يجد العمل التطوعي بالمغرب سنده في القانون رقم 06.18 ، والذي دخل حيز التنفيذ بعد صدوره بالجريدة الرسمية عدد 7010 بتاريخ 5 غشت2021.
ويتضمن هذا القانون 10 أبواب تتفرع على 47 مادة ، والتي تحدد شروط ولوج العمل التطوعي التعاقدي سواء للمغاربة أو الأجانب، والتزامات الجهات المنظمة له، وقواعد تنظيم هذا العمل ومراقبته والعقوبات في حالة الاخلال به.
ومن أبرز مستجداته إعفاء الهبات النقدية والعينية التي يمنحها الخواص للأشخاص الاعتباريين من أجل تمويل تنظيم العمل التطوعي التعاقدي من الضريبة، وإحداث السجل الوطني للعمل التطوعي التعاقدي.
كما حدد هذا القانون في بابه الأول كيفيات وقواعد تنظيم العمل التطوعي التعاقدي داخل المغرب أو خارجه، وشروط ممارسته وحقوق والتزامات المتطوعين المتعاقدين والجهات المنظمة له وإجراءات التتبع والمراقبة.
ويعرف القانون رقم 18/06 العمل التطوعي التعاقدي ، على أنه ” كل نشاط يقوم به شخص ذاتي أو أكثر خارج أسرته أو دراسته أو وظيفته أو شغله، بشكل طوعي ودون أجر، بموجب عقد مكتوب بينه وبين الجهة المنظمة للعمل التطوعي التعاقدي بهدف تحقيق منفعة عامة”.
كما يرتكز العمل التطوعي على مبادئ أساسية وهي :
1 – الحرية في التطوع، والاستقلالية في التنظيم، والتجرد والحياد والجودة في تنفيذ العمل التطوعي التعاقدي.
2 – والتضامن والإرادة في المشاركة الفعالة في الحياة الاجتماعية.
3 – المساواة في الولوج إلى العمل التطوعي التعاقدي وعدم التمييز بين المتطوعين المتعاقدين والمستفيدين.
4 – صيانة كرامة المتطوعين والمستفيدين واحترام سلامتهم الجسدية والنفسية”.
وأوضح القانون، أنه لا يجوز تنظيم العمل التطوعي التعاقدي سواء داخل المغرب أو خارجه وانطلاقاً منه إلا من قبل :
1 – كل شخص اعتباري خاص لا يستهدف تحقيق الربح.
2 – كل شخص اعتباري عام، يقومون بهذا العمل طبقا للنصوص التشريعية والتنظيمية.
كما وضحت المادة الخامسة من ذات القانون، أنه لا يعتبر عقد التطوع الموقع بين المتطوع والجهة المنظمة للعمل التطوعي التعاقدي بمثابة عقد توظيف أو عقد شغل أو عقد تقديم خدمة، كما يمنع تعويض الموظفين أو الأجراء أو مقدمي الخدمات بالمتطوعين المتعاقدين.
أما بخصوص نطاق تطبيق القانون 18/06، فتنص المادة 6 منه على انه تخضع لاحكام هذا القانون والنصوص المتخذة لتطبيقه:
1 – كل دعوة موجهة إلى العموم من أجل إستقطاب الأشخاص الراغبين في تنفيذ العمل التطوعي.
2 – كل مبادرة لتنظيم العمل التطوعي التعاقدي.
3 – كل نشاط منظم في إطار العمل التطوعي التعاقدي.
وتستتنى من هذا القانون الأنشطة التالية :
1 – برامج وأنشطة التطوع المنظمة من قبل المديرية العامة للوقاية المدنية.
2 – أنشطة التطوع التي تتم بالطرق التقليدية والعرفية وتستهدف منفعة خاصة، المادة السابعة.
وحدد المشرع شروط تنظيم العامل التطوعي التعاقدي في :
1 – الحصول مسبقا على اعتماد بذلك تسلمه الإدارة بعد تقديم طلب، ويستثنى من الحصول على الاعتماد الأشخاص الاعتباريون الخاضعون للقانون العام الذين يقومون بتنظيم العمل التطوعي التعاقدي طبقا للنصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل.
