(كش بريس/خاص) ـ أفاد تقرير جديد للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، أن الذكاء الاصطناعي أصبح آلية محفزة للتنمية الاقتصادية، ورافعة أساسية للنهوض بالخدمات الأساسية من قبيل الصحة والتعليم، غير أن اعتماده يطرح العديد من التحديات الكبرى، ما يفرض على المغرب وضع إطار قانوني وبلورة استراتيجية وطنية لاستخدامه وتطويره.
وحسب تقرير المجلس الذي عنونه ب“الذكاء الاصطناعي بالمغرب.. أي استخدامات وأي آفاق للتطوير؟” فإن الذكاء الاصطناعي يطرح مخاطر حقيقية مرتبطة بتدبير المعطيات ذات الطابع الشخصي، بالنظر إلى الحجم الهائل للمعطيات التي يتم تجميعها، كما أن خوارزميات نظم الذكاء الاصطناعي يمكن أن تفضي إلى أشكال من التحيز وبالتالي اتخاذ قرارات تنطوي على حيف أو تمييز، كما أنه يخلق عددا من الانشغالات على عالم الشغل، خاصة فيما يتعلق بتحول أو اختفاء بعض المهن والوظائف، ويطرح تحديات مرتبطة بالملكية الفكرية.
وأكدت في السياق ذاته، على أن الذكاء الاصطناعـي يمكن استخدامه في التلاعب بالـرأي العـام مـن خـلال طـرح أخبـار زائفـة، كمـا قـد يـؤدي إلـى تيسـير تنفيـذ هجمــات ســيبرانية، ويمكـن أن يـؤدي الاعتماد على الذكاء الاصطناعي إلـى التراجـع التدريجـي للمهـارات والمعـارف الإنسـانية، بسبب يترك الناس للذكاء القيام بالمهــام التــي درجــوا علــى إنجازهــا بأنفســهم والتــي كانــت جــزءا من المهــارات الإنســانية.
وحذر التقرير من وجود العديد من العقبات المرتبطة باعتماد الذكاء الاصطناعي في المغرب، من أهمها غياب إطار تنظيمي خاص، وبطء وتيرة تحرير المعطيات العمومية، وتواجه المقاولات الناشئة المتخصصة صعوبات في الولوج إلى التمويل، كما أن الخصاص الواضح في الكفاءات والمكونين المؤهلين يعيق أيضا تطوير منظومة فعالة للذكاء الاصطناعي، علاوة على غياب التجانس بين المشاريع وملاءمتها للاحتياجات الصناعية، في ظل عدم وجود رؤية وطنية واضحة ومتجانسة.
واقترح التقرير إعمال التأطير القانوني، وبلورة استراتيجية وطنية لاستخدام وتطوير الذكاء الاصطناعي، تتماشى مع طموحات البلد، هدفها إرساء منظومة كفيلة بتعزيز الاستخدام الواسع له على المستوى الوطني من جهة، وتهيئة الظروف الملائمة لبناء صناعة وطنية للذكاء الاصطناعي بحلول سنة 2030 من جهة أخرى، مع التشجيع على إنشاء وتطوير المقاولات الناشئة والمبتكرة بدعم من الاستثمارات الوطنية والدولية.
كما اقترح مراجعة القانون رقم 09.08 المتعلق بحماية الأشخاص الذاتيين تجاه معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي، بما يمكن من تضمينه متطلبات المعطيات التي يتم استخدامها وتوليدها بواسطة الذكاء الاصطناعي، مع ضمان توافق مضامينه مع المعايير الدولية، فضلا عن تشجيع الاستخدام المعقلن لأدوات الذكاء الاصطناعي في جميع القطاعات سواء العمومية أو الخاصة.
ودعت الوثيقة، إلى تحرير المعطيات العمومية وتيسير الحصول على معطيات موثوقة وتيسير استخدامها البيني، بما يمكن من التوفر على المعطيات اللازمة لتطوير تطبيقات الذكاء الاصطناعي، وسن تحفيزات ضريبية لفائدة المقاولات لاسيما الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة التي تستخدم الذكاء الاصطناعي لتحسين إنتاجيتها أو تتعاون مع قطاع البحث في مجال الذكاء الاصطناعي.
كما أوصىب تطوير نموذج لغة سيادي معطياته بالدارجة المغربية المعيارية لتحسين الاندماج الرقمي، من خلال تمكين جميع المواطنات والمواطنين، بغض النظر عن مستواهم الدراسي، من المشاركة الفاعلة في المجال الرقمي، وبالتالي توسيع نطاق الولوج إلى أدوات الذكاء الاصطناعي لتشمل كل مكونات المجتمع.
وأكد المجلس على أهمية إدماج التكوين في مجال الذكاء الاصطناعي بشكل ممنهج في العرض التربوي والتكويني الوطني، وتعزيز برامج التعليم العالي المتعلقة بالذكاء الاصطناعي في الجامعات والمدارس المتخصصة، مع العمل على سد الخصاص المسجل في المكونين في هذا المجال.