(كيف ينظر الخروف إلى الذئب الذي يهاجم القطيع ويختطف جديا أو خروفا ويفترسه؟؟) ـ
فسر ذلك أحد فلاسفة الخرفان في ثلاثة أنظار:
النظر الأول : أن الذئب قادم من عالم مختلف، عالم الحرية والصراع على الوجود وإثبات القوة، بينما يعيش الخراف في عالم العبودية والطاعة العمياء للراعي وإظهار الضعف. وبهذه النظرة فالذئب يساعد الخرفان على فهم واقعهم البئيس والانفتاح على على عالمه المفتوح !! وعلى الرغم مما في تصرفات الخروف من قسوة وعنف وشدة وظلم فإن غايته نبيلة وهي إخراج الخراف من العبودية الطوعية إلى الحرية والكرامة.
والنظر الثاني: أن الذئب كائن مخادع ومجرم غادر، ولكن لا فائدة من الإمعان في عداوته، فمن الممكن جدا البحث عن علاقة ما للتفاهم معه والتقليل من ضحاياه ،وتقديم بعض التنازلات ولو كانت قاسية لخلق نوع من السلام معه، فسيكون ذلك من أجل سلامة غالبية القطيع. فنحن لا نملك أسلحته من أنياب وغيرها، وحتى لو فرض علينا تكاليف فسوف نؤديها، فلابد للسلام من تكاليف، وتضحية خروف أو حتى عشرة بأرواحهم كل عام ليس مشكلا كبيرا طالما بقيت الغالبية العظمى من القطيع. فلا شيء يغلو على السلام، فهو يحتاج إلى الشجاعة، وما أجمل سلام الشجعان.
والنظر الثالث: أن الذئب عدو دائم وخطر داهم، ولا مناص من مواجهته، ولا بديل عن مقاومته، ولا معنى لمهادنته أو التفاهم معه، فذلك ليس علاجا دائما للمشكلة. فالأولى أن نعد أنفسنا لمواجهته حتى لو هلك نصف القطيع أو أكثره فسوف يعيش الباقي منهم في عز وكرامة! ولو اقتضى منا ذلك البحث عن حلفاء من الحيوانات الأخرى الأكثر قوة مثل الاحصنة والأبقار والجواميس…
غير أن مجلس الخراف الحكيمة!! قرر أن من الحكمة الأخذ بالنظرين الأول والثاني فهما المعبران عن النزعة الخروفية المحبة للسلام وللثقافات الأخرى بعيدا عن العنصرية والعصبية العرقية والدينية. أما النظر الثالث فهو اختيار المتطرفين الذين يريدون إبادة قطيعنا في معركة غير مكافئة، وفي حرب لا أحد يعرف نهايتها، وهؤلاء المتطرفون تجب محاربتهم وإن اقتضى الحال يمكن التعاون مع الذئب نفسه للتخلص منهم، فهم خطر دائم على القطيع لتنطعهم وتسرعهم وعدم فهمهم للتوازن الجيوستراتيجي في الغابة.
عبدالجليل هنوش نقلا عن خروف حكيم رحمه الله،غدر به ذئب لئيم في إحدى جلسات التفاوض….