تـشـغـيـل الأطـفـال فـي الـفـلاحـة:
نص المـشرع المغـربـي فـي ظهير 24 أبريل 1973، الـذي تحـدد بمـوجـبه شروط تشغــيل المأجورين الفلاحين، في الفـصل 13 على منع تشغيل الأطفال قـبل بلوغـهـم سن 12 كاملة، و عـلى تمكين العون أو الأعـوان المكلـفين بالتفـتـيـش من طلب عرض الأطفـال عـلى الطبيب، إذا لم يبلغوا سن 16 للتأكد من أهليتهم الصحية للعمل الفلاحي. لكن المادة 14 نصت على إمكانية مخالفة ذلك بعد إذن عـون التشغـيـل. و أشار الفـصل 17 إلى الأعـمال الخطيـرة المـمـنـوع عـلى الأطفال مزاولتها، والتي سيصدر الوزير المكـلف بالتشغيل قـرارا خاصا بتحديدها بالاتفاق مع وزير الفلاحة.
تـشـغـيـل الأطـفـال فـي الـمـنـجـم:
أشــار ظهـيـر 24 دجنبر 1960 المتعـلـق بالـنظام الأســــاسي لمستخدمي المؤسسات المنجمية إلى الأطفال، في الفصل 21 الذي نص على منع الأطفال الذين تقل أعمارهم عن سن 16 من العـمل بحفـر المنجـم، ومعنى ذلك أنه يجـوز عـملهم فـي سطح المـنـجم أو في أشغال أخرى غـير القـعـر، إلا أن المشرع استدرك لعموم العملة الصغار دون سن 18، فمنع عملهم المنجمي في مواقع قد تعرضهم لأمراض مهنية سواء داخل المنجم أو خارجه، وفي الواقـع العـملي فإن وجود الأطفـال في المناجم أمر نادر الحدوث، مع استثناء المقـالع والتشغيل الجديد عـن طريق المقاولة. وهكذا يلاحظ أن الظهائر المشار إليها وهي ظهائر أساسية في قانون التشغيل المغربي، قـد خصصت عـدة فـصول للأطفال من سن 12 إلى 16 للعـملة الصغار من سن 16 إلى 18، وحددت كيفية تشغيلهم وأوقات العمل، ونوعـيته، وعطلهم. وقد صدرت مراسيم وزارية مكملة لتحديد أوقـات العمل الليلي المسموح بها في بعـض الصنـاعــات لـتشغـيل الأطفـال، فحددت مدد هذا العمل الليلي. و الواقع أن رغم اشتراط العمل الليلي مدة لا تتجاوز 90 يوما، و تعليقه بصناعات معينة كصناعة الحلوى، فإن مرسوم العمل الليلي للطفل والمرسوم الذي حدد الأعـمال الخطرة التي يمنع تشغيل الأطفال فـيها مردودان، لكون كثير من الأعـمال التي حددها مرسوم 8 مارس 1948، هي أعـمال مـوسمية أصلا، أي أن مدد العمل فـيها لا تتعـدى في أكثر الحالات 90 يوما، و حيث كان عـلى المـشـرع أن يجعـل النص عـلى إطلاقه و يمنع العمل الليلي للأطفـال جملة و تفصيلا.
وإذا كان قـانون الشغل المغربي قد حدد عـمل الطفـل في سن 13 ، وحـدد نوعـيــة العمل، ومـنع عـنه العـمل الخطر والليلي أحيانا، فإن هناك قطاعا واسعا سكت عنه المشرع المغربي سواء في القـوانين الحالية، أو في المدونة، وهـو قـطاع الصناعـة التقليدية، و الذي يشغل أكبر عـدد من الأطفال، دون سن 12 في غالب الأحيان. فظهير 2 يوليوز 1947 سكت عـن هذه الفـئة الواسعة. التي يضاهيها من حيث العدد فئة خدم المنـازل، التي تشكل الفـتيـــات نسبتها الأوسع. و لـم يتـسع صدر الـقـانــون المغربي لهن/ لهم لأسباب بنيوية في المجــتمع المغـربي. و قد تم أخيرا وضع قانون في هذا الشأن، و إن كان يقابله استشكال في الفصل 747 من القانون المدني بخصوص وضعية الأجير الذي يعيش بمنزل المشغل إذا أصيب بمرض أو في حادث، فإن المشغل ملزم بالنفقة عليه و بأداء مصاريف التطبيب و العلاج لمدة 20 يوما من تاريخ المرض أو الحادث و هذا الفصل نسخ بالمدونة.
وانسجاما مع الـنصوص السابقة والتالية، يفهم من هذا الفصل (747 ق.ل.ع) أن الأجير يعمل في مؤسسة المشغل و يقيم خارج منزله أو يفترض أن يكون عمله بمنزل المشغل. و كيفما كان تفسير نوع العمل و مكانه: في أشغال البيت و داخله، أو في أشغال تجارية أو صناعية خارجه…فإن المشغل غير ملزم بأكثر مما يقيم أود الأجير مع مصاريف التطبيب و الدواء و لمدة لا تزيد عن 20 يوما من تاريخ المرض أو الإصابة.
و قد تم نسخ الفصل 747 – كباقي الفصول المتعلقة بقوانين الشغل- بالقانون رقم 99/65.