2 – أن يكون الشخص الاعتباري مؤسسا ومسيرا طبقا للتشريع الجاري به العمل.
3 – أن يكون مجال العمل التطوعي التعاقدي ضمن أهداف الشخص الاعتباري.
4 – أن يكون برنامج عمله يشمل جميع الأنشطة المراد القيام بها.
5 – يقدم طلبا بذلك للإدارة بـ 15 يوما على الأقل قبل مباشرة أي نشاط .
وألزم القانون 06/18 الإدارة بـ معالجة الطلب داخل أجل لا يتعدى 10 أيام من تاريخ التوصل به، مستثنيا من ذلك الطلبات المستعجلة، مع تعليل رفض طلب الحصول على الاعتماد بقرار معلل.
وحدد المشرع في هذا القانون مدة العمل التطوعي
ومنح الاعتماد من أجل تنظيم العمل التطوعي التعاقدي، في المادة 15 لمدة أدناها ثلاثة أشهر وأقصاها أربع سنوات، ويمكن بعد ذلك تقديم طلب تمديد تنظر فيه لجنة ستحدث لهذا الغرض.
ومن الشروط التي يجب توافرها في المتطوع للولوج إلى العمل التطوعي التعاقدي:
1 – أن يكون بالغا 18 سنة ويمكن لمن أكمل 15 سنة أن يشارك بموافقة نائبه الشرعي.
2 – ألا يكون صدر في حقه مقرر قضائي مكتسب لقوة الشيء المقضي به من أجل ارتكاب جنايات أو جنح ضد الدولة أو جريمة إرهابية أو جنايات أو جنح متعلقة بالاغتصاب أو الأموال أو التزوير أو التزييف أو الانتحال أو الرشوة أو استغلال النفوذ أو الغدر أو اختلاس أو تبديد المال العام، ما لم يرد إليه الاعتبار.
3 – أن تكون لديه قدرة صحية متناسبة مع طبيعة العمل التطوعي المراد القيام به.
4 – أن يكون مستوفيا للشروط المطلوبة.
5 – ألا يكون عضوا بأجهزة إدارة أو تسيير الجهة المنظمة للعمل التطوعي التعاقدي.
6 – وإذا كان المتطوع أجنبيا يتعين أن يكون في وضعية قانونية في ما يخص دخول وإقامة الأجانب بالمملكة.
واسترسالا فيما يتعلق بالحقوق والواجبات لفائدة الجهة المنظمة للعمل التطوعي ، فنص هذا القانون على عدد منها في الباب الرابع، وذلك من قبيل:
1 – تقديم طلب الدعم العمومي والخاص،
2 – وإبرام اتفاقيات الشراكة .
3 – وتقديم الاقتراحات الرامية إلى النهوض بالعمل التطوعي التعاقدي.
وأوجب القانون في هذا الشأن على الجهة المنظمة
4 – اكتتاب عقد لتأمين المتطوع المتعاقد عن الحوادث والأمراض التي قد تنتج عن تنفيذ العمل التطوعي، إضافة إلى عقد تأمين لضمان المسؤولية المدنية إذا لم يكن للشخص الاعتباري مثل هذا العقد.
5 – توفير البيئة الآمنة والمناسبة التي تتضمن تنفيذ العمل التطوعي، وكذا الموارد والوسائل والمعلومات اللازمة.
6 – توفير مستلزمات الصحة والسلامة للمتطوعين المتعاقدين…
ونجد أن حقوق والتزامات المتطوع المتعاقد حسب قانون التضامن بالمغرب ، حددها هذا القانون في المادة 26 من الباب الخامس، من جملتها:
1 – الاطلاع على طبيعة العمل التطوعي التعاقدي والأعمال التي سيقوم بتنفيذها.
2 – التأهيل المناسب.
