(مبعوث كش بريس إلى سيدي افني محمد مروان)
تشهد جل المدن الساحلية المغربية خلال أيام حر موسم الصيف إقبالا منقطع النظير، حيث تعج الشواطئ بالسكان المحليين وبالعديد من السياح المغاربة والأجانب، وقد كانت وجهة طاقم أفراد ” كش بريس ” هذه المرة مدينة سيدي إفني بجهة ڴلميم واد نون وسط المغرب، المدينة التي كان يسميها الإسبان في الماضي ” سانتا كروز دي لمار بيكينيا “،
ميناء المدينة
حيث تتواجد قبالة جزر الخالدات، سيدي إفني هذه اللؤلؤة الزرقاء الساحرة بجمالها المتميزة بموروث ثقافي وتنوع مجال طبيعي مرصع إكليله بشواطئ شريطها الساحلي الممتد على طول مسافة عشرين ( 20 ) كيلومتر، من أشهرها شاطئ لڴزيرة، وسيدي وارزوك، وأمي انترڴا، حيث يعتمد سكان هذه المدينة والإقليم في مصدر عيشهم على الصيد البحري والسياحة وفاكهة الصبار وزيت ثمار شجرة الأركان، كل هذا وفي إطار مهمة صحفية اختار طاقم ” كش بريس ” أن يحط الرحال بمدينة سيدي إفني المغربية، نعم، إنها فعلا جوهرة فريدة تسحر بجمالها الطبيعي الأخاذ كل زائريها، إلا أن الزمان ومع مرور السنين والأعوام بدأ يأخذ من سحرها الفاتن مأخذه، حيث صار يبدو على الكثير من ملامح مكونات بنيتها التحتية وواجهتها حروف جمال كان حتى الأمس القريب يبهر زائر هذا المكان بجهة ڴلميم واد نون، وقد أرجع العديد من سكان المنطقة مرد ذلك إلى إهمال ولامبالاة بعض المسؤولين المتعاقبين على تدبير الشأن المحلي بعاصمة إقليم
مستشفى سيدي افني
سيدي إفني، الشيء الذي عبر عليه سكان أهل المنطقة في تصريحات إلى ” كش بريس “، حيث قال عدد منهم : ” بعدما تم تحرير سيدي إفني من يد المستعمر الإسباني سنة 1969، لقيت هذه المدينة اهتماما كبيرا من حيث النهوض وإظهار مشاريع تنموية على أرض الواقع، فكانت حافزا لأبناء المنطقة وإقليم تزنيت أيضا بمن فيهم أفراد الجالية المغربية، مما جعل مدينة سيدي إفني تعرف توسعا عمرانيا ونموا ديموغرافيا متسارعا لم يسبق لهما مثيل، لكن للأسف الشديد سرعان ما توقفت كل أشغال هذه المشاريع نتيجة تقاعس مسؤولين وتقصير عدد منهم في أداء الواجب، أما المنازل التي تم بناؤها داخل أحياء المدينة فقد عرفت هجرة أصحابها بعدما قاموا بإقفال أبوابها وعادوا من حيث أتوا، وهكذا ظلت موصدة طول هذه السنين، حيث أن منها التي اتخذها طيور الحمام أوكارا لأعشاشها، ومع إقبال بعض الموظفين على السكن القادمين من مدن أخرى بعد تعيينهم بسيدي إفني، زاد الطلب على كراء المساكن، حيث كثر بشكل لافت وقل العرض فارتفعت السومة الكرائية، مما خلف أزمة في السكن لدرجة أن هناك من الموظفين من اضطر إلى السكن داخل مرائب سيارات بحي الودادية بمدينة سيدي إفني “، مشاهد من هذا القبيل وقفنا على بعض منها ونحن نتنقل بين أرجاء أحياء المدينة، حيث أكد أحد السكان، قائلا : ” أبي إنه المغربي الوحيد الذي كان يعمل مع المستعمر الإسباني في المستشفى العسكري بسيدي إفني سنة 1934، يوم كان هذا المستشفى يعد من أول المستشفيات التي كانت تتوفر
