جُنَّ جُنونُ أمريكا وضاقت ذَرعًا بمظاهرات الطلبة واحتجاجهم واعتصامهم المتواصل في عدد من جامعاتها الكبرى، وخروجِهم للتنديد بجرائم إسرائيل في غزة والمطالبة بإيقاف حرب الإبادة والتجويع التي تمارسها ضد السكان منذ أكثر من قرابة سبعة أشهر، فحُشدت الحشود الأمنية وجُنِّدت العساكرُ لمواجهتهم، ولم يجد كبار المسؤولين ما يهاجمون به هذه المظاهرات الطلابية سوى اتهامها بالتهمة الجاهزة: «معاداة السامية».
إبادة شعب يزيد عدد أفراده عن مليوني نسمة بعد تشريده وتجويعه، لم تحرّك الضمير الأمريكي ولا إنسانيّتَه ولا عطفَه ولا شفقَته، ولم تُلحق أيَّ ضرَر ب«السامية» وسُمعتها، وخروجُ شباب جامعي للتنديد السلمي بالجرائم الشيطانية ضد الإنسانية كلها، هو وحده الذي أصبح يُهدّدها وينال من هيبتها!!
تخرج المجلاّت الساخرة في أوروبا برسوم مُسيئة لأكبر شخصية مقدَّسة عند المسلمين جميعاً، ولا يسمح لأحد منهم بالحق في الاحتجاج، لأن ذلك جزءٌ من حرية التعبير التي يقدسها الغرب. لكن حين يخرج طلاب الجامعات لممارسة حقهم في التعبير عن استنكار الجرائم التي تُجسّد أكبر مظاهر الإرهاب في التاريخ، يواجَهون بتهمة المسّ بقداسة «السامية» وحُرمتها، ويُتهَمون بتأييد الإرهاب!!
المحتل الغاصب صنَمٌ سامٍ يُعبَد ويقدَّس، والمقاومُ المدافع عن نفسه وأرضه وأهله وعِرضه وماله، إرهابي وحرامي ومُجرِم مُدنَّس !!
من الصعب أن تفهم كيف تتعايش في سلام تام كلُّ التناقضات الصارخة دون أن يؤدي احتكاكٌ الموجَب فيها بالسالب إلى انفجار!!