كتب: عبدالرحيم الضاقية ـ صدر حديثا عن مؤسسة باحثون للدراسات والأبحاث والنشر والاستراتيجيات الثقافية ترجمة لكتاب د. عبد الله بوصوف الأمين العام لمجلس الجالية المغربية بالخارج بعنوان« في مواجهة المرآة : مرافعة من أجل سياسة عمومية لصورة المغرب » . ومن عمق انشغاله التاريخي والانثروبولوجي والديني اختار الباحث أن يغوص في تفاصيل مواجهة المغرب كعمق ثقافي وتاريخي وهوياتي مع صورته لدى الآخر المتعدد من أجل رسم صورة ما أسماه «السمعة » التي تعتبر انهمام وانشغالا كبيرين ، لكنها تنطوي على سيرورة تكريسها والترويج لها على مخاطر ارتدادية لا سيما ذات طبيعة سياسية قد تعصف بكل المستودع الرمزي الذي بنته الأمة على مدى تاريخها الغني . إن هذه المقاربة اللاكانية Lacan التي اختارها الكاتب بوضع المغرب أمام المرآة مع كل ما تحمله هذه الصورة المنعكسة من أخطار على الذات والآخر تعتبر مجازفة وجرأة بحثية كبيرة . وفي إطار موضوعة التحليل النفسي الذي تحيل عليه المرآة يفصح بوصوف عن وضعية «الخجل» الذي ينتاب الذات في صيغة خطاب من الصورة المنعكسة في مرآة مكسرة جزء منها مشرق وواعد ، وجزء قاتم يسجل تراجعات وتناقضات ووهن . أثناء تحليله لهذه الصورة يوظف الكاتب ترسانة فكرية واقتصادية تمتح من مرجعيات رصينة تحاول إعادة تشكيل صورة ما للمغرب توجد في أذهان كل من يحاول وضعه أمام المرآة بمنطق سيميائي يركب مكوناته الحضارية والجمالية والتاريخية الضاربة في عمق حضارة غنية بمكوناتها الشرقية والغربية والشمالية والجنوبية . بدأ بوصوف كتابه بمرجع اركيولوجيا المعرفة لميشيل فوكو ( ص 13) وختمه بمرجعيات التاريخ الأنتروبولوجي للمغرب ( ص 191) ولعل هذا المسار الافتراضي الفكري هو الذي يرسم صورة تقريبية لمجال انشغال الكتاب والكاتب ، ويعطي فكرة على مضمون الكتاب الذي يبقى عنيا ويطرح قضايا السياسة والاقتصاد والتواصل والسميولوجيا بطريقة ذكية تستحضر عمق وتجربة الكاتب وعصارة تفكيره على مدى عقود .ويقول د. عياد أبلال في مقدمة ترجمته لهذا الكتاب «أن انشغال بوصوف وانهمامه بالهوية المغربية في تعددها وتنوعها المرجعي يستوي في هذا الكتاب صناعة للقوة الناعمة لمغرب الغد »وهي شهادة قوية من مترجم غاص في ثنايا النص وعمل على منحه حياة جديدة . يتوزع الكتاب إلى ثلاثة أجزاء مقسمة إلى فصول :
- الجزء الأول – المغرب كما هو في مواجهة الزمن ” الوحدات الضوئية “للصورة الدائمة المتعالية ؛
- الجزء الثاني – صورة المغرب في النظرة المسموعة للآخر ؛
- الجزء الثالث – ما السياسة العامة للصورة النموذجية ؟
يذكر أن د. بوصوف حاصل على الدكتوراه من جامعة ستراسبورغ سنة 1991 وصدرت له عدة كتب منها : الإسلام والمشترك الإنساني – والغرفة 305 مخاض الولادة الثانية – والصحراء المغربية من يملك الحق يملك القوة إضافة إلى مقالات ودراسات منشورة بعدة لغات في مجلات مختلفة .أما المترجم فهو باحث في علم الاجتماع وانتروبولجيا الثقافة وحاصل على الدكتوراه في تاريخ الأديان وله عدة مؤلفات في مواضيع متنوعة . ويحتوي الكتاب على تقديم المترجم وتوطئة وخاتمة وبيبليوغرافيا غنية ويقع في 201 صفحة من القطع المتوسط .