(كش بريس/ايت احماد) ـ تعيش ساكنة دواوير ايت احماد تيزي ايت ايزكار الواقعة في النفوذ الترابي لجماعة التوامة بإقليم الحوز (ضاحية مدينة مراكش75 كلم) عزلة وتهميشا مريعا، زاد من وحشيته وتسلطه على العباد وعورة المسالك الطرقية، وشح المياه وانعدام تنمية قادرة على صون كرامة المواطنين، بما فيها تلك المرتبطة بالفلاحة وتربية المواشي.
متاهة صعود الجبل إلى قرية ايت احماد
عبر منعرجات صعبة وتحت لفحات شمس حارقة، عبرنا طريقا ممتدة من مركز التوامة في اتجاه قرية ايت احماد، حيث بدا عبد الرحيم (مقاول شاب من ايت احماد) مستعدا لسرد تاريخ القرية وأحوال ناسها، واصفا أوضاعها بغير قليل من السوداوية ونفض الغبار.
وفي توقفات خلال الطريق إياها، يحاول عبد الرحيم سحبنا إلى بعض شقاوات الطريق التي أصبحت فعلا يوميا مأساويا ومؤلما لمستعمليها، حيث لا اختيار ولا منفذ سواها، من أجل استمرار الحياة.
قال المتحدث، إن الطريق المتحورة عبر ركامات الصخور الجلية الحادة، والحفر التي عرتها عوامل الطبيعة، تمارس طقوسها الوحشية لتنال من الأمازيغي الصبور في ايت احماد. مستدركا أن سواعد الشباب والكهول وحتى الأطفال بالقرية، لم تنل من الطريق بعد جهود بدلت لترميم ما حطمته الطبيعة خلال عقود مرت.
وأضاف عبد الرحيم متألما :” أن المجالس الجماعية لتوامة المتنعاقبة لم تفعل شيئا سوى الوعود الكاذبة واستنزاف آمال الساكنة” و”أنه حان الموعد لإعادة تدبير ملف هذه الطريق وإصلاحها وإخراج ساكنة الدواوير المحيطة بها من العزلة والفناء”.
ايت احماد .. خدمات أساسية معاقة
فوق ربوة شاهقة تتلصص على أنحاء توامة، وعلى مرمى نظر من كل جهاتها، تأخذك العيون التيهانة إلى مشاهد وصور غاية في الروعة والجمال. فالأمداء هناك تصيخ إلى مسامع الوجود، وتمنحك فرصة لتدوير بعض من خيالاتك أو تسابيح روحك وهي تقبض على الهارب، وتلح على الانسجام والأتون الصامت.
وخلال ذلك كله، تتداعى خطواتك، ترمق أطفالا في عمر الزهور وهم يتمايلون يمينا وشمالا، متلاطمين بعفوية لا متناهية. وتتسمر بذهول عندما تكتشف أن بناية صغيرة من إسمنت، وقد تهدمت جنباتها وصارت في عداد الأطلال، هي جزء من البنية الأساسية لتعليم أبناء المنطقة، وأن البناية المقابلة لها، والتي تضم ثلاثة أقسام (لتدريس السنوات الأول والثاني والثالث والرابع والخامس والسادس مختلط)، هي فقط القدر المقدور لساكنة يفوق عدد ساكنتها (45 كانون).
وصرح أستاذ ل”كش بريس” خلال الزيارة، أن الأقسام المختلطة كما هو معلوم لاتؤدي أدوارها التربوية كما يجب، وأن عملا شاقا للمؤطرين التربويين لا يكاد يؤتي أكله، في ظل قلة الموارد البشرية وصعوبة المجال. مضيفا أن الهدر المدرسي في المنطقة يشهد ارتفاعا متواصلا بسبب العزلة وصعوبة الطريق وهشاشة المجتمع.
أما الخدمات الصحية فحدث ولا حرج، فلا وجود للمركز الصحي سوى بالسفر عبر الطريق إياها، في اتجاه مركز توامة. بمعنى أن حياة الأمهات الحاملات أو الحالات المستعجلة، تتربص بها المخاطر والحتوف، و(الحافظ الله)؟.
جمعية تالبورت للتنمية ايت احماد .. مطالب وطموحات
تشرف جمعية تالبورت للتنمية بقرية ايت احماد على تنظيم إدارة وتوزيع مياه (البئر/الشاطو) على دور القرية وساكنتها، بالإضافة إلى تكريس ثقافة التضامن بين الناس والتحسيس بأهمية الانخراط في العمل الجمعوي والتطوعي.
وتطالب الجمعية بفك العزلة عن منطقتهم، وإعادة النظر في طريقة تدبير مفهوم التنمية المحلية، مع الاهتمام بوضعيات الشباب والشابات، من الذين يتابعون دراستهم في المدارس والجامعات.
وفي هذا الإطار قال رئيس الجمعية السيد لحسن ايت القاضي، “إن المنطقة تحتاج إلى فك العزلة، عبر إصلاح الطريق الوعرة ايت احماد تيزي ايت ايزكار، التي تفوق 7 سبع كيلومترات”، وهي “خطوة أساسية لإعادة الروح إلى الساكنة، التي تعاني صعوبات فائقة في العيش والكرامة”.
ووجه ايت القاضي رسالة إلى السيد رئيس جماعة توامة بهذا الخصوص، مناشدا إياه إدراج الطريق في مخطط إصلاح وتجهيز الطرقات وفقا لبرامج الجماعة، حتى يتمكن الأهالي من تشجيع التمدرس والحد من آفة الهدرس المدرسي.
وأكد رئيس جمعية تالبورت، في ذات السياق على أهمية انخراط أبناء المنطقة وممثليها الجماعيين في تنمية الجماعة وساكنتها، ومن ضمنها ايت احماد التي لازالت تعاني من مشكلة رئيسية، هي الطريق السابق ذكرها، والتي تمنع أي بادرة للتنمية أو النهوض بحاضر ومستقبل التوامة عموما وقراها وبواديها النائية بشكل خاص.