الملف الصحي في المغرب ظل يؤرق الحكومات المغربية والشعب المغربي منذ زمن بعيد، وبالرجوع إلى التاريخ القديم، فإن بناء المستشفيات كان أحد هموم الدولة. وزاد الوعي الصحي مع الظرفية الحالية والخوف من الأوبئة من هذا الاهتمام. ورغم إنشاء المستوصفات والمستشفيات، فضلا عن دور القطاع الخاص الذي لا تستطيع إلا قلة أداء تكاليفه فلازال الأمر في بدايته والمعاناة في قمتها ، ولازالت المشاكل التي يواجهها المواطن هي نفسها، ورغم ما يسمى بالرميد، والذي أثبت فشله ثم نقل هؤلاء إلى تعاضدية الصندوق الوطني الضمان الاجتماعي، فإن الأمر لم ولن يجد حلا، فالظروف المالية للجماهير وعدم قدرتها على الوفاء بمبالغ مالية شهرية رغم أنها عند البعض هزيلة، لكن لو أضيف لها الماء والكهرباء واللباس والتغذية و… و، فإن المواطن لن يستطيع الأداء أبداء وسيؤول نظام التعاضدية ـ لمو ـ إلى نفس المشاكل التي عانها نظام الرميد، فما الحل؟
الحل هو تأسيس تعاضدية عامة تنخرط فيها الأسر / الأفراد التي لا تملك نظاما تعاضديا ومواردها المالية ستتوفر من مبلغ زهيد يضاف إلى فاتورة المياه أو الكهرباء. مثلا 5 دراهم شهريا في كل حي شعبي و 20 درهم في كل حي ثري، في إطار التكافل. فلو افترضنا أننا لدينا 5 ملايين عداد ماء و 5 م كهرباء فإن 10×20 200 أي ملياري درهم شهريا ، أي أن الأمر يتعلق بملايين الدراهم كل شهر، ولو أحصينا هذه المبالغ لسنة واحدة فقط، فإننا نستطيع حسب المناطق تحويل المستشفيات العامة إلى مصحات نوعية. كما أن المصحات الخاصة نفسها ستستقبل المرضى لأن المواطن سيؤدي بالبطاقة التعاضدية التي توفرها له التعاضدية العامة، كما سيؤدى ثمن الدواء والعمليات بنفس البطاقة، ولما كان عدد المرضى لا يتجاوز 5% فإن 95 متعاضد يؤدي عن الخمسة في المائة.
وبالمقارنة فقط فإن فاتورة الكهرباء تضاف إليها ضريبة حسب الاستهلاك هي ضريبة التلفزيون، أما لو أدينا وأضفنا المبلغ المتعلق بالماء في اطار التكافل و ميزانية الوزارة وحولناه إلى الصحة فنكون قد هيأنا تعاضدية من أرفع التعاضديات في العالم، وسنبدأ بأقصى الشمال أو أقصى الجنوب، وخلال 5 أو 10 سنوات سنكون قد هيأنا المستشفيات العامة وحتى الخاصة لاستقبال وعلاج المواطنين من خلال هذه التعاضدية بمبلغ بسيط لا يشعر به المواطن / المستهلك، بل يستفيد منه صحيا. وبالتالي نضع حدا خلال أقل من 5 سنوات لهذا المشكل الذي يؤرق الجماهير المغربية إذا حسنت النوارا وتعاملنا مع المواطن باحترام وليس بشكوك وباتهام مسبق. وهو ماجرى عند وضع “الرميد” أو الإحالة على التعاضدية أو اختصاراً (لمو)، مما أدى وسيؤدي إلى فشلها نتيجة انعدام الثقة، وكون “النخبة” التي تتوفر على المال و متعلمة هاجرت سكنى الشعب ومستشفياته وقاعات التعليم فأصبحنا بدون أن نعي : مجتمعان متناقضان في مجتمع واحد .