3 – التأمين عن الحوادث والأمراض التي قد تنتج مباشرة بعد تنفيذ العمل التطوعي التعاقدي والتأمين عن الأضرار التي قد يسببها للغير بمناسبة تنفيذ هذا العمل .
ومن جملة الالتزامات الواردة في القانون فأوجب على المتطوع المتعاقد أن
4 – تنفيذ بنود عقد التطوع المبرم.
5 – المحافظة على سرية المعلومات التي يطلع عليها بمناسبة تنفيذ العمل التطوعي التعاقدي.
كما حصر قواعد تنظيم العمل التطوعي التعاقدي في المواد من 28 إلى 34، حيث أوجب على الجهة المنظمة أن تتوفر على:
1 – نظام داخلي تحدد فيه القواعد الخاصة بتنفيذ وتتبع وتقييم العمل التطوعي التعاقدي،
2 – سجل تقيد فيه بيانات المتطوعين المتعاقدين والمعلومات المتعلقة بالعمل التطوعي التعاقدي.
3 – في حين نص القانون، في هذا الصدد على إعفاء الهبات النقدية والعينية التي يمنحها الخواص للأشخاص الاعتباريين من أجل تمويل تنظيم العمل التطوعي التعاقدي من الضريبة طبقا للتشريع الجاري به العمل.
وجعل مراقبة العمل التطوعي التعاقدي قائما على وجوب الجهة المنظمة للعمل التطوعي موافاة الإدارة بتقرير سنوي حول أنشطة التطوع التعاقدي التي تنظم، وذلك داخل أجل 60 يوما من نهاية السنة وارفاق التقرير بالوثائق المثبتة.
وبموجب القانون الجديد، سيتم إحداث السجل الوطني للعمل التطوعي التعاقدي، الي حدده القانون في بابه الثامن، وذلك من أجل جمع المعلومات المتعلقة بهذا العمل وإعداد تقرير سنوي ودراسة الإكراهات التي تعترضه، وتقديم المقترحات والتوصيات الرامية إلى النهوض به، من أجل المساهمة في التنمية .
وفي باب العقوبات، نص القانون في الباب التاسع منه على مجموعة من الغرامات المالية التي تصل من 20 ألف درهم إلى 50 ألف درهم لكل إخلال بمقتضياته مع مضاعفتها في حالة العود.
وختاما فالوزارة المكلفة بحقوق الإنسان ، التي قدمت هذا القانون أمام البرلمان، قالت إنه يهدف إلى تعزيز وتثمين الرصيد التطوعي بالمغرب المتراكم عبر التاريخ، ويسهم في تنميته وتوفير شروط نجاحه وتقوية دعائمه.
وأشارت إلى إعداده يأتي تماشيا مع التوجيهات الملكية السامية التي تؤكد على أهمية التطوع ودعوته إلى تشجيعه وتبسيط مساطره، وتنفيذا لما ورد في البرنامج الحكومي 2016-2021 في الباب المتعلق بتعزيز دور المجتمع المدني وتنظيم العمل داخله من خلال إعداد مشروع قانون يتعلق بالعاملين في مجال العمل المدني الطوعي.
كما يأتي استجابة لتوصيات الحوار الوطني حول المجتمع المدني والأدوار الدستورية الجديدة التي دعت إلى الاعتراف بالتطوع التعاقدي كممارسة جديدة، ورافعة لتشجيع دور الجمعيات في المساهمة في التنمية.
وسيشكل هذا القانون قيمة إضافية بالنسبة للأدوار التنموية للجماعات الترابية، وينتظر أن يخلق دينامية كبيرة على هذا المستوى، من خلال تعزيز التعاون والشراكة بين الجماعات الترابية والجهات المنظمة للعمل التطوعي التعاقدي، نظرا لما ستوفره هذه الأخيرة من موارد بشرية ومالية إضافية، يمكن استثمارها في النهوض بالتنمية الترابية.
*محام وباحث في الهجرة وحقوق الإنسان