![](https://www.kechpresse.com/wp-content/uploads/2025/02/الخمسي.jpg)
لا يختلف أحد حول فكرة أن ترامب يعتقد في كونه مجدد للعقيدة السياسية للحزب الجمهوري، ويعتقد أنه مكلف من الرب في كثير مما يقول، وهذا خطر قادم مع الأيام، بدأ يكتشفه الغرب قبل الشرق،
يمكن بتلخيص شديد إضافة إلى المبادى الخمسة التي أشرت إليها في التدوينة الثانية من العقيدة ترامببية القول:
6- مؤسس يمين جديد، فهو ليس امتداد للتجارب السابقة وإن كان يستلهم منها، وأهم ما في هذا اليمين إضافة إلى أمريكا أولا، شراسة ضد الحلفاء القدامى وخاصة الاتحاد الاوربي.
7- تخريب قواعد العولمة ومحاربة أي صعود إقليمي:
يعتبر ترامب العولمة تجربة كارثية على الولايات المتحدة، استفادت منها الصين والهند بشكل كبير ، والآن تمهد لصعود كثل وقوة اقتصادية أخرى، وقد انسحب في ولايته الأولى في 20 يناير 2017 من اتفاقية التجارة عبر المحيط الهادئ التي سبق أن وقعها الرئيس الأسبق باراك أوباما.
هذا ما يفسر انسحابه كذلك من منظمة الصحة العالمية، واتفاقية باريس للمناخ.
لا ننسى أنه انسحب عام 2017 من منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة “اليونسكو”، كل ذلك تحت شعار: التخلص مما يسميه “الامتيازات المجانية”، كما أنه ضغط تحت فكرة تصحيح المسار والخلل في العلاقة مع الدول الغربية الاعضاء في حلف “الناتو” بإنفاق 5% من الناتج القومي على الشؤون الدفاعية بعد أن كان يطلب منهم فقط في السابق إنفاق 2%.
8ـ العمل على الاستفرادأاو الاتفاقيات الثنائية،
باختصار يتلخص هذا المبدأ في رفض ترامب العمل ضمن مشاريع أو اتفاقيات متعددة الأطراف، و في المقابل يسعى للعمل من خلال اتفاقيات ثنائية، يكون فيها من يوقع الصفقة ويضمن اقصى الامتيازات له، أي لبلده.
9 ـ محاربة الصعود الإقليمي ،
لا يؤمن ترامب بالإقليمية والتعاون الإقليمي. فبالرغم من أن اتفاقية التجارة الحرة التي تجمع الولايات المتحدة وجيرانها الكنديين والمكسيكيين تنتهي عام 2036؛ فقد أراد تعطيلها عمليا من خلال فرض جمارك جديدة على البضائع القادمة من كندا والمكسيك، عمل يهدد بإنهاء أكبر اتفاقية تجارية للتعاون الإقليمي في العالم، بل لم يكتف بذلك رغم أنه عدلها من قبل بإضافة بعض البنود لصالح واشنطن في هذه الاتفاقية عندما جرى تجديد العمل بها في عام 2018 تحت اسم “نافتا” الجديدة.
10- استبدال الحرب العسكرية بالحرب الاقتصادية،
هناك معطى عسكري واضح يتجلى في وجود حوالي 220 ألف جندي أمريكي خارج الأراضي الأمريكية، فإنه يقر أن هذا الوجود مكلف للولايات المتحدة، بل يؤمن بتجنب الحرب قدر الإمكان كشرط لبقاء الولايات المتحدة مهيمنة على العالم لعقود قادمة.
11 الانفتاح على الأعداء الذين يملكون الأسلحة النووية،
يعتبر ترامب أن الحرب سبب تآكلت وتراجعت به قدرات الأمم؛ ولهذا لم تشهد سنوات ترامب الأربع في ولايته الأولى أي نوع من الحروب، بل إنه ذهب وتصافح في ثلاث قمم:
* مع الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون،
* عقد قمة تاريخية مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في هلسنكي عام 2018،
* في يناير 2020 توصل لاتفاق مع الصين بقيمة 200 مليار دولار لوقف الحروب التجارية.