حصريا على مصعد بالمغرب، ورغم صغر أجنحته وأروقته كان يوفر كل الخدمات الصحية لجميع مرضى المنطقة، لكنه اليوم أصبح عاجزا على استيعاب مرضى ما يقارب مليونين نسمة بالإقليم، خاصة وقد صار الكثير من الناس يعانون من إصاباتهم بمرض الحصي في الكلي أو المرارة، بعدما تم تزويد المدينة بالماء الصالح للشرب من سد يوسف بن تاشفين، عكس ما كان عليه الحال حينما كان مقتصرا فقط على تزويد الشبكة العمومية بالمياه الفياضة وما تزال ببئر العين بسيدي إفني، أما ما يتعلق بالجانب الرياضي فإن الملعب البلدي الوحيد بالمدينة منذ أن جرفت مياه الفيضانات عشب أرضيته بقي إلى اليوم يشكو حاله للذي خلقه، في الوقت الذي لم تفلح فيه مندوبية الشبيبة والرياضة على طول فترة تجاوزت عشرات السنين إلا في بناء ملعب واحد للقرب بالمدينة، الإهمال واللامبالاة طالت أيضا الجانب الثقافي، حيث أنه بعدما استبشرت الطبقة المهتمة بالثقافة خيرا حينما شرع في بناء دار الثقافة بهذه المدينة، للأسف بعد مرور ثلاث سنوات من مدة أشغال بنائها توقفت فجأة، حيث صارت بنايتها مهجورة وبقيت عبارة عن خراب”، مواطن آخر صرح لـ ” كش بريس “، حيث قال : ” إن تعثر إنجاز المشاريع المقررة بهذه المنطقة، يرجع بالأساس لأحد المسؤولين الذي ذيع
صيته حتى صار يلقبونه الناس بعشرة في المائة، مما أرخى بظلاله أيضا على الجانب الاقتصادي في شتى المجالات، حيث عرف الرواج التجاري ركودا أضر كثيرا بالمدخول الفردي لكل ممتهني التجارة بهذا المكان، وزاد من حدته ما نتج عن أثر المرض القاتل الذي لحق خلال السنوات الأخيرة شجرة الصبار، وما خلفه أثر الجفاف بالنسبة لشجرة الأركان حتى أصبح ثمن اللتر الواحد يتراوح مابين أربعمائة ( 400 ) وخمسمائة ( 500 ) درهم، كما أن أزمة انتشار وباء فيروس كورونا هي الأخرى كان لها وقع كبير على حياة أسر البحارة، الذين يعتمدون بالنسبة لمورد عيشهم اليومي ما تجود به مياه بحر المحيط الأطلسي من ثروة سمكية، حيث صار أغلبهم بدون عمل لا يجدون ما ينفقون، ولم يسلم ميناء مدينة سيدي إفني من آفة الإهمال ولا مبالاة السؤولين، حيث أخذت ممرات في الشارع المتواجد بالرصيف الرابع تتهاوى أجزاء منها مشكلة حفرا عميقة تهدد بالخطر مستعملي هذا الرصيف في غياب تام للمسؤولين عن صيانة هذا المرافق البحري إلى درجة أن كل مرة يتسبب هذا في غرق قوارب الصيد أو يختات أصحابها في أعماق مياه صهريج هذا الميناء الذي يعتبر من أكبر الموانئ المغربية، وضع أرخى بظلال عواقبه الوخيمة على القطاع السياحي إما لأسباب موضوعية أوذاتية، حيث أنه رغم ما حبا به الله هذه المنطقة من درر غالية تخص شوطئ الشريط الساحلي الذي يحف بالجانب الغربي لمدينة وإقليم سيدي إفني، فالملاحظ أن الجهات المعنية لم يبدلوا أي مجهود يذكر لجلب وتنشيط القطاع السياحي بشكل يحفز السياح
على العودة ثانية إلى هذا المكان، حيث أنه ليست هناك فنادق سياحية في المستوى بالقرب من هذه الشواطئ، التي غطت رمالها أكوام من الحصي والأحجار بمختلف أحجامها انطلاقا من الشاطئ المجاور لميناء المدينة إلى آخر شاطئ بالإقليم، ناهيك عن وجود طرق جد ضيقة غير معبدة وإن كانت معبدة فقد اهترأ أو تآكل ( زفتها )، مع انعدام ولوجيات لذوي الحاجيات الخاصة، ومرافق صحية ..، مما جعل ضغط المولوعين بالسباحة والاستجمام خلال موسم الصيف، يكونون في الغالب من أبناء المنطقة على وجه الخصوص إلى حد ما على شاطئ لڴزيرة، هذا الشاطئ الذي يتوفر على أهم المكونات الطبيعية لانتعاش السياحة بالمنطقة، إلا أنه كل هذا غير كافي ما دام هو الآخر في حاجة ماسة للتهيئة وإعادة هيكلة شمولية تخدم بالأساس الجانب السياحي، مما يؤهله على غرار شاطئ مدينة أكادير حتى يكون قيمة مضافة للسياحة بإقليم سيدي إفني بجهة ڴلميم واد نون “.