تعود فصول النزاع الهندي إلى سنوات 1958-1962 ، عندما نشب الخلاف بين البلدين الكبيرين حول المناطق الحدودية بينهما، حيث استولت الصين على 35000 كلم2 ادعت أن الاستعمار الانجليزي الذي هيمن على المنطقة خلال القرون الماضية لاستقلال الهند 1947، وسيطرة الحزب الشيوعي الصيني على مقاليد السلطة 1949. ولم تكتف الصين بذلك فلا تنفك تطالب بأجزاء ضخمة من ولاية أرونال براديش الهندية، والخرائط الهندية لا زالت تحمل الأجزاء المقتطعة من الصين في حرب 1962. وكان الانفجار النووي الذي قامت به الصين في 1964 إيذانا بِبَدأ البرنامج النووي الهندي عندما فجرت الهند قنبلتها النووية في 1974، وقد أكدت الراحلة أنديرا غاندي 1927-1984 أنها قنبلة من أجل السلام بمعنى أن العقيدة النووية للهند تتلخص أن قنبلتها ستؤدي إلى إيقاف الحروب مع الصين على الأخص، وبالتالي يسود السلام؛
هذا ويمتد الصراع بين البلدين في مختلف أنحاء العالم خاصة في افريقيا وفي مختلف المنظمات الدولية، فقد عارضت الصين تزويد استراليا بغواصات نووية معتبرة ذلك انتهاكا لمعاهدة عدم انتشار السلاح النووي الموقعة في 01-11-1968، بينما تدخلت الهند عن طريق وفدها، واعتبرت أن هذا المشروع لتزويد استراليا يتعلق بغواصات نووية تحمل السلاح التقليدي وسحبت بكين المشروع في 30-09-2022 كونها أدركت أنه سيفشل نظرا لاتفاق المجلس الذي تؤثر عليه الولايات المتحدة الأمريكية الذي وافق على تقييم منظمة الوكالة الدولية للطاقة النووية بكون الاتفاق غير خارق لمعاهدة 1968. علما أنه قد سبق لألمانيا أن زودت الكيان الصهيوني بثلاث غواصات تسير بالطاقة النووية كسابقة في هذا الصدد، ويبدو أن الخلاف يعود إلى اتفاقية 2008 بين دلهي وواشنطنالتي بموجبها كانت واشنطن ستقوم بمساعدة الهند فيما يتعلق ببرنامجها النووي السلمي للطاقة، وقد حلت طوكيو محل واشنطن، حيث يقوم الخبراء اليابانيون بإعادة هيكلة البرنامج النووي الهندي المدني.
هذا وتعتبر افريقيا إحدى مناطق الصراع بين البلدين، ذلك أن الشركات الصينية التي سيطرت على اقتصاديات بلدان عديدة من افريقيا وزودتها بقروض ضخمة. تواجه هذه الشركات والحكومة الصينية مشاكل عديدة في استردادها نتيجة كونها تحولت إلى الاستهلاك بدل الاستثمار، وهذه الشركات تقوم باستقدام العمالة الصينية بدل استخدام العمالة الإفريقية غير المهرة، مما يزيد من مشاكل هذه الدول الإفريقية، وتعمل الشركات الصينية بمثل الكيفية التي تعمل بها الشركات الغربية، إذ البعد الاجتماعي والاقتصادي مفتقد ومختلف عن العمل الذي كانت تقوم به الصين في فترة ماوتسي تونغ 1949-1976، إذ أنها تستعمل نفس الممارسات التي تقوم بها الشركات الخاصة، وهو أمر لا يناسب الصين في أعين الجماهير الإفريقية التي تنظر بأسى إلى ماوصلت إليه العلاقات بين دول إفريقيا والصين التي تواجه مشاكل عديدة في استرداد الديون والتي تنازلت أحيانا عن أقساطها، حيث تستثمر في افريقيا حوالي 200 مليار دولار، وترافق أعمال هذه الشركات فرق أمنية في جميع المواقع الزراعية ومشاريع البناءات، نظرا لما تعرفه بعض الدول الإفريقية من انفلات أمني، وهو ماينظر له البعض ويقارنه بفترة استعمار المنطقة من طرف الدول الغربية، حيث كانت الجيوش ترافق الشركات، والهند نفسها وأجزاء من الصين واندونيسيا احتلت عن طريق شركة الهند الشرقية المؤسسة في 1600، التي كانت ترافقها الجيوش. وتحاول الصين عبر إعادة الحياة إلى طريق الحرير إدماج هذه الدول في منظومة هذا الطريق، فهل تنجح؟ علما أن مخطط طريق الحرير يواجه بعداء من طرف الغرب خاصة واشنطن سواء على المستوى ا لواقعي أو الافتراضي، لقد بدأت بعض الشركات الأمريكية والأوروبية عامة مغادرة الصين أو قطع العلاقات التكنولوجية منها عملاق التكنولوجية الأمريكية “جوجل” و “ميكروسوفت” وغيرها التي غادرت الصين أو خففت من الحد الأدنى من التعامل معها مع انتشار المرض أو بادعاء انتشار كوڤيد.
*باحث وأديب