سبق أن انتقد ترامب الحرب الأمريكية على العراق، وكان منفتحاً على سحب القوات الأمريكية من هناك، وهو من تفاوض مع حركة طالبان لسحب القوات الأمريكية من أفغانستان.
12- حماية مكاسب بل حقوق الأمريكي الأبيض:
من الافكار الرائجة لدى ترامب أن الرجل الابيض له امتياز من السماء، وأن العقيدة السياسية التي يؤمن بها عمودها الفقري هو الرجل الأبيض، فلم تقنع ترامب زيادة عدد المصوتين من اللاتينيين والسود له في انتخابات نوفمبر 2024؛ فهو يعتقد يقينا أن الرجل الأبيض هو الأولى بالثقة من اللاتيني أو الأسود ومن سيبقي أمريكا في الصف الأول عالميا.
هذا أحد المفاتيح لفهم اصرار ترامب على طرد نحو 20 مليون مهاجر غير شرعي جاء غالبيتهم من دول أمريكا الجنوبية؛
13 الصراع الديمغرافي والهيمنة في المستقبل،
يتحسن موقع أمريكا حسب اعتقاد ترامب بناء على أغلبية البيض ديمغرافيا، حيث تصل الآن نسبة البيض في الولايات المتحدة إلى نحو 59%، واللاتينيين 19%، والسود 13.5%، والآسيويين 6%. ويخشى ترامب أن الهجرة من أمريكا اللاتينية يمكن أن تغير التركيبة السكانية؛ ولهذا فإنه سوف يبذل كل جهوده من أجل أن تظل الغالبية الكبيرة للبيض.
14 – الأسرة عصب الحياة الأمريكية:
ليس من قبيل الصدفة أن يظهر ترامب وأبناؤه وأحفاده في المؤتمر العام للحزب الجمهوري، وفي خطاب النصر، وأثناء أداء القسم في يوم التنصيب، والأكثر من ذلك تعيين أعضاء من عائلته في مناصب رفيعة، مثل تعيين صهره مسعد بولس كمنسق للعلاقات العربية الأمريكية، وتعيين صهره الثاني تشارلز كوشنر سفيراً في فرنسا. ويهدف ترامب من كل هذا إلى تأكيد قيمة الأسرة والعائلة باعتبارها صمام أمان لمستقبل الولايات المتحدة؛ ولهذا أيضاً كان الاعتراف منذ اليوم الأول لعودته إلى البيت الأبيض بأن الأسرة الأمريكية تتكون فقط من رجل وامرأة، وتعهد بطرد المثليين من الجيش وعدم التحاقهم بالمسابقات الرياضية.
15 التخلص من أوروبا بسبب الشيخوخة و التفرغ للصين،
يعتقد ترامب أن الاتحاد الاوروبي أصبحت عبئا على الولايات المتحدة ، ويكفيه من أوروبا أن بريطانيا لجانبه، كما أنه لا يخفي احتقاره لكثير من الدول الأوربية وعلى رأسها فرنسا وإسبانيا والبرتغال، وقد كان في ولايته الأولى متعبا لزعماء أوربا السياسيين، بحيث أكثر من تذكيرهم بفضل أوروبا عليهم بعد الحرب العالمية الثانية وحمايتهم من الشيوعية لزمن طويل، وبالتالي لا يمكن لأمريكا أن تستمر في هذا العبئ،
الخلاصة،
ثلاثة مفاتيح :
أولها يمكن فهم كثير من تصرفات ترامب بناء على هذه المبادئ، وفي السياسة لا يمكن قضاء العمر في مناقشة صوابيتها من عدمه، وإنما في بناء استراتجية للمغرب تستحضر هذه المبادئ،
المفتاح الثاني الذي يهم ترامب من وحدتنا الترابية طبيعة الصفقة وكم سيأخذ منها لأمريكا، ولدى هو موقف سياسي واضح نعم لكن يجب أن يحضر ذكاء عال في تدبير آثاره بل عواقبه الاقتصادية،
المفتاح الثالث،
قد لا يهتم كثيرا ترامب بمدى تطبيق الديمقراطية عندنا، لكن سيحشر أنفه في كل الاتفاقيات الاقتصادية وخاصة مع الصين مستقبلا، وضع يتطلب كثير من اليقظة والذكاء لحماية مصالح المغرب.