.. وأنتَ هنا وهناك. تتوضَّأ الحديقة بالعابرين، منها إليها، نصوصًا. هيَ لمْ تكنْ إلا ممشى، وكانتِ الوحشةُ دبيبَ النَّمل في أحراجها. الوحشة جبَّة الساردين الشاردين. ماذا سردُوا ؟ وفيمَ شردُوا ؟ هلْ أخذوا بالنصِّ البدائيِّ الذي لمْ يكنْ بدائيًا ؟ هلْ تعمَّدُوا أنْ يُعمِّدُوا، بين ظهرانيهمْ، آخرَ رائيًا ؟ هلْ افتقدوا أولَ الشذا فارتدَّتِ الحديقة كأنْ لمْ تكنْ، فإذا همْ في كلِّ وادٍ حالمون هائمون ؟
مأواكَ سَعةُ طرقٍ تفضي إلى اللاشيء. هايدغر هنا. كان نيتشه في مفترقٍ. وقالَ فاليري: مالارميه ليس رمية نردٍ. للمقبرةِ البحريَّةِ تابوتٌ منْ ياقوت، ولباشلار أنْ ” يُعنْصِرَ ” الشعر إلى منازلَ أربع. هناكَ أتذكَّرُ ابنَ سلام ُينزلُ الشعراءَ منازلهم. هنا أفتقدُ المأوى. أقسِّمني في جسوم كثيرةٍ. ذرَّاتُ الطبيعةِ جمَّعتُها في يديَّ فامرؤ القيس واردٌ وبودلير شاردٌ شأوا. مأوايَ
وأنتَ تأخذُ بالطَّبيعةِ إلى مهدِها الأول، وأنتَ تخلدُ إلى الطَّبيعةِ في بُعدِها الأول، وأنتَ تَنشُدُ الأولَ الأول، وأنتَ تنشدُّ إلى كلامكَ الأول الأول، وأنتَ تُعدُّ لكَ كتابكَ الأولَ الأول، وأنتَ تَمدُّ العراجين إلى القمر الأول، وأنتَ تشدُّ السَّماءَ كما الحُبُّ الأول، وأنتَ تَعِدُ الغيابَ بسيَّارةٍ وقفوا قربَ الجُبِّ الأول، وأنتَ تعدَّ أصابعكَ العشرَ للأول الأول، وأنتَ للأول كنْ حدسَ الأول.
هلْ أنتَ نايُ القيامة الأولى في اتِّحاد الأقانيم، وهل الأقاليمُ سيرةٌ منسيةٌ في الهامشيِّ من السِّفر الثاني ؟ وهلْ أنتَ ، للسِّيرةِ، السِّفرُ السَّافرُ عنْ اللَّيل يمشي إلى ليله ؟ وهل الخيلُ أنِفتْ سَورتَها فآبتْ إلى الخيل. السيلُ عال. سوفَ يأوي القادمون، من اللَّيل، إلى ماءٍ يعْصمُهمْ منْ جبل احدودبَ حتَّى اعشوشبَ بالصَّدى. سوفَ يُلوي القائلون بالعتمةِ تستعيدُ أقاليمَها.
.. وأنتَ يُريقُ الشِّباكَ على برزخ المحو. هلْ تغيَّرَ، منكَ، اسمكَ عند ارتخاءِ اللَّوح في عتمةٍ كالفجر الضَّحوك. لا تدْعُ الشُّعراءَ إلى جِنَّةِ البحر. لا تدْعُ أحدًا. أصخْ إلى حجر ناتئٍ، والماءُ صاقلُه مرآةً للحبر، وأرحْ على الموج هُنيهةً حتَّى يطمئنَّ الموجُ إلى يديكَ تغوصان حدَّ النزع القديم، وأذعْ ما تشاءُ، حين تشاءُ، تفَّاحةً جاذبيَّتُها بين يديكَ، فالشِّباكُ مِلاكٌ وأنتَ الهلاكُ.