ مَعَكَ’.
عندما سأَلتُكِ:’لِماذا هذه المَتَاعِبُ
ونحن نَتَحدَّثُ؟’
أجَبتِ على الفَورِ:’رُبَّما يخلُقُ قَمرِي مُقاطعةً بيننا.’
عندما قُلتُ لكِ:’من فضلكِ،لا تَحْسِبي سَاعاتِ مُحَادَثتِنا’.
أجَبتِ بابتِسامَةٍ:’لقد مرَّت خمسُ سَاعَاتٍ’.