هذا يوم عربيٌّ باذِخٌ بارد على الأكباد؛ مغتسلٌ بارد وشراب، عذبٌ عند أهل الفصاحة، حلو لدى أرباب البيان، يومٌ محمّل نسيمه بشذا اللّسان العربيّ المبين، منَسَّم بتواشيح الخلّان الخالدة، حكايا نجد، وهيام قيس في الفيافي بحثا عن ليلاه، وشغف جميل ببثينة، وكُثيِّر بعَزّته، أيّام ابن زيدون وحبّة قلبه ولّادة الأموية، والشّاعرة الفصيحة اعْتِماد وملكها المأسور المُعْتمد، والكثير من القصص التي زَانتها القوافي والأشعار، فأصبحتُ:
لا أقرأ الشِّعر خوف أن يصادفني أضحى التّنائي بديلا من تدانينا
إنَّها العربيّة؛ لغة الدّين، والفكر، والطّب، والأدب، والتّاريخ ومضارب الجغرافيا، هذه اللّغة ءانية المعلّقات والموشّحات والمقامات، هنا ابن حزم الأندلسي يخطّ طوق حمامته مستأنسا بمشكاة ضادية، وقالَة حنبل: مع المَحبرة إلى المَقبرة، والشافعي يغترفُ من سلسبيل علومها طلبا للفقه.
هاهنا أنيخُ راحلتي عند خيْمة العرب، وخِباء الحرائر الذي لا يُرام، وأطرب للأراجيز وقت الهجير، إنّها لغة المخارج الحسنة، والمرادفات والأضداد الدّقيقة، والبلَاغة الفَاتنة، والعبارات الرّائقة.
هاهو ذا يوم العربيّة، لكن أوجسُ خيفة أن يأتي علينا يوم نقول فيه بفؤادٍ فارغ: أين العربيّ!
*الكلمة ألقيت بمناسبة اللقاء التربوي والثقافي التي نظمته تنسيقية الائتلاف من أجل اللغة العربية بجهة مراكش آسفي، بتنسيق مع الثانوية الإعدادية السعادة بالأفاق، حول “اللغة العربية تتحدث عن نفسها” يوم الثلاثاء 20 دجنبر 2022