لقيت طفلة تبلغ من العمر خمس 5 سنوات، حتفها غرقا ، يوم السبت الماضي، في أحد مسابح فندق (V/P) مصنف بطريق الدار البييضاء بالمدينة الحمراء.
وحسب رواية سردتها شاهدة أم لطفل آخر، كان يسبح وقت وقوع الكارثة، اطلعت “كش بريس” على مضمونها، تقول:
“وصلنا في منتصف النهار، دفعنا رسم الدخول، 100درهم للصغار و 150 للكبار، يعني 500درهم مجموعين” ، مضيفة أن “المكان كان يعطي إحساسًا بأنه مهجور. فليس فيه الكثير من العمال؛ في المسبح كان هناك عامل مسؤول عن الموسيقى، وشخص يرتدي بدلة حارس، يبدو أنه يحرس “فوط التنشيف (المناشف) التي يقدمها الفندق لزواره، ولكن لم يكن هناك أي منقذ سباحة”.
وتحكي ذات الشاهدة، أنه “كانت بعض العائلات تسبح، آباء و أمهات مع أطفالهم، المكان يعرف بأنه مكان عائلي للسباحة “الحلال”. المسبح فيه بعض المجسمات بالماء، مثل ببغاء وتمساح وباخرة قراصنة، وهي تحجب رؤية المسبح من أوله لآخره. بدأ طفلانا بالسباحة وهما متحمسان جدًا. كنت قلقة لأني لا أستطيع رؤيتهما كلما اختفيا وراء المجسمات. حرصنا أنا وصديقتي أن يرتديا الحلقات المطاطية على ذراعيهما. ومع ذلك لم نكن مرتاحتين، فقررنا أن نسبح معهما. فيما بعد، حوالي الساعة 3:15 كنا جالستين خارج المسبح، وفجأة رأينا امرأة تخرج من الماء حاملة جسم بنت صغيرة لا يتحرك. لم أصدق عيناي، ذهبت نحوها جريًا. ظننت لعل البنت قد شربت القليل من الماء وستكون بخير. عندما وصلت عندها رأيت انها غائبة عن الوعي. بدأ البعض يضغط على بطنها وصدرها حتى خرج الماء، ثم القيء. جاءت أم الفتاة وجدتها تجريان، وكانت الأم تصرخ “ريتاج، بنتي، يالاه نوضي، عتقوني!”. بدأت الجدة تجري للفتاة تنفس اصطناعي وتنفخ في فمها. لم يكن أي شخص يعرف كيف يتصرف، كل واحد يحاول بطريقته. انحنيت عند “ريتاج” وبدأت انفخ في فمها، وشخص آخر يضغط على صدرها. رفعت عيني ورأيت السيدة الإنجليزية التي أخرجت ريتاج من الماء. سألتها: “هل فعلت هذا من قبل؟” أي الاسعافات الأولية. قالت نعم، فقلت لها تعالي، فبدأت هي تضغط على صدر ريتاج 10ضغطات، ثم أنفخ أنا في فمها”.
قلت للسيدة قولي لي ماذا أفعل؟ قالت: يجب ألا نتوقف حتى تصل سيارة الإسعاف وتحملها. أم “ريتاج” تقول “بنتي مشات ليا” وأنا أقول لها “إن شاء الله بنتك باقية حية، دعي الله يعتقها”. قالت لي الجدة “خليني نتنفس ليها” وطلبت منها أن تدعني أفعل ذلك لأن الوتيرة والحساب مهمان. لم يأت أي أحد من الفندق ليساعدنا أو حتى ليرى ماذا يحدث. بعد 20 أو 30 دقيقة سمعنا صوت سيارة الإسعاف”.
تفاجأت أنها وصلت إلى ذلك المكان البعيد نوعًا ما عن المدينة. جاء عاملان من الوقاية المدنية يحملان الحمال الطبي، ليس معهما أكسجين أو أي متاع طبي. نقلا البنت وأمها وجدتها وخالتها إلى المستشفى. لم نكن ندري في هذا الوقت هل “ريتاج” حية أم ميتة. ولذلك الحين لم يأت أي مسؤول ليتحدث معنا.
كنت في غاية الصدمة. كنت لا أزال لا أصدق ما حدث. جاءت السيدة الإنجليزية وضمتني إلى صدرها وبكينا معًا. سألتها: هل تظنين أن البنت عاشت؟ هزت رأسها بالنفي. وبعد فترة جاءنا خبر يؤكد إحساسها، أن “ريتاج” ماتت. ماتت أمام عيوننا وبيننا. كان جسمي كله يرتعش وقلبي يكاد يتوقف من الحزن.
كل الناس الذين كانوا بالمسبح انصرفوا، البعض يصرخ ويلوم الحارس والعامل… خرجنا تقريبا الساعة 4:30. وبينما نحن ننصرف كانت عائلات أخرى تأتي لتسبح. لا يمكنك أن تتصور شعوري، هل من المعقول أن أذهب أنا وأخاطب إحدى الأمهات وأقول له: احرسي أولادك، بنت صغيرة ماتت في هذا المسبح قبل ساعة واحدة.
تفاجأت هي بالخبر. ولكن الوضع كان وكأن روحًا لم تفقد في هذا المكان وقبل ساعة، كأن لا شيء قد حدث، وروح “ريتاج” لا تساوي الأرباح التي يطمع الفندق أن يدخلها في تلك العشية السوداء.
جدير بالذكر، أن حالات متكررة حدثت بفنادق مصنفة بمناطق متعددة بمراكش، راح ضحيتها أشخاص في عمر الزهور وآخرون كبارا، آخرها الرجل الضحية الذي وقع مغمى عليه في أحد فنادق طريق اوريكة، بمنطقة تاسلطانت العام الماضي، لكن لا حياة لمن تنادي.
تعود حوادث موت المواطنين في مسابح الفنادق مرة أخرى هذا الصيف، ولاشيء تغير. مشاكل حراسة المسابح وخلوها من مسعفين، وغلاء أسعار الولوج إليها، وسوء نظافتها وانعدام مراقبة المصالح الصحية والضرائب، لازالت تثير الشكوك والارتياب، في كون الفساد الإداري لازال يكبس على أنفاس المجتمع.
في انتظار إسماع صوت المكلومين والضحايا، وجميع المواطنين من قبل السلطات المسؤولة والمنتخبين البرلمانيين والجماعيين، نهمس في آذان أولئك الصامتين في مختلف مواقع المسؤولية أن يتقوا الله في وطنهم ومواطنيهم؟.