لازال ورش إصلاح التعليم في قاعة الانتظارات، يقبع في خيالات الحكومة ووزارتها الوصية، حيث لا تكاد تمر مناسبة، دون ذكر اللازمة وإعادة تدويرها، دون مراجعة التفكير المستطير الذي كاد التكرار يقتله وينهيه؟.
وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، شكيب بنموسى، أعاد نفس الأسطوانة، الجمعة الماضي، أمام أنظار الحكومة، حيث صاغ منبهات لا بديل عن الاستعاضة عنها أو تبريرها، يتعلق الأمر بنافذتي، مواكبة التلاميذ وتكوين الأساتذة وتأهيل المؤسسات التعليمية، التي أقر بالنية الحكومية إياها، أنها شكلت أبرز المحاور التي تناولها اجتماع تتبع تنزيل ورش إصلاح التعليم.
وبغض النظر عن شساعة الرؤية وتضخمها اللفظي والاعتباري، حيث كرست النظرية نفسها التي ظلت تلوكها الألسن وتعجنها طيلة سنوات عديدة، والتي استعرض من خلالها الوزير مسائل تنزيل خارطة الطريق 2022-2026 المرتكزة على تحسين جودة التعلمات ومواكبة التلاميذ الذين يعانون من صعوبات في التعلم من أجل تحسين مستواهم الدراسي، بما فيها الدعم الاستدراكي للتلاميذ وتعميمه على المؤسسات التعليمية، فإن ساحة الواقع المرير الذي تعيشه العملية التعليمية على الأرض، تقول خلاف ذلك تماما، إن على مستوى تدبير المرفق أو مناهجه المعششة بالتيه والجنوح عن الأهداف المرسومة للإصلاحات المنتظرة، من مجال ترك على الغارب ولن يعود إلى صوابه دون هدم لقواعده الإفسادية وإعادة بنائه من جديد.
والغريب أن ما يقوله بنموسى حول تكوين الأساتذة وإعادة تأهيلهم، يرتبط ببرنامج دافعي دقيق الأهداف والتوجهات، فإن ما يعتبره نقطة رئيسية في خارطة الطريق 2022-2026، هو إغفال وتجاهل ملح، من حيث التعامي عن ضعف الممارسة التعليمية التعلمية، وخروجها عن التأهل والتأهيل، للأسباب نفسها التي تطرحها التعاقدات الصفية الراهنة، وفساد قيمتها وانفلاتها ووقوعها في انزلاقات الانتكاس والتصحر. وللمراقب أن يرى بأم عينيه كيف يتم تدبير العلاقة المختلة بين الأستاذ والتلميذ، وكيف تتسع الهوة بين التربية والقابليات، وكيف تتحكم الأهواء اللامهنية في العلامات التربوية؟؟.
إن النظام الأساسي الجديد لرجال ونساء التعليم، الذي ينتظر منه التركيز على شروط الممارسة التربوية، خصوصا ما يتعلق بالأقدمية وشرطية النجاح في الامتحانات المهنية وكذا التعويضات الجديدة، لا يولي اهتماما بفعالية وقيم الانتصار للجودة، وترتيبات ذلك على الأولويات الأساسية في الإصلاح المبتغى.
من تمة، يأتي التطرق إلى الجانب المخصص للمؤسسات التعليمية وكيفية تأهيلها وتجهيزها بالوسائل الرقمية من أجل توفير الظروف الملائمة لمساعدة التلاميذ ومواكبتهم وتمكينهم من الرقمنة، في الدرجة الهامش، دون استبدال ذلك بما يناسب تموقع التعليم في خارطة التنمية والمستقبل للبلاد والعباد؟.
فهل نحن أمام قصور جديد للاستهلاك الزمني، الذي تغيب فيه أساليب التخطيط واستراتيجية العمل والميدان؟ أم أن الأولويات المحبسة تحت يافطات الوعود والأكاذيب، تستمر بعناوين مموهة وتغليفات سياسية للتبطئة والمناوشة لا غير؟.
نذكر أن خارطة الطريق 2022-2026 التي سبق وأطلقها بنموسى ومنظومته تتوخى كما هو معلوم، تحقيق ثلاثة أهداف استراتيجية في أفق سنة 2026، تركز على التعلمات الأساس وتعزيز التفتح والمواطنة وتحقيق إلزامية التعليم، حيث تتمثل في مضاعفة نسبة التلميذات والتلاميذ بالسلك الابتدائي المتحكمين في التعلمات الأساس؛ ومضاعفة نسبة التلاميذ المستفيدين من الأنشطةالمدرسية الموازية؛ فضلا عن تقليص الهدر المدرسي بنسبة الثلث من أجل إعطاء دفعة قوية للتعليم الإلزامي.
كما وتضع خارطة الطريق تلك، ثلاثة شروط أساسية للنجاح، تتلخص في إرساء حكامة تعتمد منجهية تأمين الجودة وحفز مسؤولية الفاعلين عبر إحداث الآليات المناسبة؛ والتزام الفاعلين والمتدخلين من أجل الانخراط المسؤول لإنجاح الإصلاح؛ فيما يرتبط الشرط الثالث بالتمويل وتأمين الموارد المالية من أجل استدامة الإصلاح من خلال إرساء تخطيط مالي منسجم مع الأثر المنشود وإطار للتمويل مع الشركاء الأساسيين لتأمين الموارد.
فإلى أين نحن سائرون؟ ومن يتحمل عبء تأخير تنمية تعليمنا الذي يئس من مراوغات الساسة وتجار الوطن؟.