ظهير 2 يوليوز 1947:
يعـتبر هـذا الظهـيـر مـع ظهير 23-10-1948 من أهـم القـوانين التي صدرت بعـد نهـاية الحـرب العـالـمـية الثانية، تحـت ضغط الواقع الاجتمــاعي الجديد المتميز بـقـوة الصراع السياسي، وظهور تعـقـيـدات اجتماعـية، واقـتصادية في المغرب، على اثر إنشــاء مؤسسات صناعـية هامة وتقوي النقـابـات المـهـنـيـة، ودخول الأطفال والنسـاء ميدان العمل الصناعي، والتجاري، والمهني، بعد أن كان العمل مقـتصرا عـلى الصناعة التقـليدية، والحرف. وقـد خصص هذا الظهير الفـصول من 9 إلى 17 للطفـل، و أكـد الفـصل 9 عـلى منع اشتغـال الطفـل قـبل بلوغــه 12 سنة كاملة، أي أن يكون في الـيوم الأول لبلوغـه 13 سنة، كما أكـد منع اشتغـال الطفـل ليلا إلا بعد بلوغه 16 سنة، ومفـهـوم الليل عـند المشرع هـنا يمتد من العاشرة ليلا إلى 5 صباحا، أي أن الوقـت الممتد من 8 إلى 10 لا يعـتـبـر ليلا، فالخــامسة صباحا تعـتـبـر نهـارا !.
مـصـطـلـح طـفــل:
والمـشـرع يسـتخدم مـصطلح طفـل لا مصطلح حدث، وهـذا راجع –في أغلب الظن- لكون الأطفال يشتغلون بصفة عامة في مختلف الحرف، حيث تشغل الحرفة زمنا مفترضا للمدرسة و التعلم. بالإضافة إلى أن مصطلح حدث أو أحداث جـديد في الاستعمال القـانـوني واللغـوي. ونـص المـشرع على قاعدة 13 سنة أيضا في العمل في الملاهي، والمسارح، والمقاهي، وذلك في الفصل 23 إلا في حال الضرورة و بموافـقـة مفـتش الشغل ، كالعمل في الروايات التي تفترض قيام الطفل بدور، وهـو في عـمر أقـل من 12 سنة. إلا أن المشرع تدخـل بظهير 27-4-1953 وعـدل هـذا الفـصل، ومـنع اشتـغــال الأطفــال دون سن 16 في مزاولة الأدوار البـهـلـوانية ذات المشقة، والقـانون هنا لم يشر إلى كون العمل يتعلق بالمحترفين أو بالهواة، وبإطلاق النص يتضح أنه يتحدث بصفة عــــامة – سواء بأجر أو بدونه- عن عـمـل الأطفــــال في المـلاهي، والمسارح، وألعاب البـهـلوان. وكان تدخل المشرع في 1953 بعد أحداث أليمة راح ضحيتها بعض الأطفال في ألعاب بهلوانية.
اشـتـغــال الـطـفـل لـيـلا:
نص المشرع أيضا عـلى منع تشغيل الطفـل دون سن 16 في الأعـمــال الخـطرة فـوق طاقـته، وترك تحديد هـذه الأعـمال لمرسوم وزاري سيصدر بعد ذلك.
وهكذا صدر قرار إداري في 8 مارس 1948 حـدد الاستثنــاءات الواردة في اشتغال الطفـل ليلا، كما صــدر مرســوم آخر في 1957 حـول الأشغــال الخـطرة التي يمنع عـلى الأطفال مزاولتها. وإذا رجعنا إلى هـذين القـرارين نجد أن المشرع أجاز لمفتش الشغل السماح بتشغيل الأطفال مدة تصل 90 ليلة، مراعاة لمؤسسات الحـلـويات والأعـمــــال الأخرى كالتصبير، والتعليب. إلا أن هـذه الأعـمال موسمية بطبيعتها، و لا تكون مستمرة لجميع العمال بمن فـيهم الأطفال، ذلك أن لائحة الأعـمال التي تتطلب العـمـل الليلي المرفـقـة بـقــرار 8 مارس 1948 هي في حـد ذاتها غــالبا أعمال مؤقتة وموسمية، لا يتعدى العمل فيها شهرا أو شهرين، مع العلم أن الـمـشرع يقـصد العمل المستمر الذي قـد يؤدي في فـتـرة من العام إلى عـمل ليلي اضـطراري.
وقد نص الفـصل 17 من ظـهـيـر 1947 عـلى تجاوز الفـصل 12 الذي يمنع العمل الليلي عن الطفل، إذا وجدت أشغال استثنائية، أو مستعجلة بشرط إخبار مفتش الشغل، وليس إستئذانه, كما أجاز الفـصل 16 للمشغل تعـويض ما ضــاع مـن العـمـل، متجاوزا الفـصل 12 ولا يلزمه للقـيام بذلك إلا إعـــلام مفـتـش الشـغـل على أن لا تتجــاوز أيام الـعمل 15 لـيـلـة.
بل وأشار الفـصل 15 إلى تجاوز منع العمل الليلي للأطفال بصفة مؤقتة، أو دائمة لنوع مـعـيـن مـن المؤسسات تحدد بمقـتضى قـرار، وكما يلاحظ فإن مقـتضيـــات المـادة 12 تم تجاوزها بكثير من الاستثناءات حتى أصبحت شبه مفرغـة، ودور مـفـتـش الشغـل ينحصر في الرجوع إلى الأطباء عـنـد الاقـتضاء ــ وليس تحت طائلة الوجوب ــ لتبيان قدرة الأطفال دون سن 16 على العمل، الفـصل 10 وأشار الفـصل 11 إلى الملاجئ الخـيـرية، التي لا يجوز لها استخدام الأطفال في عـمل يدوي دون سن 12 ، إلا 3 ساعات في اليوم عـلى أساس أنهم أصلا ممدرسون في التعلـيم الابتدائي.
المشار إليها آنفا، ونص عـلى مضاعـفـة الغرامة في حال تكرار المخالـفـة.
( … يتبع )