‏آخر المستجداتلحظة تفكير

*عبد الله العلوي: حياة الماعز ونظام الكفيل

أثار الفيلم الهندي حياة الماعز ضجة هائلة في المواقع والصحف، والفيلم منقول عن رواية كتبها روائي هندي في 2008 يدعى بنيامين، وأخرجه للسينما المخرج بي ليسي، ووضع موسيقاه عبد الرحمان رحمان الموسيقار الهندي الشهير، واستغرق تصويره 4 سنوات، وصدر بلغة “مالايام” وهي لغة ولاية كيرالا، ذلك أن الهند تتألف من 28 ولاية و 7 مناطق اتحادية تتبع  الحكومة المركزية في دلهي، ولكل ولاية برلمانها وحكومتها وحاكم تعينه رئيسة الجمهورية، وأحيانا لكل ولاية لغتها الخاصة، وهناك 24 لغة وطنية في الهند، والهندية لغة فدرالية، والانجليزية لغة النخبة والبنوك والإدارة ولغة “مالايام” هي إحدى اللغاة الهندية التي تنطق بها ولاية كيرالا وعدد سكانها حوالي 100 مليون نسمة، ويشكل المسلمين ربع سكانها، وهي من أخصب مناطق الهند، والمشارقة العرب لهم طرفة عن لغة “مالايام” هي أنها لغة “مالا أعلم”.

 وكيرالا إحدى المراكز السينمائية الكبرى في الهند ، مثل: شيناي –مدراس سابق- ومومباي –بومباي سابقا- وكلكوتا وحيدر أباد، لكن بومباي أو بوليوود هي المعروفة عالميا رغم أنها لا تنتج إلا جزءا يسيرا من ألف فيلم سينمائي تنتج سنويا في الهند، وفيلم “حياة الماعز” المالايامي يتكلم عن نظام الكفيل في المملكة العربية السعودية، وبالضرورة في الخليج العربي وهي إحدى طرق الريع، فهو أشبه بمأذونية تمنح للمواطن لجلب عمال أو خدم للعمل في معمله أو مزرعته أو منزله، لكنها تطورت إلى كون البعض يستغل هذا الحق بجلب عدد من العمال من القارة الآسيوية ونزع وثائق السفر، ويفرض عليهم أداء مبالغ مالية يومية أو شهرية بالعمل في أماكن أخرى أو لدى أشخاص آخرين، وهي إحدى الطرق المتبعة في الخليج العربي من طرف الكفلاء والذي أدى إلى انتشار هذه الطرق من أجل تسلم مبالغ مالية بدون القيام بأي مجهود، كما أنها أدت إلى نشر البطالة في وسط المواطنين، إذ أن الكفيل يفضل جلب الأجانب الذي يربح منهم بدل “سعودة” الوظائف، وهو البرنامج -أي السعودة- التي أعلنتها الحكومة السعودية  في رؤية 2030 التي أعلنها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لإعادة هيكلة الاقتصاد السعودي، ومن أهم العراقيل التي تواجه رؤية 2030 “نظام الكفيل”، إذ أن هذا النظام يعرف انتشارا واسعا، واستفادت منه فئات اجتماعية مهمة داخل رجال الأعمال والمواطنين، وأصبح جلب العمال بهذه الطريقة فرصة للإثراء ومسألة بنيوية في المجتمع الخليجي، ورؤية 2030 تفرض إزالة كل معوقات الاقتصاد خاصة نظام الريع، وسعودة الوظائف خصوصا أن ثلثي الشعب السعودي شباب ويعانون من البطالة، لذلك فإن لتهييئ رؤية 2030 تم التأكيد لهيئة رسمية للترفيه، وإعادة فتح القاعات السينمائية التي كانت قد أغلقت في 1981 مع تأسيس مهرجانات للأغاني والسينما، لذلك جاء فيلم حياة الماعز الذي مولته مؤسسة الترفيه السعودية لأن نظام الكفيل يحتاج إلى هزة إعلامية وفنية وحتى عالمية من أجل تهييئ الظروف الاجتماعية لتهييئ قرار سياسي واقتصادي بالضرورة لإلغاء أو لتعديل نظام الكفيل تدريجيا في أفق القضاء عليه خلال رؤية 2030.

وقد تم التركيز في الفيلم على معاناة العامل الهندي -الآسيوي عامة- الذي يؤدي مبلغ ضخم لشركات العمالة في البلد الأصلي، وبعد حضوره إلى بلد العمل يعاني مر المعاناة، والفيلم يؤكد على أن بطل الفيلم اختطف من طرف شخص ليس هو الكفيل أصلا، وأن مواطن سعودي أنقذه في الصحراء ونقله إلى المدينة ثم إلى المستشفى، وأن السلطات اتخذت كل ما يلزم لمساعدته، وأن الشخص الذي عذبه والذي يظهر في نهاية الفيلم ليس إلا مختطفا له وليس كفيله، كما أنه صور في الأردن، والأردن لن تسمح لفيلم يهاجم السعودية بالتصوير في أراضيها، ويبدوا أن الحكام في السعودية صاروا أكثر براغماتية ولن يرتكبوا خطأ اسطمبول بعد الآن.*باحث    

‏مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


Back to top button