بقلم: أذة. فاطمة الزهراء اشهيبة ـ
هي محاضرة في حضرة القاضي عياض وفي حاضرته، هي معلمة علمية، وترجمان أشواق، لمن “لولاه لما عُرفَ المغرب”. [i]
هي المحاضرة التي صال العباس فيها وجال، حتى خلتني لحظتئذ في بلاد الجاحظ وابن قتيبة، وصولا إلى أريج أندلس وسبتة وبلنسية وشموخ قرطبة.
خلتني حينها أني في زمن من لم يجُد الزمان بمثله: ابن التاشفين يوسف.
صال العباس وجال، تنفس بروحه السمحة المرحة، العالمة الصارمة، قرونا من تراث أمة كانت خير أمة أخرجت للناس، وستعود كما كانت ويزيد متى تشبثت بعلمها الكامن في الوحي وما دار في فلكه…
هكذا ردد العباس في غير كلل طيلة ساعتين ونصف، مقارعا زمن القاضي عيَاض وعلمه وأثره، بل مسترسلا وفي تمكن عجيب عن كيفية نطق اسم الرجل بكسر العين وتخفيف الفتح على الياء، على غير ما اعتاد الناس نطقه. وفي ثانية من زمن السفر هذا، توجه العباس بصرامة العالم العارف وبحنو المربي الوالد الحريص، إلى السيد عميد الكلية، الدكتور عبد الجليل لكريفة قائلا:
لكي يتأسس كرسي القاضي عياض على أسس متينة ومتميزة لابد من إعادة كتابة اسمه على جدران الكلية صححوا الاسم رجاء: عِــيَاض /IYAD، دون تشديد كي تحمل الأجيال التي درست وستدرس في هذه المؤسسة على الأقل اسما سليما من كل لحن أو خطأ.
وما زاد التجاوبُ السريع للدكتور لكريفة العباسَ الا بهجة، فزاد من مدى الرحلة العِياضية،
فأضحت رحلة ماتعة ما بين كتب التراجم والفهارس، ومؤلفات البرامج والأدب والنقد والتي أنعم فيها الدكتور أرحيلة النظر وأناخ راحلة علمه وما راكمه طوال خمسين سنة من البحث والتأسيس لمشروع فكري وازن، يتميز بسعة الرؤية، ودقة النقد في تراجم ورجال المغرب والأندلس وفي كل ذي همة عالية من همم العلماء…
انطلق اليوم اذن، ركب كرسي القاضي عياض بتنظيم محكم وإشراف بديع، لثلة من تلامذة العباس:
العميد الدكتور عبد الجليل هنوش، الذي أدار اللقاء بحنكة المتمرس المتكئ على معين من زمن العباس ومن زمن الكبار.
الدكاترة:
محمد بوغالي،
عبد الوهاب الأزدي
البشير الكعبة
الذين تهيأت لهم عزيمة العمل ورشد التحضير لهذا اللقاء بكفاءة واقتدار نادرين وتيسير وانخراط كلي من قبل عمادة الكلية ورئاسة الجامعة.
لم تهدأ جدوة المقتبس من غزير معارف العباس حول القاضي عياض، الا بعد ان ضرب المنظمون موعدا قريبا سيحمل الدكتور “عمالك «مشعل المحاضرة والمفاتشة المقبلة فيه، حول علم جديد من أعلام مراكش وأحوازها…
انتهى درس الأستاذ الدكتور عباس أرحيلة، وقد تهادت الي أصداء تصفيق صادق وعميق ممن حضر وتابع بكثافة، من أساتذة وباحثين وأصدقاء ومهتمين.
ثم اختتم اللقاء بتقديم شهادة تقديرية وهدية رمزية هي عبارة عن لوحة اتشحت بحروفِ أبجدية عربية المنطلق، حضارية الأفق، تقديرا لرجل جعل من كشف بعض نواميس حضارة العدْوتين: المغرب والأندلس همه وشغله الشاغل.
وإلى محاضرة جديدة في سلسلة محاضرات “كرسي القاضي عياض “
اقول وبكل عنفوان: مازال فيك يا وطني ما يستحق الانتباه.
[1]ألقى الأستاذ الدكتور عباس أرحيلة الدرس الأول الافتتاحي لكرسي القاضي عياض، الذي انطلق فعليا يوم الاثنين الثالث من ذي الحجة سنة 2045، الموافق للعاشر من يونيو سنة 2024 بكلية الآداب والعلوم الإنسانية جامعة القاضي عياض بمراكش
والقاضي عياض وأبو الفضل عياض بن موسى بن عياض بن عمرو بن موسى بن عياض السبتي اليحصبي (476 هـ – 544 هـ / 1083م – 1149م).[1][2] القاضي المالكي. والعلامة والفقيه والمؤرخ العارف بعلوم عصره. تــ سنة 544 هــ