(كش بريس/العزيزي اللمتوني) ـ في إطار الاستعدادات المكثفة لاستضافة كأس العالم، شهد المغرب تحولات كبيرة تهدف إلى تحسين البنية التحتية وتطوير المناطق الحضرية. إحدى أبرز هذه التحولات كانت الجهود المبذولة للقضاء على البناء العشوائي ودور الصفيح التي تشوه المنظر العمراني وتشكل عائقا أمام التنمية المستدامة.
أفادت مصادر عليمة أن وزارة الداخلية قامت مؤخرا بإعفاء رئيس الدائرة الحضرية لأصيلة بعد تقارير تفتيشية خاصة أظهرت وجود اختلالات كبيرة في قطاع التعمير. هذه الخطوة تأتي بعد تقارير سابقة تتعلق بانتشار البناء العشوائي في منطقة قصر المجاز، حيث تم دك العديد من البنايات غير القانونية، بما في ذلك بنايات فاخرة تعود لأطباء وأباطرة المخدرات ونافذين في طنجة.
تتلقى مصالح الولاية العديد من الشكايات المتعلقة بالبناء العشوائي، وهو ما دفع السلطات إلى اتخاذ إجراءات حازمة. من المتوقع إصدار حزمة قرارات إعفاء جديدة ضد بعض المسؤولين والقياد في طنجة بسبب التراخي في مكافحة هذه الظاهرة. تنتشر ظاهرة البناء العشوائي في بعض الأحياء مثل قصر المجاز وأصيلة، مما يشكل تحديا أمام الجهود الحكومية الرامية إلى تأهيل المدينة استعدادا لكأس العالم.
قامت مصالح الداخلية في طنجة بعمليات هدم واسعة للبنايات العشوائية في مناطق مثل العوامة، مغوغة، وبني مكادة. هذه العمليات جاءت كرد فعل على الانتشار الكبير للبناء غير القانوني، والذي أدى إلى استدعاء كافة رجال السلطة لتحذيرهم من مغبة التغاضي عن هذه الظاهرة. يتمثل جزء كبير من المشكلة في لوبيات البناء العشوائي التي تستغل الثغرات القانونية وتستمر في تشويه المنظر العمراني للمدينة.
لم تقتصر ظاهرة البناء العشوائي على طنجة فقط، بل تغولت بالمدينة السياحية مراكش والمدينة الاقتصادية الدار البيضاء.
في مراكش، ازدادت حالات البناء غير القانوني في بعض الأحياء الشعبية إلى درجة أن بعض السكان قاموا ببناء دعامات حديدية وأخرى اسمنتية لاستخراج مقاهي من دور سكنية في شوارع رئيسية ، مما يسهل احتلال الملك العمومي أمام أعين السلطات المحلية. أما في الدار البيضاء، فقد تفاقمت الظاهرة في بعض المناطق الفقيرة والمهمشة، ما دفع السلطات إلى تكثيف جهودها للحد من هذا الانتشار وضمان احترام القوانين العمرانية.
رغم أن العديد من السلطات المحلية بمراكش بادرت بالتصدي لاحتلال الملك العمومي وللحد من فوضى البناء العشوائي، إلا أن تقاعس السلطات في مناطق أخرى يشجع بعض المواطنين على ترسيخ هذه الظاهرة. يؤدي هذا التراخي إلى تغيير واجهات المنازل والعمارات وفتح أبواب محلات تجارية دون احترام التصاميم الهندسية المعتمدة، مما يزيد من تشويه المنظر العمراني.
البناء العشوائي والبحث عن الثراء السريع ساهم بكل قوة في ظهور موزعين سريين بمنطقة أسكجور بالمحاميد يمتهنون الترامي على أراضي الدولة والأراضي السلالية، خلقوا علاقات مشبوهة مع بعض المنتخبين ورجال سلطة فاسدين لتسهيل البناء العشوائي من أجل الاستفادة من ريع التعويض السكني كلما أتيحت لهم الفرصة، الشي الذي جعل منهم اثرياء جدد يصعب اجتثاتهم من دواوير اصبحت تحمل أسماءهم.
رغم جهود الحكومة في القضاء على البناء العشوائي ودور الصفيح، لا تزال هناك تحديات كبيرة تتعلق بانتشار هذه الظاهرة، مما يخلق تشوها عمرانيا ويسبب قلقا كبيرا للمصالح المختصة. ومع استعداد المغرب لاستضافة كأس العالم، يصبح من الضروري مضاعفة الجهود لمكافحة هذه الظاهرة وضمان بيئة عمرانية سليمة ومستدامة. وذلك بتعزيز الرقابة وتطبيق القوانين بصرامة، إلى جانب توفير بدائل سكنية مناسبة للمواطنين ذوي الدخل المحدود.
تشكل هذه الجهود خطوة هامة نحو تحسين البنية التحتية وتعزيز التنمية المستدامة في المغرب قبيل تنظيم كأس العالم.
ومن واجب الحكومة الاستمرار في مراقبة تنفيذ المشاريع وضمان استدامتها لتحقيق الأهداف المرجوة وتحسين جودة الحياة لجميع المواطنين، مع الضرب بيد من حديد على كل من سولت له نفسه غض الطرف عن البناء العشوائي واحتلال الملك العمومي في كل من مراكش والدار البيضاء، كما وقع في طنجة، استعدادا لاحتضان التظاهرات الرياضية والثقافية، خصوصا تنظيم كأس العالم.