‏آخر المستجداتلحظة تفكير

عبد الله العلوي*: هجرة الأثرياء

تتركز الأنظار والأبحاث وحتى الأخبار الرائجة والتي تبثها وسائل الإعلام حول الهجرة، على هجرة الفقراء خارج البلاد، بسبب البطالة أو البحث عن مكان أو شغل أفضل حسب رأيهم أو الفرار لسبب ما. وقد تطور هذا النوع من الهجرة إلى ما يشبه الجريمة أو هو الجريمة ذاتها، نظرا لدخول عصابات ووسطاء نصابين يمتهنون أو يدعون قدرتهم على تهجير الراغبين مقابل مبلغ مالي إلى أوروبا تحديدا وأحيانا إلى كندا أو أي بلد.

لكن هجرة الأثرياء لا يلقي عليها الضوء نهائيا لسبب أو لأسباب ما، فالأغنياء في المغرب الذي ازداد عددهم في السنوات الماضية، منهم من هاجر نهائيا وأغلبهم هجرتهم تتركز لأهداف ومزاعم:

  • أولا: التجنيس بإحدى الجنسيات الغربية الفرنسية غالبا.
  • ثانيا: امتلاك إقامة ما في هذه البلدان بشراء بيت أو إقامة.
  • ثالثا: البحث عن عمل كطبيب أو مهندس أو أستاذ أو مستثمر.

ومفهوم الثري: يحدد إما في كون الشخص يملك على الأقل مليون دولار أو أورو، أو يتوفر على مهنة يستطيع من خلالها اكتساب مكانة اجتماعية ومالية مرموقة آنا أو مستقبلا في بلد الهجرة.

والأثرياء تبدأ هجرتهم من خلال الأبناء الذين ينتقلون للدراسة، إذ أن الأبناء في الأغلب يسبقون الآباء الذي هيئوا قَبلُ السكن، ونظرا للجوار الجغرافي فإن الخط لا ينقطع بين “العدوتين”، ويبرر الأغنياء هجرتهم بالنظام الصحي في بلدان الهجرة وتوسع الاستثمار لمحافظهم المالية وجزء مهم منهم متزوج بأجنبيات، أو هو أصلا ابن أجنبي أو أجنبية مما يسهل حصولهم على الجنسية والإقامة الدائمة في بلد المهجر مع استغلال القوانين المغربية التي لا تلغي الجنسية للمتجنس بجنسية أجنبية، ولا تشترط التنازل عنها ولا تشترط الإذن بطلب الجنسية الأجنبية حتى، لأن الظاهرة كبرت ولم تعد الدولة تستطيع مقاومتها، فأغلب العناصر التي تضع المراسيم هي من هذا الصنف، فالفئة /الطبقة الاجتماعية التي تقود الأجهزة الحكومية / الإدارية، أولها تمثيلية أو حضور في هذه الأجهزة تمتلك الجنسية الأجنبية، وفي عالم الاقتصاد فالعملة الجيدة تطرد العملة الرديئة مع وجود الفارق.

وخطورة هجرة الأثرياء تمتد إلى تهجير الأموال، فضلا عن تهجير الكفاءات، وكلا الصنفين كلفا الدولة ويكلفها أموالا طائلة، فضلا عن الجهد التربوي والتعليمي خصوصا أن قدرة الدولة على تحمل هذه الهجرة لا تُحتمل اقتصاديا وماليا، فمثلا في الصين هاجر خلال ال 10 سنوات الماضية حوالي 20 ألف صيني من الأثرياء، لكن قدرة الاقتصاد الصيني على تحمل هذه الهجرة قوية وغير مؤثرة، في حين أن هذه الهجرة بالنسبة لبلد نامي مكلفة، فضلا عن كون الأثرياء لا يحولون أموالهم نحو البلد الأصلي مثل العمال أو المهاجرين من الفقراء الذين ظلوا يساندون أهاليهم في البلد الأصلي،. فالثري يأخذ معه الأسرة فلا يبقى له في البلد الأصلي سوى أجر التقاعد، والدولة يجب أن تعتمد نظاما اقتصاديا وماليا وقانونيا يمنع الهجرة ككل، وذلك بإيجاد الشغل وتهييء البنيات الأساسية لربط المواطن ببلده، وعلى مستوى هجرة الأثرياء فالوضع معقد كون هؤلاء الأثرياء تمكنوا من التغلغل في إدارات الدولة ووضع قوانين لصالحهم، مما يشكل خطورة على النسيج الاجتماعي/الاقتصادي للبلد، مما يحتم وضع قوانين صارمة حتى لا يستفيد المهاجر الثري مرتين وأحيانا ثلاثة؛ فمثلا التجنس بجنسية أجنبية يجب أن يخضع لموافقة مسبقة من الدولة، والحرمان من الجنسية الأصلية في حال لم توافق القوانين الداخلية على الجنسية الأجنبية وكل من حمل السلاح في بلد أجنبي تنزع منه الجنسية الأصلية وهو الأمر الجاري به العمل في الولايات المتحدة الأمريكية مثلا مع وضع رقابة مالية تمتد إلى بلد الإقامة للمتجنس لأن أغلب الأموال هربت من البلد الأصلي، إذ نادرا ما يصبح المهاجر الثري غنيا بأموال بلد الهجرة، فالأموال عادة اكتسبت أو هُرِّبت بطريقة غير قانونية من البلد الأصلي، ومما يؤكد هذا أن الحكومة المغربية طالبت هؤلاء الأثرياء – بما فيهم المقيمين جزئيا- بإرجاع هذه الأموال.

*باحث

‏مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Back to top button