عن عمر ناهز التسعين سنة، رحل عن دنيانا صباح يومه الأحد ، العلامة الموريتاني المغربي الدكتور محمد المختار ولد باه، أحد أهم الوجوه الوحدوية المغاربية، التي طبعت قرابة نصف قرن أو يزيد بالبحث والمعرفة والإيثار الروحي والبناء.
ولد الدكتور محمد المختار ولد باه في 1924 في منطقة الترارزة بموريتانيا. وبعد دراسته العلمية التقليدية التحق بالمغرب، وتم تعيينه مديرا للإذاعة المغربية مطلع 1960. ثم عين في مهمة بالديوان الملكي المغربي. ثم متعاونا مع وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، ثم محاضرا في دار الحديث الحسنية بالرباط، وكانت له أنشطة علمية كبيرة في نوادي الرباط العلمية؛ ومنها نادي الجراري الثقافي، ونادي الصقلي الأدبي، والمجلس الشرقاوي، ثم انضم إلى مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة ورئاسة فرعها في نواكشوط في العقد الثاني من الألفية الثالثة.
ويعتبر الراحل أول وزير للتعليم في أول حكومة موريتانية بعد الاستقلال، وقد تقلد مناصب كبيرة كذلك بالمملكة المغربية، له ترجمة لمعاني القران الكريم باللغة الفرنسية، و حاصل على دكتوراة من جامعة السربون الفرنسية، له مؤلفات عديدة في مختلف العلوم الشرعية و الادبية و ديوان لاشعاره الرقيقة. و قد أنهى مشواره العلمي بإنشاء ورئاسة جامعة شنقيط الحرة، و رئاسة فرع مؤسسة محمد السادس للعلماء الافارقة بموريتانيا.
رحم الله الفقيد العزيز وجعل مثواه الجنة. وإنا لله وإنا إليه راجعون
من أجمل ما قرأنا له في سيرته الذاتية، نقتطف هذه الومضة الروحية العالية :
” ولعل أهم ما يستشعره الإنسان هو أنه فرد، لا يقبل التعدد، وأنه برز إلى الدنيا وهي في غنى عنه، فهو فيها” زائد أحس” ، ولكن ليس بملكه أن يلغي وجوده منها، ولو كان بدوره غنيا عن هذا الوجود ومثقلا به، فإذا ما كتب له ان يكون، فلا سبيل له إلا ان يكون كما كتب له.
إنها سنة الحياة البشىرية، وهي ليست مأساة وصفها أحد المفكرين بأنها” جناية الوالد على الولد” ،وليست ملهاة عبر عنها بعضهم ب”عبث الاقدار”.