‏آخر المستجداتلحظة تفكير

د محمد العمري: هل العربية مجرد لغة وظيفية للتعبد؟ أي لغة بدون وجدان..

ـ وهل الدارجة المغربية لغة أمازيغية! ـ

أي لا علاقة لها جوهريا بالعربية

……. كما قال الدكتور كلاب

من باب توسيع مجال الفهم…

يدور هذه الأيام جدل عقيم، مُشوَّش ومشوِّش حولَ التاريخ والهوية المغربية.

دعك، الآن، من حديث أشباه العوام الباحثين عن الفرجة وتزجية الوقت. ودعك من الحلايقية الباحثين عن البوز وتحصيل الأعطيات أو خدمة من يؤجرهم.

الذي أثار استغرابي هو ما يصدر من كلام متناقض، أو قصير النظر، عن أشخاص بألقاب علمية.

سأكتفي بما صدر عن الدكتور كلاب في حوار رد فيه على منتقديه.

دار الحوار حول المورية والعروبة.

اكتفي بنقطتين، أولاهما زائفة، والثانية تستحق وضع النقط على الحروف:

– المسالة الزائفة تتمثل في البحث في الأنساب والجينات، والقفز فوق المغربية/تمغربيت التي تُحل الوطنية محل مكوناتها دون الاهتمام بالتحيزات.

هذا المنحى الهوياتي “نتنٌ”، وفتنة نائمة، إن حُرِّكت “تألق” فيها المرجفون، أمثال “أبو يزيد المراحيضي”، وابو حمارة الشري.

المراحيضي:

يسمى أيضا سفيان، و سمي بالمراحيضي لأنه ادعى، وهو الجهول، أن المغاربة لم يُسَمُّوا موقعا واحدا في الأندلس، وأن الزليج لا يوجد في مراكش إلا شقيفات في قبور السعديين، وأن المغرب هو من أسس دولة موريتانيا!…إلى غير ذلك من الحماقات العقلية، والمراحيضيات الأخلاقية.

لا علاقة لنا بهذا الهراء.

– والمسألة الثانية علميةٌ دقيقة، تتدخل فيها علوم تقتضي تخصصا: لسانية تأسيسا، وسوسيولوحية وانتروبولوحية تاطيرا.

يقول الدكتور بصريح العبارة بأن اللغة العربية “لغة وظيفية”، (اي ليس لها وجدان وحضارة تنبت في ارضها) ويحدد وظيفتها في التعبد، وإقامة الشعائر، أما اللغة الحية التي “تنطق بها الأرض” فهي الامازيغية. وللخروج من المفارقة بين الوظيفة الضيقة للعربية والحيز الذي “تنطق فيه الأرض بالأمازيغية” (أسماء النباتات والأماكن)، أعطى الدارجة المغربية هويةً جديدة، اعتبرها لغة أمازيغية البنية!

السؤال الآن هو: هل يعرف الدكتور أن اللغة “نحوٌ” و”صرفٌ” قبل كل شيء؟

وأن صاحب السر والخصائص قال: ما قيس على كلام العرب فهو من لغة العرب، أو كما قال.

وهل اعتمد الدكتورة كلاب أطروحات لسانية مكرسَّة تقرِّب الدارجة المغربية من الأمازيغية (إن كانت قريبة منها) أكثرَ من قربها من العربية؟

وفي مرتبة أدنى، وفي مستوَى ما يلحظه العوام، هل معجم الدارجة أقرب إلى العربية ام إلى الأمازيغية؟

في حصر اللغة العربية في التعبد، والادعاء، ضمنى، أن الأرض لا تنطق بها، خطآن: أولهما عظيم لأنه من باب إنكار سطوع الشمس في يوم مشمس، والثاني قد يعذر غير الواعي بحركة التاريخ بفعله:

للاختصار والتسهيل، نجيب عن المسألتين مرة واحدة، نقول:

في دَورة مخاض تاريخي مستحق خرجت اللغة العربية في ركاب الدعوة الإسلامية من جزيرة العرب لتتفاعل، على أيدي أبناء الأمم المجاورة، مع ما كان لتلك الأمم من خبرات في الإدارة والعمران والعلم والفلسفة.

هذه هي العربية التي نتحدث عنها. العربية التي وَضَع نَحوَها وصرفَها وبلاغتَها وعروضَها (وفلسفتها وجبرها وبصرياتها … وشعرها ومقاماتها، وغناءَها وقصصها وحيلَ بخلائها… الخ،) نبغاءُ من امم وديانات ونِحِل مختلفة.

فالانتماء إلى العربية هو انتماء إلى شعر امرئ القيس، وعمر بن أبي ربيعة، ومجنون ليلى، وجرير والفرزدة والمتنبي والمعري واحمد شوقي والمجاطي … وهو انتماء إلى زرياب، وفيروز وام كلثوم، ورياض السنباط، وعبد الهادي بلخياط….الخ

وغيرهم من المبدعين في العلم والفن، أولئك الذين فعلوا فعلهم في في خريطة عقولنا واذواقنا، ومسارات تحياتنا…

……

ابعد كل هذه الذخيرة المشتغلة على مدى 14 قرنا يُدعَى أن أرض المغرب لا تنطق عربية؟!

لا يمكن لهذه الإبداعات الشعرية والسردية والخطابية والعلمية… أن تشتغل أربعة عشر قرنا دون أن تصنع وجدانا، وتنحث مجرى، إلا أن نكون حجرا صلدا! ولسنا كذلك.

إنها تهمة بالعقم، كما قال الشاعر.

وكيف يتهم الإبنُ اُمَّه بالعقم، وهو حي يرزق؟! ممكن أن تكون الأم ثَكْلى، أن تفقد أولادها، ولكن ادعاء “عقم الأم” يُخرجُ من دائرة العقلاء.

نقطة نظام

لا علاقة لي بالتوتر والتشنج والعدوانية التي يعاني منها بعض غلاة العروبة والمزوغة (ممن سماهم الأستاذ عصيد دواعش الأمازيغية)، قياسا على دواعش الدينسية، وهو أعلم بهم. وانا اسميهم: المزغج والعربج والخونج! واضيف إليهم الخربج (ذباب الخروب).

أنا مغربي عربي أمازيغي، أمازيغي عربي، لا عربي فقط، ولا أمازيغي فقط.

أنا مثل الماء: (أكسوجين + ايدروجين). حين تفصل ذراتي ينتهي وجودي.

‏مقالات ذات صلة

Back to top button